Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الاستجواب ليس محاكمة

الافتتاحية - 0:03 - 04/09/2016 - عدد القراء : 1913

بعد ان خسرت امام الاخ الدكتور الجعفري في انتخابات الائتلاف العراقي الموحد بفارق صوت واحد (64×63)، وبعد ان ترشح الاخ الاستاذ المالكي لرئاسة الوزراء، عام 2006، قدمت له مجموعة اوراق كنت قد عملت عليها مع عدد من الخبراء.. ومن جملتها ورقة ترسم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تتضمن في جانب منها ان يحضر رئيس مجلس الوزراء والوزراء الى مجلس النواب كل يوم خميس، وان تخصص للوزراء مكاتب في مجلس النواب، وان تحصل لقاءات دائمة بين اللجان المختصة والوزراء.. وان يحضر الوزراء مع رئيس مجلسهم جلسة مجلس النواب ليوم الخميس، حيث توجه الاسئلة، وتقدم الايضاحات ويرد الوزراء على الاستجوابات الموجهة لهم، فتتشكل القناعات وتستجلى خطوط السياسة.

للاسف لم يتم العمل بهذه الفكرة التي لو طبقت، او طبق شيئاً مشابهاً لها، لانتقلنا في العلاقة بين السلطتين الى مستوى متقدم لا يجعل من العلاقة بين الطرفين، ومن الاستجواب اتهامات.. بل يجعل ذلك كله مسألة تعاون متبادل، واستجلاء الحقيقة، ودعم متواصل، ومراقبة مستمرة دؤوبة، لا تراكم القضايا والاسئلة والشبهات لتطرحها دفعة واحدة، وكأننا امام محكمة واتهامات ومخاوف وتهديدات بين طرفين.

في النصف الثاني لخمسينات القرن الماضي، كنت احياناً ارافق المرحوم والدي الى جلسات مجلس الامة.. واتذكر جيداً كيف كانوا يمارسون الاستجوابات انذاك، وهي ان يطرح نائباً استجوابه كتابة الى الوزير قبل فترة، ليرد عليها الوزير في الفترة المحددة. والاستجواب عادة سؤال واحد او عدد قليل من الاسئلة. وكانت هذه الممارسة تحصل مرة ومرات في الدورة التشريعية وقد تحصل كل اسبوع، او يوماً بعد يوم، ان اقتضت الحاجة. وهكذا لا تتراكم القضايا والاسئلة.. ولا تبتعد عن ظروفها ووقائعها.. فلا يحاسب الوزير على اعمال اسلافه، او في ظل قوانين وممارسات وامزجة جديدة الغت ممارسات وقوانين وامزجة كانت مشروعة ومقبولة، ولم تعد كذلك.. فلا يهجم عليه كم هائل من الاسئلة والاستجابات التي يجب ان يعطل عمل الوزارة ليتذكرها ويعمل عليها لايجاد الاجابات والوثائق والاسانيد اللازمة لها، ولا يضطر النائب للعمل على ملفات لسنوات فيستمر الخلل، وكأن الهدف ايقاع الاخرين في الفخ وليس اصلاح الشأن العام. فلا يتحول الامر الى تهرب من جانب واستهداف من جانب اخر.. ولا يمثل الامر محاكمة وتسقيط واتهامات ومؤامرات، كما يحصل حالياً.. ولا تضيع الحقائق بسبب تباعد الوقائع والمعلومات والردود.. فلا يُحرج المستجوَب او يتلكأ عن الحضور.. ولا يبدو المستجوِب معتدياً او متآمراً.. فاللقاءات مستمرة بين الطرفين.. والمعلومات كلها حية ويصعب التهرب من الحقيقة، او الاقتناع بها.. فيتم اكتشاف الخلل او الخطأ، قبل ان يتحول الى مفسدة وانحراف كبيرين.. وتتم المراقبة حسب اصولها، وتصحح الامور قبل ان تنمو وتتطور وتصبح فعلاً جريمة وفساد ينخر في جسد الدولة، نتحمل جميعاً المسؤولية لتطورها الى هذه المستويات.

فالعلاقة بين الوزراء والنواب هي ليست علاقة تصادم وتشنج وتعطيل.. على العكس علاقة تكامل ومراقبة وتنفيذ، وذلك عندما يعملان كمؤسستين وفق ضوابط واجراءات واصول محددة.. فمن وضع الوزير في موقعه هم النواب الذين منحوه الثقة والقادرين على حجبها.. وسيمنح النائب للوزير فرصة توضح سياساته ومواقفه من مختلف القضايا، وهو يمارس دوره الرقابي.. وسيعمل الوزير وكله ثقة من تأييد ممثلي الشعب له، وهو يمارس دوره التنفيذي، مؤمنا ومقتنعاً بالدور الرقابي للسلطة التشريعية.. وسيكون الشعب على اطلاع كامل بمجريات الامور، سلباً وايجاباً. وذلك كله خلافاً لما يجري اليوم من اجواء اقل ما يقال عنها انها مشحونة وغير سليمة وفيها الكثير من الاعتباطية والشخصنة، لتبقى الحقيقة في اغلب الاحيان نائمة وصوت العقل مغيباً، وليبقى الصراخ عالياً والتشويشات سائدة، ليستمر الخلل وعوامل الفساد والتعطيل لنتهم به جميعاً، وليس دائماً بدون وجه حق، لاننا غير جادين في اصلاح مؤسساتي يضع كل شيء في مكانه المطلوب. فبدل ان يتمأسس الاشخاص.. وتكون هناك اجراءات وقواعد عمل معروفة يعتاد ويقبل بها الجميع.. نقوم بشخصنة المؤسسات، فنجعل المشاكل والطروحات شخصية وسطحية، والحلول مؤقتة وترقيعية.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
24°
30°
Sun
30°
Mon
الافتتاحية