Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

التنظيم جزء من الشعب.. والشعب جزء من التنظيم

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:55 - 04/04/2016 - عدد القراء : 1979

تختلف التنظيمات في ايديولوجياتها وممارساتها، وهذا امر طبيعي.. واهم الخلافات هي في طبيعة العلاقة بالشعب الذي تتكلم باسمه. وهناك عموماً تجربتان. الاولى تضع نفسها قيّماً على الشعب والمجتمع دون ان يكون للاخير كلمة في التنظيم او له قنوات نحوه.. والثانية تندك بالشعب والمجتمع وتجعلهما جزءاً من التنظيم. فتختلف فلسفة الاول عن الثانية في مفاهيم القيادة والتعبئة، وفي البُعد الفكري والايديولوجي.. في الاولى حواجز واسيجة، وقيمومة وفوقية.. وفي الثانية انفتاح وتداخل، فيعيش التنظيم في بحر الشعب.. ويتحول الشعب الى مياه متجددة يحيا بها التنظيم. ليتداخل الاثنان، صعوداً وهبوطاً، تداخلاً لا يتطابقان تماماً فتضيع ملامح التنظيم، ويذوب ويتخلى عن دوره.. ولا ينفصلان ابداً فتنقطع عناصر الحياة للاول، وتضيع عن الثاني عناصر التوجيه والقيادة.. وان تيارين اساسيين هما “المجلس الاعلى” و”التيار الصدري” ادركا، فطرة او وعياً، اهمية اشراك الشعب في قرارات التنظيم واختيار ممثليه، وقاما بممارسات جنينية، ما زالت تحمل الكثير من النواقص والسلبيات، وفيها الكثير من البساطة. ففتح “المجلس الاعلى” باب الترشيح او انتخاب مرشحي “المجلس الاعلى” لمجلس النواب من قبل اي مواطن يريد المشاركة بـ”الانتخابات التمهيدية” (2010)، او تطوير الفكرة ليساهم من يريد من المواطنين عبر “مؤتمرات انتخابية” مدروسة جيداً، وهو ما قد يقوم به في الدورات الانتخابية القادمة.. هذا وقد قام التيار الصدري بتجربة مقاربة، وعمل على تطويرها.
تأثرت الكثير من مفاهيمنا التنظيمية والحزبية بالتجربة الغربية، فالعصر هو عصر الغرب… وجاء التأثير الاكبر من الاحزاب الشيوعية.. ومشكلة التنظيمات اللينينية التي تأثرت بها عندنا الاحزاب القومية والدينية ايضاً، ناهيك عن الشيوعية امران: الاول انها تضع فاصلاً بين النخبة او الطليعة او ممثلي الطبقة القائدة وبين عموم الشعب.. فالحزب يمثل الشعب ويقوده بتفويض ايديولوجي وافتراضي، وليس فعليا او حقيقيا. والثاني تشديد هذه التنظيمات في مراحل عملها الكفاحية على سرية تنظيماتها وقياداتها والتصلب في القبول في عضويتها وادلجة المنتمين اليها.. فتتولد حياة داخلية متكاملة تغرق فيها وتتصور الشعب مرآة لها وليس العكس. فتغالي في الولاء للحزب والقائد وتقدمه على الولاء للشعب. وللامرين تداعيات كبيرة برهنت التجربة التاريخية انها تقود للانغلاق والانكفاء وعدم تلمس الاخطار الحقيقية الا عندما تقع. فيتصور الحزبي ان اي ابتعاد او تطوير عما تربى عليه، من قيم داخلية و”عبادات” خاصة لاشكال او لرموز وكأنه خيانة وخذلان للتضحيات التي قدمها التنظيم ولتاريخه.. بينما العكس هو الصحيح. فالظروف تتغير وعدم مجاراتها لتتغير الاساليب والادوات معها هو الخيانة للتاريخ والشهداء والتضحيات.
في التاريخ الاسلامي تجارب رائعة في الموضوع. اذ ابتعد علي عليه السلام عن اي شكل من اشكال البيعات النخبوية او السرية او في جنح الظلام، واشترط بيعة علنية على رؤوس الاشهاد. فعندما قال له طلحة والزبير: “ان الناس لا يؤثرون غيرك.. فابسط يدك نبايعك.. فقال (ع): ان بيعتي لا تكون سراً.. الخ”.. ويقول في كلام اخر لبيان العلاقة الوثيقة المتبادلة، وحقوق الشعب على النخبة، “فإن سخط العامة يجحف (لا ينفع) برضا الخاصة وان سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة”.. فخلافاً للقادة الفوقيين والاحزاب المتأدلجة، فها هو المعصوم (ع) يرى للناس دوراً في قيادته لهم، عندما يتعلق الامر بشؤونهم، والسياسة والحكم هو شأنهم بالتعريف الاول.. فيقول “لقد كنت امس اميراً فاصبحت اليوم مأموراً.. وقد احببتم البقاء وليس لي ان احملكم على ما تكرهون”.
ان من اخطر الاخطار تحول التنظيم الى مجتمع يلغي المجتمع الحقيقي ويكون بديلاً له.. ولعل هذا هو السبب لرفض الشهيد الصدر الاول وكثير من المفكرين اطروحة الشهيد سيد قطب حول “الجاهلية الثانية”.. فالمجتمع مسلم والناس مسلمون، وان معالجة الاخطاء والانحرافات الفردية والاجتماعية، شيء وتكفير المسلمين والمجتمعات الاسلامية شيء اخر. فهو يقود بالضرورة الى انحرافات اكبر كما يشهد على ذلك التطور الى مفهوم السلفية الجهادية، وما افرزته من فكر ارهابي يدعو لتكفير وقتل كل من لا ينتمي لتنظيماتهم.. فولدت “القاعدة” و”داعش”.. ففصل المجتمع والشعب عن التنظيم، له مآلات خطيرة، كما تبين التجارب.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
20°
27°
Sat
30°
Sun
الافتتاحية