هناك في كل مجتمع وعي جمعي او عقد مكتوب او غير مكتوب يتفق عليه اصحاب القدرة والقرار، بدونه يصعب اتخاذ القرارات وتبني السياسات. وكلما كان هذا الوعي او العقد موضع اتفاق وقبول عام، كلما سهلت المهام واتضحت السياسات وتطبيقها.. بخلافه ستعم حالة من الجمود والعطل والفوضى. فتحديد الاولويات، امر اساس نظري وعملي. ومما يؤسف له ان البعض يعترف بالاولويات، لكنه غالباً ما يعطلها بامور فرعية وثانوية ناسفاً بذلك مبدأ احترام الاولوية، علماً انه لا توجد اولوية دون ان تكون فيها مضاعفات سلبية او مستلزمات ضرورية. فاذا جاء مريض وكانت الاولوية ايقاف النزف والا الموت العاجل، فمن الضار ان يستمر النقاش بان ذلك قد يقود الى قطع الساق، والساق مهمة للمريض، وقس على ذلك. فعندما يتأخر القرار او يعطل يكون المريض قد مات، فتكون النقاشات والخيارات البديلة هي القاتلة والاكثر ضرراً. هذه اهمية تحديد الاولويات كسياق للتفكير والقرار والذي نعطله دائماً في الشؤون الأمنية والسياسات الداخلية والخارجية والاقتصادية والخدمية والاستثمارية، الخ.
لعبت الثقافة والتربية السائدة، واستمرارية المفاهيم وطرق العمل السابقة دوراً اساسياً في تعطيل عمل الدستور ودوره في تعريف الاولويات في مسارات البلاد.. فلا استفدنا من الدستور، ولا بات بالامكان الاستفادة من مفاهيم وطرق عمل الماضي.. لذلك نشهد حالة العجز والفوضى والتعطيل. فيتم الاتفاق بسهولة عند تحديد الشعارات العامة، لكن حال الدخول بالتفاصيل والتطبيقات تقفز الفرعيات والامور الثانوية لتعطل الاولويات. سيقول احدهم لكن البعض قد يستخدم الاولوية كغطاء له لاهداف اخرى.. وهذا علاجه لا يكون الا بالتمسك بالاولوية لمعالجة اي استغلال. الأهم ان ضياع التمسك بالاولويات يقود للدوران في حلقة مفرغة. وهذه امثلة ليس الا:
وبالطبع يمكن الاستطراد في بقية القضايا. والاصل ان توفر شروط النجاح مع تحديد الاولويات، لكن ان لم تتوفر الشروط كاملة فان التمسك بالاولوية هو الاولوية. لان بها فقط تتحقق المعاني والاهداف المطلوبة لتوفير الشروط عند القدرة، او استكمالها لاحقاً عند الاضطرار.
عادل عبد المهدي