Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

هادي احمد … اسطورة خط الوسط العراقي

هادي احمد … اسطورة خط الوسط العراقي
الملحق الرياضي - متابعة / عدنان ابراهيم الربيعي - 0:19 - 28/12/2015 - عدد القراء : 1955

سطور تأريخية نأمل ان لاتغيب عن ذاكرة الاجيال

نجم لا يختلف اثنان على انه ظاهرة كروية عراقية لم تتكرر لحد الان. ونال احترام وتقدير العراقيين والاجانب

لعب لمنتخب تربية البصرة ومنتخب البصرة عام 1968 .

وانضم الى نادي الميناء عام 1970.  في عام 1973 لعب هادي احمد للمنتخب العسكري….

 

من الجميل ان نقرا سلسلة مقالات  كثيرة  نزلت في الصحف والمنتديات عن لاعبين سجـّل  التأريخ  اسمائهم وبأحرف من ذهب لما قدموه من خدمات للرياضة العراقية. ومن المؤلم احيانا ان نقرأ مقالة  او موضوعا عن لاعبين لم يحققوا او يصلوا الى مصاف اخرين  وسجـلهم يشهد بذلك، وهذا ليس انتقاصا بحق اي من اللاعبين ابدا، ولكن كيف يتم تقديم لاعب على انه اسطورة في حين ان مشاركاته في المنتخبات الوطنية كانت محدودة وغالبها ما تكون على دكة الاحتياط ؟؟ . وكيف تندثر الاسماء التي لم تفارق التشكيلة الاساسية على الاطلاق؟؟ ولماذا تنقلب المقاييس احيانا؟
لست بصدد مهاجمة كاتب ما او التعرض لاحد، بل للتنبيه من الوقوع غير المقصود في مأزق الانحياز ونكران الجميل لمجموعة من اللاعبين كان الاجدر ان يتقدموا على غيرهم وياخذوا نصيبهم من الاشادة وكل حسب تسلسله وعطائه وبذلك نكون قد انصفنا الجميع . لم اجد الكثير من الكتـّاب الكرام قد تطرقوا  للاعبين كانوا فعلا يعدون ظاهرة كروية لن تتكرر وقد يتم نسيانهم ونسيان ما قدموه للرياضة العراقية.
ربما ستوجه الي اتهامات بالانحياز ايضا لاني بصدد الكتابة عن نجم لا يختلف اثنان على انه ظاهرة كروية عراقية لم تتكرر لحد الان. ونال احترام وتقدير العراقيين وغيرهم على حد سواء وبكل جدارة استحقاق.  وربما….سيقول البعض ها انت وقعت فيما تحـّذر منه . فاقول ، حلم   وانتظرت ان يتحقق بأن يكون صاحب الشرف في التحدث عن هذا اللاعب الكبير شخصا غيري ولكني لم اجد غايتي. فلم تدفعني القبلية للكتابة عنه لكونه بصري وانا ابن مدينته بل لاني اولا عراقي ولا اميـّز بين هذا اللاعب وذاك الا بالانجازات . وتطرقت مرارا الى ظواهر كورية لمعت ولكنها افلت  قبل اوانها بسبب الاصابة . امثال المهاجم الاعجوبة كاظم وعل الذي ابهر اهل زمانه باناقته واسلوبه في اللعب . لكنه كان مجبرا على الاختفاء بسبب الاصابات اللعينة التي لاحقته وبالتالي اجبرته على الاعتزال وهو في قمـّة النجومية. وهذا نموذج واحد من النجوم وهناك الكثيرين.
لا يوجـّه اللوم على الجيل الذي لا يعرف من هو هادي احمد بمقدار ما يوجه لمن عاصره وشاهده وتابع لعبه الذي يسحر من كان متواجدا على المدرجات او في ارض الملعب او عبر شاشة التلفاز . فاناشد فيكم الحيادية للكتابة عن نجومنا قبل ان يغيبهم الزمان.
فالقليل منا تعرف على النجم هادي احمد بعيدا عن الملاعب فهو انسان كباقي العراقيين بسيط ، هاديء الطباع ، يمتلك قلب ابيض يحب الجميع وهو ما عكس محبة الاخرين له ، بسيط في تعامله مع الاخرين وتواضعه رفع من شأنه حيث تجده يتكلم مع الصغير قبل الكبير ، لايحب الرسميات  فكل هذه الصفات جعلته نجما مختلفا عن باقي النجوم . فتشاهده  فلاحا يزرع بيديه ارض الملعب تارة ، واخرى موجها  لاعبي الفريق بخبرته الطويلة. لذلك فأنه شرف كبير وعظيم لي ان اتطرق الى بعض جوانب حياة مايستروالكرة العراقية هادي احمد.
