اننا امام طريق مسدود في مجالات الاصلاح السياسي والاداري والاقتصادي.. واننا امام ازمات متداخلة في علاقة المؤسسات التشريعية والتنفيذية الاتحادية والمحلية ببعضها وانماط اعمالها، وتعطل تمتعها بصلاحياتها الحقيقية، اما لعدم كفاءاتها، او للتعطيل المتبادل من داخلها بسبب المحاصصة واضطراب القوانين والتعليمات، او بسبب تعطيل المؤسسات بعضها للبعض الاخر. فالرقابة المالية والنزاهة والمفتشيات التي واجبها كشف الخلل والفساد لتصحيحه، تلعب احياناً دوراً حاجزاً ومعرقلاً، فتعطل اموراً اساسية وكبيرة، امام هواجس او تقارير او امور هامشية.. والوزارات والتي تحكمها قوانينها بالتخصص في مجالات عملها، غالباً ما يعطلها التنافس غير المبرر والمشروع بين الوزارات، او كثرة المرجعيات داخل كل وزارة، او بسبب مداخلات غير مبررة لمجلس النواب او الامانة العامة لمجلس الوزراء.. وكذلك الشأن في “الهيئات المستقلة”، التي لم تعد مستقلة حقيقة الى حد كبير، بل حولت الى ملحق بالاجهزة التنفيذية ليس الا.. ونجد لهذا كله ما يشبهه في الحكومات المحلية سواء في العلاقات الداخلية فيها.. او في علاقاتها بالحكومة الاتحادية. باختصار فان المواطنين يعانون من التأخير والرشاوى عند المراجعة لانجاز معاملاتهم.. وان دولاب الدولة لا يدور، وهناك حجم من العراقيل والحواجز والعصي في عجلاتها يجعل اتخاذ قرار وتنفيذه مهمة في غاية الصعوبة. وهو ما يترك كل هذه الاثار السلبية في مسيرة تطور البلاد.
ورغم كل ما سعت وتسعى اليه قوى رسمية وغير رسمية للخلاص من هذا الوضع، الا ان الامور بقيت تدور في مكانها، وازداد الفساد والرشاوى والتزوير، مما يدفع البعض لوصف الدولة العراقية بالدولة الفاشلة، وهو ما يجب رده والتصدي له. وللسير نحو اصلاح جدي محوره وجوهره الانتقال من الدولة الريعية الاحتكارية الى دولة الجباية والمواطنة والخدمة العامة، وانتظاراً لتحقيق ذلك، وهو ما يمكن ان يتأخر ويزيد الامور سوءاً، لابد من وضع حلول استثنائية واجراءات رديفة او موازية يمكنها ان تحرك شيئاً من داخل الدولة وكثيراً من خارجها.. وهذه بعض الحلول المباشرة والواضحة، والتي لا تحتاج الى موارد جديدة، او هدم الموجود لبناء الجديد، وهناك بالطبع حلول اخرى.
عادل عبد المهدي