Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

التحديات والمستقبل.. “عراق الجغرافيا”.. و”عراق الشعب”

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 3:56 - 15/01/2017 - عدد القراء : 1728

  1. هل سيبقى العراق موحداً، ويتصالح مع نفسه ومع جيرانه.. وهل سنتجاوز ازمة “داعش” والارهاب ونوفر الامن والاستقرار، ويخضع كل السلاح للقانون والنظام.. وينطلق الاقتصاد ونخرج من اسر الدولة الريعية، ونوفر خدمات ومستويات افضل.. وننعم بقضاء عادل وادارة راشدة.. ونؤسس لنظام عادل ترضاه الجموع ويتعايش معه المخالفون؟
  2. اذا بقينا في اطار رؤيتنا للعراق كما عرفناه، فيحن بعضنا للنظام الملكي، واخرون للنظام القاسمي، وغيرهم لنظام البعث، والبقية لنظام اسلامي، فستكون التحديات مخيفة وفوق طاقتنا، وستبدو افاق المستقبل مغلقة تماماً بالنسبة لجميع هؤلاء. فذلك العراق قد انتهى، ولن يعود سواء اكان فيه كل الخير او كل الشر، او شيئاً من هذا وذاك. واذا بقينا في اطار عراق اليوم، بانجازاته واحباطاته، وازماته وتعطلاته البنيوية المزمنة، فان التحديات والاعباء ستزداد، وسنفشل في بناء دولة ناجحة ومجتمع منتج.
  3. فهل نصاب بالاحباط؟ ام ان النظر للامر من زاوية اخرى قد تشير باننا انهينا مرحلة، ونقف على اعتاب مرحلة جديدة. وهذه قد تكون ارهاصات ومخاضات معمدة بالدماء والالام، لكنها قد تكون مؤشرات لولادة جديدة. فلنعد لبداية القرن الماضي. فالعراق كان جزءاً مما سمي بـ”الرجل المريض”. ويومها ايضاً كان شبح الحرب مخيماً على العالم.. وهجمات الوهابيين على العراق مستمرة.. والخلافة مهددة بالانهيار والانقسام.. والاسلام في خطر.. والاحتلال والانتداب يفرض نفسه على البلاد.. وغذيت المشاعر القومية مع وعود بالاستقلال وتوحيد البلاد العربية.. واستنهضت المشاعر القومية الكردية مع وعود بدولة مستقلة.. ومن رحم ذلك كله ولدت الدولة العراقية المعاصرة.. رغم ذلك مضت الحياة الى الامام. ونست الاجيال الاشكال القديمة وعاشت حياتها الجديدة.. ونمت الطموحات والاماني من جديد، وتقدم العراق على الكثير من دول المنطقة.. فما بدا كارثة ومستقبلاً مظلماً في بداية القرن العشرين، لم يكن سوى حكم التاريخ على اوضاع قامت وانتهت، وعلى حقائق جديدة استفاد منها من ادرك اتجاهاتها ومنطوقها، ودفع الثمن من تخلف عن ذلك.
  4. “عراق الجغرافيا” تغير مئات المرات خلال القرون.. وسيستمر على التغير شئنا ام ابينا. الأهم “عراق الشعب”  او الشعوب، وان يتغير للامام، وهو ما يتحقق بادرك متغيرات العصر، والتيارات الصاعدة ووضع نفسه في مساراتها، والتيارات الهابطة وأهمية الابتعاد عنها. وستضغط التحديات الحالية الداخلية والخارجية على “عراق الجغرافيا”.. وسيتحدد افق المستقبل بخيارين: ١- انغلاق الفكر على اشكال واطر متخلفة، وبلوغ المعادلات الداخلية حد العجز، فيظهر الشكل الموروث والحالي كرجل مريض يحتضر.. ٢- الاهتمام اولاً بالمضمون قبل الشكل، والسعي لمواجهة التحديات برؤى واطارات اكثر ملائمة مع الاوضاع الجديدة، والتي قد تختلف عن الكثير مما قمنا ونقوم به في الماضي او حالياً، وذلك على الصعد المحلية والخارجية. فيتم استثمار عوامل الشد والدفع الخارجي، لتوليد زخم داخلي، ليعوم نفسه عليها، وليضع شعبنا نفسه بكافة تلاوينه في فضاءاته المختلفة وطنياً.. ويستثمر التعددية الداخلية للانفتاح على اوسع الروابط والامتدادات الخارجية.
  5. البقاء في “عراق الجغرافيا” سيعني اما سلسلة من الانقسامات كالانقسام بين الشيعة والسنة، او الكرد والعرب، وقس على ذلك، او تعطيل متبادل وازمات وصراعات، وسيبدو بعضنا متآمراً على الاخر. فهذا سيبدو صفوياً يتآمر على العرب.. وذاك سيبدو انفصالياً تدعمه قوى خارجية.. وثالث سيبدو سلفياً متحالفاً مع الارهاب. وقس على ذلك.
  6. نخلص للقول ان التعددية التي لعبت دوراً معطلاً لحد الان، هي كنز وثروة تسمح لنا التوسع نحو فضاءاتنا الخارجية.. بالمقابل فان المحاور الاقليمية واتجاهاتها، والتي مثلت لحد الان، اختراقاً لنسيجنا وامننا ومصالحنا، هي عوامل دعم واسناد، ان وضعنا العراق في مكانه الصحيح، ليلعب دوره المرسوم له تاريخياً، والذي لهذه الاسباب كان ارض نبوة ورسائل سماوية، وارض إمامة وشرائع وحضارات.. وعواصم حكم لاهم الامبراطوريات، او كراسي حكم لدول الخلافة في قمة مراحل صعودها وتقدمها. “عراق الجغرافيا” الخانقة لنفسها سينتهي.. ونحن نشهد على الاغلب ولادة “عراق الشعب” او الشعوب. ما يحزننا ان ذلك لا يجري بوعينا، وارادتنا، بل هو يجري بالضد من ارادتنا المغالطة، ووعينا المزيف. (للبحث صلة)

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
26°
27°
السبت
28°
أحد

استبيان

الافتتاحية