Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

اغتيال السفير الروسي في انقرة، بداية ام نهاية التداعيات؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:41 - 21/12/2016 - عدد القراء : 1749

سقط مؤخراً في قلعة اثرية في الكرك جنوب الاردن ١٠ ضحايا و٣٤ جريحاً، اضافة لمنفذي الهجوم الاربعة. وسقط في برلين ١٢ شخصاً وجرح ٥٠ في سوق حاشد، بعد ان دهستهم شاحنة، فيما تعتقده الشرطة الالمانية هجوماً متعمداً، شبيهاً بما حصل في “نيس” الفرنسية قبل اشهر. واغتال رجل امن تركي يوم امس السفير الروسي في انقرة، وهو يهتف انتقاماً لـ”حلب”. فالمنطقة حبلى بالاحداث، وتشمل الجميع ولا تدخر احداً. لذلك اعلن عدد من السفارات، ومنهم الايرانية والامريكية في انقرة، اغلاق مكاتبهم. وبات العالم خزين هائل لارهابيين/انتحاريين استثمروا اخطاء الدول في تقدير اولوياتها، فتدربوا، واخترقوا، واستوطنوا، وتجهزوا، وتكاثروا، وامتلكوا القدرات العسكرية والاعلامية والمالية والتسليحية والاستخباراتية، وبنوا شبكات محلية وعالمية مقتدرة، واعلنوا على مساحات جغرافية كبيرة “دولتهم”، التي اكتوينا بنارها سابقاً وحالياً، والتي سيكتوي بنارها من يعتقد انه يستطيع استخدامها لمآربه، بينما تريد هي استخدامه لمآربها.. والويل لمن يرفض، والا الضغط والتهديد والانتقام. فالارهاب لم ولن يقبل ان يكون مجرد اداة لغيره، بل يريد الاخرين اداة له. وطبيعة الارهاب الشمولية، ستقنع الجميع، عاجلاً او اجلاً، رغم الكلف العظيمة التي تدفعها الشعوب.

في ٢٨/٦/١٩١٤ وفي “سراييفو”، التابعة للامبراطورية النمساوية/المجرية يومها، وعاصمة البوسنا والهرسك اليوم، قام الصربي “برينسيب”، باغتيال وريث عرش الامبراطورية فرانز فرديناد. اعلنت النمسا الحرب على صربيا، وتلتها المانيا، وانظمت اليهما الدولة العثمانية ومملكة بلغاريا، بينما وقفت روسيا مع صربيا، وكذلك فرنسا وبريطانيا وايطاليا وغيرهم. فاندلعت الحرب العالمية الاولى. التي انتهت بتفكيك الامبراطورية النمساوية/المجرية، والدولة العثمانية، وفرض اتفاقية فرساي على المانيا، التي كانت سبباً لاندلاع الحرب العالمية الثانية، وقيام معسكرين شرقي وغربي.. والذي بدوره ادى لانهيار الاول وتفكك المزيد من الدول التي كانت جزءاً من الامبراطورية النمساوية/المجرية لتتقاسم اراضيها كاملة او جزءاً منها الكثير من الدول كالنمسا والمجر والبوسنا وكرواتيا وجمهورية التشيك والمجر (هنغاريا) وايطاليا والجبل الاسود (مونتويكرو) وبولندا ورومانيا وصربيا وسلوفاكيا وسلوفانيا واوكرانيا ومقدونيا.. بالاضافة لما جرى في بقية القارة او العالم، ومنها تقسيم اوصال الدولة العثمانية، اضافة لمئات الملايين القتلى والجرحى، والالاف المدن التي دُمرت، ليس فقط  خلال الحربين العالميتين بل الحروب المتعددة التي جرت، بينهما وبعدهما. فجاء مقتل الامير النمساوي، كصاعق وسط مخزون هائل من الحساسيات والصراعات الدينية والعرقية والاثنية والتناقضات الداخلية المتراكمة والولاءات الخارجية والمطامح الدولية.

مساحة امبراطورية النمسا/المجر في ١٩١٤ ليس اكبر كثيراً من مساحة العراق (٦٩٠،٠٠٠ كم٢ مقابل ٤٣٨،٣١٧ كم٢ للعراق) ولا نفوسها اكثر كثيراً (٥٣ مليون يومها مقابل ٣٨ مليون اليوم).. فالصاعق الذي تفجر كان في قلب القارة بكل امتداداتها وحساسياتها، فانفجرت اوروبا والعالم كله، تماماً كما ان العراق يقع في قلب المنطقة بكل حساسياتها وامتداداتها ويمكن ان يفجر المنطقة والعالم.. فهل هناك مقاربة او مقارنة بين اغتيال وريث العرش النمساوي/المجري، واحداث اغتيال السفير الروسي او العمليات الارهابية؟ وهل سنشهد ايضاً “بلقنة” المنطقة وتقسيمها اكثر فاكثر؟ وهل سيستمر انتشار ما حصل ويحصل في العراق لبقية البلدان القريبة والبعيدة؟ ام سيعي العالم خطر الارهاب حقيقة؟ وهل ستقود هذه الاحداث المتلاحقة لتفجير كامل خلافات وحساسيات وتناقضات المنطقة والعالم، ام ان الارهاب باستهدافه غير العراق ايضاً، وباستهدافه من دعمه، او سكت عليه، يساعد في افهام الاخرين بانه عدوهم الاول، وان كل الحساسيات والخلافات الاخرى يجب ان تتوقف ليتفرغ الجميع لمحاربة الارهاب. وان ما يقال بان سبب الصراعات في المنطقة والعالم هو الاسلام.. او الصراع الشيعي/السني، العربي/الايراني، العلماني/الديني، او التدخلات الاجنبية وغيرها، هو تحريف للحقيقة، وهو مضيعة للوقت والجهد كلفتنا نحن في العراق، وكلفت المنطقة وستكلف العالم كثيراً. وستزداد الكلف والتضحيات الى ان يعي الجميع -وبدون استثناء- ان محاربة الارهاب، بمنابعه وفكره ومشاريعه وتنظيماته، بجد واخلاص، ودون معايير مزدوجة، هو المهمة الاولى لكافة الدول والشعوب.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
35°
34°
Fri
34°
Sat
الافتتاحية