Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

ازمات مهملة.. لا تحل الا بازمات حادة

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:17 - 07/04/2016 - عدد القراء : 1950

هناك احباط شديد لدى الراي العام بما فيهم السياسيون. فالازمة المالية، ومؤخراً السياسية، قد عطلت المصالح والبلاد. والكل قلق يتساءل عن المستقبل. ماذا سيحصل سياسياً.. هل سنحظى بحكومة تكنوقراط كما اراد العبادي.. ام سنحظى بحكومة تكنوقراط ترشحها القوى السياسية.. ام لا هذه ولا تلك، بل خليط منها.. ام سيبقى الوضع يراوح في مكانه، فالطبخة لم تنضج بعد؟
كذلك مالياً واقتصادياً، فكيف ستنهض البلاد مجدداً؟ والبلاد تركت نفسها تعتمد كلياً على النفط..والذي يعتمد بدوره على تقلبات اسعاره. فزيادة دولار واحد، تعني مليار دولار سنوياً بمعدلات التصدير الحالية.. بينما الحصول على مليار دولار سنوياً يتطلب زيادة حوالي 250 الف برميل يومياً بمعدلات الاسعار الحالية. فلا الاسعار يمكن ان ترتفع بمعدلات تنقذنا، ولا الانتاج والصادرات يمكن ان يرتفعا بمثل هذه المعدلات دون استثمارات واموال عظيمة.
ففي ازمات سياسية واقتصادية تراكمت عواملها الى هذا العمق، لا توجد حلول بسيطة او سريعة.. فالازمة هي الثمن الذي ندفعه لاخطاء خطيرة تم ارتكابها.. فعندما لا نلجأ للعلاجات الصحيحة في وقتها، فان الحياة ستعاقبنا بازمات لا تنفع معها الحلول الترقيعية.. وقد ترغمنا على تصحيح مساراتنا او بعضها.
اساس الازمة الاقتصادية والمالية هو الدولة الريعية والترهل والافراط في النفقات وعدم تنوع الموارد وانطلاق النشاطات في شتى القطاعات. ونعتقد او وعي هذه المسائل ما زال شكلياً، وان الاجراءات المتخذة بعيدة تماماً، ان لم نقل ان بعضها يسير في الاتجاه المعاكس، لما يجب ان يطبق كسياسات كلية تخدم تغييراً نوعياً في طبيعة النظام الاقتصادي المحتكر والريعي الحاضر. فالازمة لم تدخل بيوت اصحاب القرار ليدركوا ان الوقت يمضي، وان البقاء عند الحلول الترقيعية، لن يضع البلادعلى سكة الاصلاح الحقيقي.. وسيستمر التذمر والغضب دون حلول جدية مستدامة.
اما اساس الازمة السياسية في رأينا فيكمن في سلوك القوى السياسية خصوصاً الحاكمة. التي تصرفت وكأنها ما زالت قوى معارضة، ونسيت ان بناء المجتمع والدولة يتطلب سلوكاً وفهماً يختلف تماماً عن سلوك المعارضة وشعاراتها الحادة والهجومية.. فغرقت في صراعات المواقع والسلطة في جانب، وانتقلت في جانب اخر من حماية الهوية الى التطرف والتعصب ومحاربة الاخر.. واعتقدت ان مجرد وجودها في السلطة، هو النجاح. وان مجرد التشبث بالهوية دون تلبية متطلبات التناغم مع هويات الاخرين هو الذي يحميها.. ناسية ان نجاحها هو بوحدة الصف والكلمة، وباعمار البلاد وخدمة الشعب وازالة المظالم ومنح الحقوق.. فسعت اما لكسر بعضها البعض، او للتحاصص على غنائم هي اساساً ملك الشعب، مما فصلها تدريجياً عنه. فالازمة هنا ضرورة لكي تراجع كل الاطراف مواقفها.. فمن يدرك ما يجري فسيصحح ويصلح من حاله ويمكث في الارض.. اما من يستمر على غروره وعناده فهو الزبد الذي يذهب جفاءً.
فالازمة بحد ذاتها حل.. وان كثرة الكلام عن التكنوقراط، يجب تفسيره بان البلاد بحاجة الى كثير من الخبرة والادارة والاقتصاد والاعمار.. والى ان تموضع القوى السياسية نفسها في مواقعها الصحيحة فلا تتعداها.. فلا تحتكر الدولة، بل تلتزم بمساحاتها المخصصة لها لتحترم وتُحترم. وان كثرة الدعوات للتظاهر، وعدم رضا الجمهور وغضب الشعب يجب تفسيره بان الحكومات التي اولاها الشعب ثقته لم تكن ناجحة في الكثير من اعمالها وارتكبت اخطاء قاتلة.. وانها بسلوكها التفردي تعطي الاعداء والمتصيدين بالماء العكر كل الحجج والذرائع التي يحتاجونها لزرع مزيد من الفوضى والاضطراب.
فالازمة الاقتصادية والسياسية هي كالازمة الامنية.. وكأننا كنا نحتاج الى “داعش” لتبين لنا معالم الطريق. فما حققته “داعش” في حزيران 2014، لم يكن مجرد مؤامرة ومنظمة ارهابية ضالة.. بل كان اساساً نتيجة تلكؤنا واخطائنا، وحرصنا على زيادة الاعداء وخسارة الاصدقاء.. وعلى ابعاد الشعب عن المعركة.. واستشراء الفساد والترهل في صفوف قوانا الامنية.. وهذه امور ادركها مؤخراً البعض كلياً، وادركها اخرون جزئياً، وما زال اخرون لم يدركوها تماماً، فاستمروا على سياساتهم السابقة. وهو ما يفسر النجاحات المتحققة من جهة، ويفسر من جهة اخرى بعض التلكوء، بل احياناً الكثير من التوتر في محاور وجبهات اخرى، وهو ما يعرقل الجهود، ويسمح في اعطاء “داعش” بعض الانفاس الاضافية.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
30°
30°
Sun
29°
Mon
الافتتاحية