Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

البيئة والحرارة مثالاً.. إهمال التحديات الكبرى، والانشغال بالملفات الصغيرة

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:18 - 29/08/2016 - عدد القراء : 1862

اشد ما يؤلم الانسان ان يجد كبارنا وقوانا ودولنا منغمسة تماماً في ملفات ستبدو هامشية امام التحديات الكبرى في اقتصادنا وامننا وجوارنا ووحدتنا الوطنية ونظمنا التعليمة والصحية والاروائية والخدمية، واخيراً وليس اخراً البيئوية.

لم يعد الانحباس الحراري فرضية او نظرية، بل اصبح ظاهرة عالمية.. وان دولا كثيرة وضعت الملف كاولوية في برامجها، فحاضرها ومستقبلها بات متعلقاً بهذا الموضوع.. فالغرور والعناد والتجاوز على الطبيعة والانغماس في الحياة الاستهلاكية بدأ بالارتداد، وبدات الطبيعة تثار لنفسها باقسى العقوبات، التي لا ينفع معها، سوى ثورة شاملة بتغيير المناهج وانماط العيش.

واجه العالم سلسلة من الكوارث، لم يشهدها من قبل.. وكامثلة لبعض الاعاصير، واجه العالم (1961) “نانسي” بسرعة (342) كم/ساعة، وهو اقوى اعصار استوائي في التاريخ.. واعصار “بنغلادش” (1970) الذي خلف (300) الف قتيل.. و”فيفي” (1974)  في جزر خليج هندوراس ووفاة (8) الف شخص.. و”جيلبرت” (1988) ضرب المكسيك واعتبر الاكثر تدميراً في المنطقة.. و”ميتش” (1998) في امريكا الوسطى ووفاة (18) الف شخص.. و”اندرو” (1992) في الولايات المتحدة وخسائر قدرت بـ25 مليار دولار.. و”ايرين” و”كاترينا” و”ساندي” التي تضرب الولايات المتحدة منذ العام 2011 وادت الى خسائر مادية هائلة.. دون ان ننسى ظاهرة “التسونامي” التي تنتج عن زلازل وتحرك طبقات الارض وارتفاع الامواج لتكتسح السواحل والاهالي، كما حصل في مينمار- بورما(2008)، الخ.

اما فيما يخص الحرارة، فانها تزداد في العالم كله، لكنها تهدد منطقتنا (الشرق الاوسط وشمال افريقيا) بشكل خاص والعراق والخليج بشكل استثنائي. وتشير الدراسات الى تفاقم المشكلة خلال السنوات والعقود القادمة، بعد ان وصلت قبل ايام في البصرة والكويت 54 درجة سنتيكريد/سيلزيوس (129.2 فهرنايت)، وهي من اعلى درجات الحرارة خارج ما يسمى بوادي الموت في كاليفورنيا.. وتشير التقارير الى انه للفترة (1986-2005) بلغت درجات الحرارة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا 42.77(109 ف) خلال 16 يوماً في العام.. وسيصبح المعدل السنوي 80 يوماً بحلول 2050، حيث ستكون فيها الحرارة 45.55 درجة (114ف)، وقد يصل الى 200 يوماً بحلول 2100 بحرارة 50 درجة (122ف).. وستتضاعف موجات الحر (10) مرات عن معدلاتها الحالية، حسب التوقعات، وإن لم تتخذ اجراءات حاسمة.

وتؤكد تقارير للامم المتحدة ان المسألة المقلقة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ليست الحر فقط، بل جفاف التربة وانخفاض رطوبة الارض، وهذا ما يعظم الخطر مقارنة ببقية العالم. فعندما ترتفع درجات الحرارة فان رطوبة الارض في المناطق الاخرى تخفف من عبء الحرارة.. اما في المناطق الجافة، كمناطقنا، فان الجسم يصاب بالجفاف لفقدان الرطوبة الكافية. والاخطر، علاقة الحرارة برطوبة الهواء، وما يسمى (Wet-bulb temperature recordings درجة حرارة الهواء الرطب) والتي حدها القابل للعيش هو 35 سيلزوس بهذا القياس، وهي الدرجة التي ستمنع الرطوبة عن التعرق وبالتالي يتوقف الجسم عن تبريد نفسه، وان رطوبة بنسبة 50% وحرارة 46 درجة سيلزوس، ستعني معدل الـ35 مقاساً بمعدل رطوبة الهواء.. وقد حصل شيئاً قريباً من ذلك في اب 2015 في بندر ماهشهر في ايران والسماوة في العراق، وهو ما دفع السلطات لاعلان عطلة عن الدوام، والطلب من السكان شرب الكثير من الماء والابتعاد عن الشمس.

فالمنطقة مهددة بكوارث اشد عليها من الحروب والخصومات الحالية، ان بقينا على مناهجنا الحالية،.. وهناك تقارير متشائمة فيما يخص الوفيات والهجرة ودمار الزراعة وجفاف الارض وشحة المياه. فماذا نحن فاعلون؟ الاستمرار بعنادنا، واعتقاد كل منا انه سيخرج منتصراً من معاركه الصغيرة والعبثية، بينما الدمار يهددنا جميعاً.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
34°
34°
Wed
33°
Thu
الافتتاحية