Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الاقتصاد.. اتجاهات خاطئة بل قاتلة، السياحة مثالاً

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:04 - 07/11/2016 - عدد القراء : 1762

شكل وزن قطاع الخدمات من الناتج الوطني الاجمالي ٦٥٪ في تركيا (٢٠١٠)، لتشكل السياحة ٢٥٪ منه و٣٪ من الناتج الوطني الاجمالي البالغ يومها ٧٣٠ مليار دولار. ارتفعت واردات السياحة (١٩٩٦-٢٠٠٨) من ٥ الى ٢٢ مليار دولار.. وتجاوز مجموع السواح الاجانب ٣٠ مليون زائر، بمعدل انفاق ٧٠٨ دولاراً للفرد. فالقطاع السياحي ليس فقط مورداً للعملة الاجنبية وللخزينة، بل هو محرك مهم للاقتصاد الوطني، ومصدراً كبيراً للموارد غير المنظورة ولميزان المدفوعات. فمعه سيتحرك قطاع المواصلات (مطارات، محطات، نقل بري، طرق، قطارات، الخ) وقطاع الاتصالات والخدمات (الهواتف والبريد، الخ) والفنادق (قطاع البناء، والاثاث، والغسيل والكوي، والمكيفات، الخ) والمطاعم (القطاع الزراعي والحيواني والمياه والمشروبات، الخ)، والقطاع التجاري والاسواق (السلع المختلفة، والملابس والادوات المنزلية والصناعات الخفيفة والمتوسطة، الخ)، اضافة للعتبات والمراقد والاثار والمناظر والحرف والفنون والمتنزهات ودور الترفيه واللهو والملاعب والمتاحف، وقطاعات وفعاليات غير محدودة.

نعيش ايام الزيارة الاربعينية المباركة.. وامامنا سلوكان اقتصاديان. قيل انه تم منح ٢ مليون سمة دخول (٤٠ دولارا/سمة) للزوار الايرانيين. فستوفر الخزينة ٨٠ مليون دولاراً. وعلى فرض ان ينفق الزائر ٢٥٠ دولاراً (فرضية فيها جدال) فسنوفر للبلاد والاقتصاد نصف مليار دولاراً. ولنفترض ان الخزينة ستحصل، مباشرة وغير مباشرة، على ٢٠٪ من هذا الانفاق، اي ١٨٠ مليون دولاراً (١٠٠+٨٠)، لتبقى ٤٠٠ مليون بيد الشعب والمصالح المختلفة.

والان، وبمنطق اقتصادي صرف، وبعيداً عن اية خلفيات سياسية او أمنية او نقاشات اخرى، لنقلب الاولوية ونقدم مصلحة الاقتصاد الوطني على موارد الخزينة، فنخفض سعر سمة الدخول او نلغيها. سألت سفيرنا في طهران قبل عام عن هذه الفرضية، فاجاب ان العدد سيتضاعف مرات، ليس بسبب المبلغ فقط، بل بسبب الاجراءات والروتين اساساً. فلو افترضنا ضعف العدد، فهذا سيعني انفاق ١ مليار دولار على الاقل. وهكذا سيوفر الزائر ٤٠ دولاراً.. وخزينة الدولة ٢٠٠ مليون  بدل ١٨٠ مليون دولار.. وستتوفر للبلاد سيولة اكثر.. وسيحصل الشعب والمصالح المختلفة على ٨٠٠ مليون بدل ٤٠٠ مليون دولار. لاشك ان الارقام ستتضاعف بالنسبة للاقتصاد والخزينة، اذا ما تكلمنا عن الزيارات على مدار العام، والزيارات من مختلف البلدان، ولمختلف الديانات والمذاهب.. وللسياحات التراثية والبيئية وللصيد، وللمشاتي والمصائف، الخ.. خصوصاً ان الوقائع والمسوحات العالمية تشير لاحتلال العراق للمراكز الاولى للضيافة والاستقبال للاجانب وابناء جلدته على حد سواء.

اضافة لذلك، تبقى السياحة الداخلية اهم من السياسة الخارجية لتحريك الاقتصاد. هنا يمكن الكلام عن عشرات ملايين الزيارات (عدة مرات سنوياً) لاغراض دينية وغير دينية. ولنفترض ٥٠ مليون زيارة ورحلة/شخص على مدار السنة. فاذا صرف الفرد ٢٠٠ دولاراً سنوياً، فهذا يعني انفاق ١٠ مليار دولار، بمضاعفاتها وتحريكها لقطاعات وعوامل اقتصادية وانتاجية مختلفة.. بهذه المعدلات (المتواضعة والظروف الصعبة واللوجستيكات السياحية المتخلفة) ستشكل السياحة الخارجية والوطنية حسب التقديرات المتواضعة اعلاه حوالي ٧٪ من ناتجنا الوطني الاجمالي  (١٥٦)( ١٦٨)( ٢٢٥) مليار دولار، حسب IMF ٢٠١٦، والبنك الدولي ٢٠١٥، وUN ٢٠١٤، على التوالي).

هذا مثال لاثر السياحة على اقتصاديات المناطق. ففي النجف مرقد الامام علي (ع) يتوجه الملايين سنوياً.. لكن لبغداد مقومات ايضاً.. فهي العاصمة وفيها المصالح واضعاف العدد السكاني (٨ مقابل ١.٤ مليون)، ومراقد لائمة للشيعة والسنة ولديانات اخرى، ناهيك عن المتاحف والاثار كالمدائن، الخ. لكنها مهملة لعوامل لا يصعب تلمسها. وبمقارنة القطاع الفندقي فقط سنتلمس بسرعة بين منطقة استعدت لاستقبال الزائرين واخرى ما زالت متلكئة. فحسب احصاءات ٢٠١٣ بلغ عدد الفنادق في بغداد والنجف ٢٨٢ و٢١٤ على التوالي، لكن اللافت تقدم النجف بعدد فنادق الدرجة  الاولى (٢٥ مقابل ١٩) والثانية (٧٢ مقابل ١٦) والثالثة (٥٤ مقابل ٤٨)، ولا تتفوق بغداد سوى بالفنادق الممتازة (٤ مقابل صفر) والدرجة الرابعة (٤٦ مقابل ١٣) والخامسة (١٤٩ مقابل ٥٠)، وقس في بقية القطاعات.

لو استلم العقل الوظيفي حقوقه من الجباية لاهتم بالمصالح والمواطن، لكنه يهتم بالموارد النفطية والعملة الاجنبية والموازنة (للبحث صلة)

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
34°
35°
Sun
36°
Mon
الافتتاحية