Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

اسعار النفط، واوي حلال.. واوي حرام

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:03 - 09/02/2016 - عدد القراء : 1755

انخفاض اسعار النفط.. اقتصاديات محمية، واقتصاديات مكشوفة

يبرر انخفاض اسعار النفط بفائض العرض، وهذا امر صحيح.. اذ بلغ العرض العالمي95.16 مليون/برميل/يوم في كانون الثاني 2016 ، بينما بلغ الطلب العالمي 93.64 م/ب/ي، وان الفائض 1.52 م/ب/ي، اي 1.56%، علماً ان الزيادة الطبيعية السنوية للطلب تدور حول 1.5 م/ب/ي.. لكن قضية العرض والطلب ليست مجردة او مطلقة بل نسبية. فهناك عوامل اخرى لها تأثيرات مباشرة ايضاً، خصوصاً ما يسمى بمرونة السلعةElastisty،وهيكليات السوق من حيث طبيعة الاقتصاد الراعي للسلعة، او من حيث كون السوق هو سوق بائعين او مشترين، وترقبات المستقبل والاكتشافات والتكنولوجيات الجديدة، وعوامل الخوف والمضاربة، الخ. ولعل الامر الطبيعي هو ان يكون العرض اكثر من الطلب. وان جميع المدارس الاقتصادية الكلاسيكية كانت “اقتصاديات انتاج”، خلافاً للمدرسة”الكينزية” بعد الحرب العالمية الثانية التي بدأت بالتركيز على الطلب و”اقتصاديات السوق”.
نعم هناك فائض انتاج، او انخفاض طلب، لكن هذا لا يفسر وحده هذا الانخفاض السريع والكبير في اسعار النفط..خصوصاً عندما نعلم بان النفط كسلعة يعتبر ضعيف المرونة inelastic، بمعنى ان الاستغناء عنه صعب، وان ارتفاع سعره لا يدفع للعزوف عن شرائه،كما ان الذهاب الى البدائل ليس بالامر السهل.فلنأخذ امثلة للعرض والطلب كالحبوب. فحسب تقديرات كانون الثاني الماضي للعرض الكلي العالمي لعام 2015 فانه كان 3027.17 مليون طن متري، بينما الاستهلاك او الطلب هو 2460.67 م.ط.م، وان الفائض هو 566.52 م.ط.م، اي 18.7% من الانتاج.. وبالنسبة للحنطة لنفس الفترة فان العرض هو 948.18م.ط.م. والطلب هو 716.14 م.ط.م. وان الفائض هو 232.04 م.ط.م، اي 24.4% من الانتاج… وبالنسبة للرز فان العرض هو 573.97 م.ط.م. بينما الطلب هو 484.27 م.ط.م.، وان الفائض هو 89.70 م.ط.م، اي 15.6% من الانتاج.والقطن 213.62 مليون بالة (وزن lb480) والطلب 110.94 مليون بالة، والفائض 102.86 مليون بالة، اي 48.1% من الانتاج. بينما الفارق بالنسبة للنفط اقل من ذلك بكثير كما اوضحنا اعلاه.. فلماذا ينخفض سعر النفط بهذه السرعة، والمعدلات، وهو الضعيف المرونة؟ بينما لا تنخفض اسعار هذه السلع (او غيرها) الا قليلاً، بل هي ترتفع احياناً، حتى مع وجود الفائض.. وهي السلع ذات مرونات متوسطة، وحتى مرتفعة. فانتاج السيارات، مثلاً، ارتفع خلال (2002-2012) من 41 مليون سيارة سنوياً الى 63 مليون سنوياً اي بنسبة 52%، بينما ارتفع انتاج النفط 16% فقط للفترة نفسها.. فلم تنخفض اسعار السيارات، بل ارتفعت، بينما تعرضت اسعار النفط لتقلبات الارتفاع والانخفاض الحادين.
نعم يلعب العرض والطلب دوراً مهماً في تحديد الاسعار، لكن النفط وحده يكاد ينفرد بهذه التقلبات المفرطة.. فلا يحدث ان الـ”مارسيدس” او الـ”شفروليت” التي قد تباع في فترة ما بـ50 الف دولار مثلاً، ستباع بنفس مواصفاتها بـ10 الف دولار خلال اشهر او اسابيع.. او ان طن الحنطة الذي قد يباع بـ400 دولاراً، سيباع بـ80 دولاراً، وقس على ذلك.
بل تؤكد الاحصاءات ان اسعار النفط عندما ترتفع، فانها غالباً ما تكون ارتفاعاً اسمياً، وهو امر تشهده الكثير من السلع، لكن حالة النفط شاخصة والفوارق عظيمة. مثال: كان سعر النفط 33.97 دولار/برميل عام 1980، وهذا يعادل بـ”الاسعار الثابتة” 84.7 دولاراً/برميل باسعار 2007، التي كانت  (67.70 دولاراً/برميل، للثابتة)، و(68.13 دولار/برميل، للجارية).
لذلك نقول ان تفسير ظاهرة التقلبات الكبيرة والسريعة لاسعار النفط لا تتعلق بالعرض والطلب فقط.. بل باحد اهم مصادر الطاقة التي هي اليوم من اخطر واهم السلع الاستراتيجية. فهناك اقتصاديات محمية، واقتصاديات مكشوفة.. وهجوم وهجوم مضاد.. وعوامل بنيانية وهيكليات الاسواق الخاصة بالنفط، وتحولات تكنولوجية قد تكون تاريخية اربكت الاسواق، او اجرت تعديلاً كبيراً على استراتيجيات النفط والخزن والتسويق وتركتها امام مجهول، لم تتوضح كامل مساراته بعد. مع قناعتنا بان “اقتصاديات السوق” حقيقة سريعة ومباشرة، لكن “اقتصاديات الانتاج” ستبقى مرتكزاً اساسياً، لابد ان تفرض احكامها ايضاً في المدى المتوسط والطويل.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
37°
36°
Sat
34°
Sun
الافتتاحية