من هو هــادي احمــد ؟؟
من مواليد 1951 , حي الاصمعي الجديد في البصرة  متزوج وله ستة اولاد هم بسام تولد  1979   ،  بشار تولد  1982  ، حسن تولد  1989 ، علي تولد  1992 ، حمزة ومصطفى ( توأم ) تولد  1995 … ولم تختلف طفولته عن غيره , فقد فتح عينيه على الدنيا وحب الكرة يسري في دمائه . وهو من اسرة رياضية . فاخوه الاكبر اللاعب الشهير عبد الرزاق احمد صاحب الاسم اللامع في تشكيلة المنتخب الوطني في الستينات والسبعينيات . وله حكايات كروية ربما لا يصدقها الا من شهدها بأم عينيه. وتميز هذان الاخوان بميزة لم يكن لها مثيل  فقد كان الجمهور الحاضر في ملعب الشعب يقف كله احتراما وهتافا وتشجيعا لهذان اللاعبان لو صدرت منهما لمسة سحرية توقف الجمهور كله على قدميه و من غير شعور . نعم هكذا كانا في ايامهما .
لعب لمنتخب تربية البصرة ومنتخب البصرة عام 1968 . وانضم الى نادي الميناء عام 1970.  في عام 1973 لعب هادي احمد للمنتخب العسكري . واهلـّه مستواه المميز للانضمام الى المنتخب الوطني عام 1975. وشارك في بطولة كأس فلسطين في نفس العام. في عام 1976 شارك مع المنتخب الوطني العراقي في بطولة كأس الخليج الرابعة  تحت قيادة المدرب الشهير داني ماكلنن . وكانت هذه السنه اسؤا سنة في حياته الكروية على الصعيد الدولي شأنه شأن بقية اعضاء المنتخب العراقي  حينذاك بعدالخسارة الثقيلة  في النهائي امام منتخب الكويت 4-2 .وما زالت المرارة تعتصر النفوس حينما نتذكر تلك المباراة المأساوية والتي تسبب حينها بوفاة العديد من العراقيين  الما وحسرة . وشهدت بنفسي احدى تلك الحالات  رغم صغر سني حينها . وحصلت على تسجيل هذه المباراة بعد جهد كبير لتكون عنوان بكائي حينما تهيج  بي الام الغربة  ولسنوات طويلة. ولم يزيل مرارة تلك المباراة الا فوز اسودنا ببطولة اسيا الاخيرة . ولكن واحسرتاه تكررت المأساة في حزيران الاسود.
بعد تلك الخسارة القاسيه عاد هادي احمد مع المنتخب العراقي مرة اخرى ليثأر من منتخب الكويت في نهائي بطولة العالم العسكريه والتي اقيمت في دمشق عام 1977, وحسمت بضربات الجزاء وكان الفاصل في المباراة ضربته التي اودعها في الزاوية الـ 90 من مرمى حارس منتخب الكويت انذاك احمد الطرابلسي  ليفوز العراق ببطولة العالم العسكرية. ثم عاد مع المنتخب العسكري في العام التالي 1978 ليساهم في الفوز بالبطولة ذاتها التي اقيمت في الكويت .
توالت المشاركات وكثر الابداع والتألق . من ضمنها في بطولة كأس الخليج في بغداد عام 1979. والارشيف الكروي سيكون اصدق شاهد على مستوى المايسترو . وعلى سبيل المثال  طريقة الهات وخذ مع نجم النجوم وثعلب الكرة العراقيه فلاح حسن  وتسجيل الهدف الاول  للعراق . ومفاجأته للجمهور  قبل حارس المرمى الكويتي جاسم بهمن في الشوط الثاني بتسجيله هذفا بقدمه اليسرى وتقريبا من منتصف الساحة للمنتخب الكويتي الشقيق وسط ذهول كل من تابع المباراة. واستمرت مشاركته مع المنتخب الوطني  في بطولة مرديكا عام 19081 , وفي بطولة الخليج 1982.وفي نفس العام اعتزل اللعب دوليا ليفسح المجال لاجيال متعاقبة على وزن ليث حسين وحبيب جعفر وناطق هاشم وباسل كوركيس وعلي حسين وحارس محمد  والكثيرين من النجوم ومن تلاهم فيما بعد وصولا الى نشأت اكرم وقصي وهوار وبقية اسودنا اليوم.
