Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الاولويات، وأهمية تحديدها

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 15:03 - 01/06/2017 - عدد القراء : 1359

هناك في كل مجتمع وعي جمعي او عقد مكتوب او غير مكتوب يتفق عليه اصحاب القدرة والقرار، بدونه يصعب اتخاذ القرارات وتبني السياسات. وكلما كان هذا الوعي او العقد موضع اتفاق وقبول عام، كلما سهلت المهام واتضحت السياسات وتطبيقها.. بخلافه ستعم حالة من الجمود والعطل والفوضى. فتحديد الاولويات، امر اساس نظري وعملي. ومما يؤسف له ان البعض يعترف بالاولويات، لكنه غالباً ما يعطلها بامور فرعية وثانوية ناسفاً بذلك مبدأ احترام الاولوية، علماً انه لا توجد اولوية دون ان تكون فيها مضاعفات سلبية او مستلزمات ضرورية. فاذا جاء مريض وكانت الاولوية ايقاف النزف والا الموت العاجل، فمن الضار ان يستمر النقاش بان ذلك قد يقود الى قطع الساق، والساق مهمة للمريض، وقس على ذلك. فعندما يتأخر القرار او يعطل يكون المريض قد مات، فتكون النقاشات والخيارات البديلة هي القاتلة والاكثر ضرراً. هذه اهمية تحديد الاولويات كسياق للتفكير والقرار والذي نعطله دائماً في الشؤون الأمنية والسياسات الداخلية والخارجية والاقتصادية والخدمية والاستثمارية، الخ.

لعبت الثقافة والتربية السائدة، واستمرارية المفاهيم وطرق العمل السابقة دوراً اساسياً في تعطيل عمل الدستور ودوره في تعريف الاولويات في مسارات البلاد.. فلا استفدنا من الدستور، ولا بات بالامكان الاستفادة من مفاهيم وطرق عمل الماضي.. لذلك نشهد حالة العجز والفوضى والتعطيل. فيتم الاتفاق بسهولة عند تحديد الشعارات العامة، لكن حال الدخول بالتفاصيل والتطبيقات تقفز الفرعيات والامور الثانوية لتعطل الاولويات. سيقول احدهم لكن البعض قد يستخدم الاولوية كغطاء له لاهداف اخرى.. وهذا علاجه لا يكون الا بالتمسك بالاولوية لمعالجة اي استغلال. الأهم ان ضياع التمسك بالاولويات يقود للدوران في حلقة مفرغة. وهذه امثلة ليس الا:

  1. في الأمن.. اذا كانت الاولوية محاربة الارهاب و”داعش”.. عندها يجب موضعة بقية المسائل والنقاشات لكي لا تعرقل المهمة الاولى. امثلة.. ان يتخوف البعض من تعبئة “السنة” وتزويدهم بالسلاح لمحاربة “داعش” بحجة ان هذا قد يرتد على “الشيعة”، او بالعكس ان يتخوف البعض من “الحشد” بحجة ان البعض يستخدم السلاح لاغراض خاصة، او انه قد يستخدمه لاهداف مذهبية.. كذلك الامر في العلاقة مع دول الجوار والمجتمع الدولي. فهناك خلافات مع الكثير من هذه الدول لكنها يجب ان تؤطر بما يخدم المعركة ضد الارهاب و”داعش”، لا ان تتحول تلك الخلافات الى اولوية تطغى على اولوية محاربة الارهاب و”داعش”.
  2. في السياسة، هل الاولوية لتوافق المكونات والتركيز على المشتركات لتفعيل اعلى درجات الوحدة الوطنية، ام الطعن بالاخر، او انكفاء كل مكون على نفسه متشبثاً ليس بمطالب لا تمس الاخر، او قابلة للتفاوض، بل بمطالب تصطدم بالضرورة مع الاخر. وهل الاولوية اختيار رئيس وزراء مع حكومة متناقضة ومعطَلة وضعيفة، ام الاولوية قيام حكومة قوية وفاعلة ومنسجمة بوزرائها لتكون قوة وفاعلية رئيس الوزراء من قوتها وفاعليتها؟
  3. في السياسة الخارجية.. هل الاولوية لموضعة العراق في موقعه وتاريخه وتوازنه الاقليمي والعالمي ليكون ساحة لقاء وسلام لينفتح على جميع الدول؟ ام الدخول في محاور كما كان شأنه منذ تأسيس العراق المعاصر وليومنا؟
  4. في الاقتصاد والخدمات.. هل الاولوية اقتصاديات السوق والاستثمارات والاقتصاد الوطني والاهلي ام اقتصاد الدولة والاعتماد المتزايد على الموازنة والنفط والملاكات واستحصال الديون والمزيد من الضرائب؟ وهل الاولوية معالجة البطالة ام صرف الاموال في مشاريع استهلاكية؟ وهل الاولوية تنشيط القطاعات الانتاجية، ام الاولوية عرقلتها بحجة محاربة الفساد والرقابة المالية والجبايات والشروط غير المبررة، والمزيد من اجراءات التشدد وسيطرة الدولة ومؤسساتها وموظفيها.

وبالطبع يمكن الاستطراد في بقية القضايا. والاصل ان توفر شروط النجاح مع تحديد الاولويات، لكن ان لم تتوفر الشروط كاملة فان التمسك بالاولوية هو الاولوية. لان بها فقط تتحقق المعاني والاهداف المطلوبة لتوفير الشروط عند القدرة، او استكمالها لاحقاً عند الاضطرار.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
25°
36°
Fri
37°
Sat
الافتتاحية