Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الاهتمام بالمطالب والسعي لتلبيتها، بحلول جدية وليس ترقيعية

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:07 - 29/02/2016 - عدد القراء : 2130

فشل ونستون تشرشل في اول انتخابات بعد الحرب العالمية الثانية في تموز 1945.. فرئيس الوزراء الذي اذهل العالم خلال الحرب، وقاد بلاده للنصر وحطم اسطورة النازية وهتلر، والذي اصطفت خلفه الجماهير البريطانية واطاعته، هي نفسها التي خذلته بعد الحرب. امر قد يبدو غريباً، لكنه امر طبيعي.. فالحرب والخوف لهما منطق للتعبئة والالتفاف حول القيادة، يختلف عن مرحلة النصر والسلم، حيث تحتل المطالب الحياتية هموم الناس وتعبئتهم. فالجمهور لا يبحث عن ناجحين سابقين، بل عن ناجحين حاليين.
صحيح ان من نجح سابقاً قد ينجح لاحقاً، لكن من نجح سابقاً قد تحمل المسؤوليات، وراكم اخطاءً مبررة وغير مبررة.. فان لم تعالج في وقتها، واذا ما ضخمها الخصوم، فلن تكفي النجاحات السابقة لتغطية التعثر او الفشل الجاري. لذلك لا يتوقع اي منا ان النجاح في مقارعة النظام السابق، او محاربة الارهاب، او الاخلاص والصدق ستكفي وحدها لكسب تأييد الجمهور. فهناك صورة ستتشكل في اذهان الجمهور عن اداء المسؤول اليوم وليس بالامس.. هذه الصورة قد تكون دقيقة او مشوهة، لكنها هي من سيمنح التأييد او الرفض. وان احساس الناس اليوم بتحسن الامن سيكون عاملاً مهماً لانطلاق حركة المطالب التي ستتزايد، سواء اراحنا الامر ام ازعجنا، وهو ما يتطلب المتابعة ووضع المعالجات الجدية، وليس الشكلية.
فالخوف كان وما زال احدى الوسائل لتطويق الازمات.. ففي النظم الاستبدادية كان منطق المؤامرة هو الذي يكبح حركة المطالب.. وستكون حاضرة تهم الخيانة لقمع اي تحرك.. بل يشمل الامر النظم الاستبدادية والليبرالية، فاحد تعريفات الحرب: انها الحل الاخير للخروج من الازمة،فيتم مواجهتها بانفجار اكبر يدخل الناس في منطق اخر تماماً.
لن تتوقف الازمات، والمشكلة ليست بحصول الازمة، بل القدرة على حلها.. فكلما تطورت المجتمعات، كلما تنوعت وتوسعت لتشمل موضوعات جديدة وتزج بشرائح اضافية.. فهذه سياقات طبيعية تعيشها كل المجتمعات حتى تلك التي تقدم حلولاً جذرية للمشاكل التي تواجهها.. فما بالك بمجتمع كمجتعنا.. وادارات كاداراتنا،راكمت فيها الازمات ولم تقدم لها حلولاً ناجعة وجذرية، واعتمدت على رشوة الناس عبر الاموال السهلة التي توفرها الثروة النفطية. لذلك عندما انهارت اسعار النفط، واصبح صعباً ارضاء الناس، وتفجرت مخاوف تراجع المداخيل، وجمود متصاعد للاسواق والاعمال، وتزايد طبيعي لمعدلات البطالة وانحسار حاد لفرص العمل، ندرك تماماً اننا امام وضع صعب لا يحتمل الحلول الترقيعية. فالقضية لا تتعلق بمسؤول، بل بالنهج العام الذي يتبناه البرلمان والحكومة والجمهور. فهل نحن مستعدون لوضع حد للنظام الريعي النفطي، واستثمار موارده لا لتضخيمه وترهله، بل لبناء الاقتصاد الاهلي والاقتصاديات الحقيقية، ورفع كل الحواجز امام انطلاقها، لنعيد انعاش الحياة الريفية والزراعية.. وتأهيل حرفنا ومهننا ومدارسنا ومعاهدنا وصناعاتنا ومصارفنا واسواقنا؟ وهل نحن مستعدون لاحتضان الاستثمارات الوطنية والاجنبية، ورفع كل العراقيل الموضوعة والمتراكمة امامها، ام سنستمر بالاعتماد على اقتصاد الدولة واموال النفط؟ فهنا يكمن الفساد العام والمطلق. فالبلد ليس فقيرا، لكن اجراءاتنا فقيرة، وهناك نزعة لتغليب انماط الفقر، والحصول على الموارد، خارج مصادر العمل المنتج.. وهذا يفسر اسباب الجمود، والتخلف عن احداث الاصلاحات الحقيقية، متحججين باشكالات وضوابط ونظم ومنطق،وضعناها نحن، وباتت بالية معرقلة، ونستطيع ببساطة التحرر منها، لتحقيق الانطلاق. فالمسالة ليست مسألة اشخاص بل مسألة نظام اساساً ، ان صلُح النظام صلُح الاشخاص، وان فسد فسدوا. والا سنستمر بتكرار الفشل واعادة انتاج ذات السلوكيات التي قادت منذ عقود من الزمن الى خراب البلاد واضعافها امام الاجنبي، وتدميرها وانتشار الفوضى والفساد والارهاب فيها.. فالمشكلة ليست سياسيين ومستقلين وتكنوقراط، بل مشكلة ادارة. فان بقينا عند التبريرات والشكليات وعدم الجرأة في وضع الحلول الجذرية، عندها سنبقى نغير الاسماء والاشكال ليبقى “زمال او حمار” الدولة الريعية ذاته، ويقودنا من ازمة لاخرى ومن فشل لاخر.. وينطبق عليه “ما غيّر الجل اخلاق الحمير.. ولا نقش البرادع اخلاق البراذين”.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
30°
30°
Sun
29°
Mon
الافتتاحية