من المفارقات العجيبة . ان المايسترو هادي احمد خاض اول مباراة دولية ضد قطر في عام 1975 .  وخاض اخر مباراة دولية له امام قطر ايضا عام 1982 .  مثـّل المايسترو ( ابو حسن كما كان يحلو للمشجعين ان ينادونه )  المنتخب الوطني العراقي في اولمبياد موسكو . وكان اول لاعب عراقي يسجل هدفا في الدورات الاولمبية . وهذا الهدف لم يكن هو الذي ادخله التاريخ لكنه  كان نقطة مميزة فيه.  سجله ملي بالبطولات مما ذكرت ومما لم اذكر على صعيد المنتخب . اما على الصعيد المحلي فقد ساهم هادي احمد مع نخبة من اللاعبين الدوليين المشهورين امثال رحيم كريم ( ابو العوف كما نسميه نحن مشجعي نادي الميناء) والمرحوم صبيح عبد علي وعلاء احمد ورزاق احمد وجليل حنون ورزاق احمد وعلي عبد الزهره (علي طياره) وكلهم كانوا نجوما في المنتخبات الوطنيه ولاعبين اساسيين فيه , ومجموعة من الشباب تمكنوا من احراز بطولة الدوري العراقي للموسم 1977-1978. وكان الانجاز اليتيم للكرة البصراويه على مر السنين . لكنه زرع البذرة الاولى لتجني ثمارها فيما بعد فرق المحافظات الاخرى.  ولكن كان وما زال لنادي الميناء سحرا لا يمكن نكرانه على الدوري.
كان لهادي احمد صفات لا يمتلكها الا القليل جدا من لاعبي المنتخب . فقد حظي باحترام كل المدربين الذين اشرفوا على تدريب المنتخب الوطني . ولم توجه له الصحافة الرياضية كلمة ناقده على الاطلاق حتى في خسارات المنتخب الكبيره , ليس خوفا بل لان الصحافة كانت تعلم جيدا بأن هادي احمد كان يقوم بواجباته وعلى اكمل وجه ولم يكن العيب فيه او منه في تلك الخسارة.  ولم يكتفي بهذا القدر بل  ان ابرز نجوم المنتخبات العربية  كانوا يتمنون ان  يحصلوا على نصيب مما كان يمتلكه هذا اللاعب المثير على الرغم من هدوءه الرهيب داخل الملعب. بل وتعدى ذلك بأن كل فريق اجنبي يلعب مع العراق كان مدربيهم او لاعبيهم لو سألهم سائل من لفت انتباههم من اللاعبين العراقيين ؟؟ ياتي الجواب سريعا اللاعب رقم 9. وهناك شهادات صريحة من مدربين عالميين بخصوص الكابتن هادي  .
اذكر هنا مثالين  فقط
الاول :- المدرب البرازيلي القدير والمعروف ماريو زاغالو الذي اشرف على تدريب العديد من المنتخبات الخليجية كان معجبا جدا بلعب واسلوب هادي احمد، حيث قال عنه في احدى المقابلات : ان اسلوب وطريقة لعب هادي احمد تؤهله للعب في اقوى الفرق العالمية، لانه يعرف جيدا ضبط ايقاع اللعب بالشكل الذي يتناسب مع وضع فريقه داخل الساحة، كما انه صـانع العاب ممتاز واي مدرب يشرف على تدريبه بامكانه رسم صورة لعب فريقه من خلاله .
الثاني :- مدرب منتخب البرازيل الشهير كارلوس البرتو باريرا فقد قال عن هادي احمد: (عندما اقود اي فريق في منطقة الخليج ضد منتخب العراق، اضع خطة اللعب من خلال ايجاد السبل في كيفية ايقاف تحركات هادي احمد الذي يقوم بصنع ورسم هجمات المنتخب العراقي بطريقة متميزة جدا، والحقيقة في كل المباريات التي قدت فيها منتخب الكويت والامارات لم اجد من يســتطيع ايقاف هادي احمد.. انه لاعب كبير جدا يستطيع اللعب في اي مكان في العالم).
الهدوء ودماثة الخلق سواء في الملعب او خارجه سمة اخرى تضاف الى سمات هادي احمد . فلم تلتقط عدسة او كاميرا تلفزيزن ابدا صور لهادي احمد عصبيا  حتى لو تعرض الى الخشونة المتعمده . وبمراجعة كل مبارياته تجد صدق هذا القول. بل كان سفير سلام داخل الساحه لو حدثت مشاحنات بين اللاعبين . يتدخل بينهم  يراضي هذا ويبعد ذاك وكان الجميع يحترمه على حد سواء ومن الطرفين.
خلقه كان اكثر رفعة من لعبه . فقد تعرض هادي احمد الى ظلم كبير من قبل شيخ المدربين عمو بابا . وذلك باستبعاده عن تشكيلة المنتخب الوطني  قبل بدأ دورة الالعاب  الاسيوية  العاشرةعام 1982 . مدعيا ( عموبابا) ان الاستبعاد جاء بطلب من هادي احمد نفسه . فحمل هادي احمد السر في قلبه لسنوات طويلة , دون التطرق للحقيقة لا من قريب ولا من بعيد . ومن ثم فنـّد هادي ادعاء عموبابا جملة وتفصيلا . وقال حينها :-
لم ارد تكذيب مدربي واستاذي ( عموبابا ) في حينها لاني احترمه كثيرا . ولهذا التزمت الصمت مضحيا بمركزي مع المنتخب الوطني العراقي لكي لا اخالف قول مدربي . فهل بعد هذا الخلق الرياضي والانساني خلق ؟؟؟؟.
بعد الاعتزال الدولي لعب لنادي الميناء حتى اعتزل اللعب  عام 1987  وتوجه الى التدريب . فدرّب الميناء للمواسم 1995 , 1996 ,2001 . بعدها توجه للتدريب في البحرين. بعد ان تعرض للاعتقال وحلاقة الراس والتوقيف في سجن الرضوانية بأمر من الكسيح المقبور ابن الطاغية . وكان قبلها قد تعرض لمضايقات صباح مرزا والذي كان حينها رئيس نادي الشباب . فقد امر بنقل هادي احمد الى جبهات القتال , ابان الحرب العراقية الايرانية . لان هادي احمد رفض ببساطة ترك نادي الميناء والالتحاق بنادي الشباب !!!!!!. فكان ثمن ولائه للبصرة واهلها وناديه العريق ( الميناء) الرمي في جبهات القتال.
هادي احمد نموذج لم ييتبع خطواته لاعبا وتعرض للفشل قط . اذهلني في طفولتي مع زملائة في المنتخب الوطني انذاك وهم كثيرين . فقد كان يشكـّل ثلاثيا  لخط  الوسط لم يأتي مثله ابدا . مع الداينمو علاء احمد , والنجم الشهير صاحب المراكز المتعددة عادل خضير .  لعبت لنادي نفط الجنوب وكان حينها من اندية الدرجة الثانية وعيني على نادي الميناء وطموحي الانضمام اليه , وكنت حينها اصغر لاعب في الفريق وكان صغر سني احد اسباب عدم تمكني من الوصول لتحقيق امنية اللعب للميناء , يضاف اليه ان تلك الفترة كانت الذهبية للميناء ولاعبيه, ولم يكن لامثالي مكان بين اولئك العمالقه ولا حتى على دكـّة الاحتياط. كان احد احلامي ان اقف الى جانب هذا الاسطورة مرتديا نفس القميص ( الازرق المينائي ) في صورة للنادي لافتخر بها طوال عمري . ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه . و التقيته وكلمته مرارا فكان مثالا في التواضع والرقي الاخلاقي.
هذه المرّة لن اعتذر على الاطالة . بل اعتذر عن التقصير . فما كتبت لا يوفي الرجل حقه , الا انها محاولة متواضعة افضل بكثير من صمت محزن ومخجل.
وانا احاول ان اختم الموضوع  رجعت بي الذكريات لملعب الشعب في مباراة الميناء والشرطه في منتصف الثمانينات . وقام هادي احمد باحدى حركاته السحريه مع الكرة . فما كان من شيخ المشجعين قدوري الا ان قام وصرخ بصوته الجهوري ومن منتصف مشجعي الشرطة قائلا:- يا ابو حسن , يا بو حسن, يا بوحسن. فتعالت الاصوات من الجمهور كله وهبت عاصفة من التصفيق من مشجعي الناديين.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
34°
36°
Fri
37°
Sat
الافتتاحية