Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الشيخ طه جابر العلواني.. رحيل مصلح كبير

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:27 - 06/03/2016 - عدد القراء : 2463

توفي في الرابع من الشهر الجاري فضيلة الشيخ المصلح الدكتور طه جابر العلواني بعد حياة مليئة بالعطاء والتضحية والجهاد. التقيت الاخ “ابا احمد” لاول مرة في بداية التسعينات في مؤتمرات فلسطين في الولايات المتحدة الامريكية، التي كان يحضرها الاف من الجالية الاسلامية من داخل امريكا وخارجها. واذا لم اكن مخطئاً فان الراحل كان اماماً في مسجد “العساف” في الكرادة الشرقية في بغداد، وهو مسجد قريب من سكننا العائلي. وفي منتصف الثمانينات كنت اسمع عن الدكتور العلواني من الصديق “بشير نافع”. كنت اعرف ان المرحوم “العلواني”اتُهم في ذات “المؤامرة” التي اتُهم بها الشهيد مهدي الحكيم في اواخر السبعينات، فاضطر لمغادرة العراق الى ايران، ومنها الى القاهرة ليحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الازهر الشريف عام 1973، ثم ليصبح استاذا في جامعة محمد بن سعود الاسلامية في الرياض (1975-1985). وبعد السعودية اسس مع ثلة من العراقيين وغير العراقيين مؤسسة كبيرة في امريكا نشطت في مجالات عدة، واختص هو بالجانب الفكري.. فاسس “المعهد العالمي للفكر الاسلامي”،والذي صارت له فروعاً في بلدان عديدة، تنشر المجلات والمؤلفات المختلفة.
كنت في وقتها (ثمانينات القرن الماضي، بداية التسعينات) مديراً لمركز الدراسات والثوتيق الاسلامي في فرنسا،وكان المركز يصدر مجلة “المنتقى” بلغات ثلاث هي العربية والانكليزية والفرنسية.. وبدأنا بالمراسلة للتنسيق، وكان المرحوم متحمساً لـ”المنتقى” كمشروع توثيقي لاهم اصدارات المفكرين المسلمين في العالم. وفعلاً التقينا في الولايات المتحدة، وكنت حذراً من الخلافات المذهبية فسألته مباشرة، اتعتقد ان هذا يمكن ان يعرقل نشاطاتنا المشتركة.. قال على العكس، هذا ما نحتاجه.. نحتاج افكاراً تحرك الساكن.. ومنذاك تواصلنا في اكثر الظروف صعوبة.. وبدأنا ننظم مؤتمر عالمي لمناقشة اعمال المفكر الامريكي “فوكوياما” حول “نهاية التاريخ.. والرجل الاخير”، الذي اثار ضجة في وقتها.. واتفقنا ان اتولى جانب الدعوات واوراق المؤتمر.. ثم حدث الاجتياح العراقي للكويت.. وبدأ الوضع السياسي يتطلب حضوراً متزايداً في المنطقة.. وبالفعل اعتذرت عن مواصلة التعاون في المشروع.. واتذكر كلمات المرحوم، ان العمل الفكري للمتخصصين اهم من العمل الميداني. فكثيرون يستطيعون القيام بعمل ميداني، لكن قلة يمكنهم القيام بالعمل الفكري.. لم استمع لنصيحته، رغم ان لقاءاتنا لم تنقطع.. واتذكر تماماً اجتماعاً في شتاء 1990 قبل عمليات الكويت.. كان المرحوم الاستاذ عادل حسين رئيس حزب العمل الاسلامي المصري قد عاد للتو من جولة في العراق.. وكان يروي ان “صداماً” يقول انه نادم على اعماله السابقة.. علق المرحوم طه جابر “من يتوب يترك موقع المعصية”.
كنا نتصل ببعضنا ونتشاور.. لكن بعد تفجيرات 11 ايلول 2001، تعرض المرحوم العلواني لمضايقات امنية شديدة،اضطرته للاستقرار خارج الولايات المتحدة.استمر في اعماله ونشاطاته، رغم عدم استقراره ومصاعبه الصحية.. وله مؤلفات كثيرة منها “اسلامية المعرفة بين الامس واليوم”..و”ادب الخلاف في الاسلام”..و”الازمة الفكرية ومناهج التغيير”..و”الجمع بين القراءتين”..و”لا اكراه في الدين”..و”التعددية: اصول ومراجعات بين الاستتباع والابداع”، والكثير غيرها. وهو كان قد كتب مقدمة لاحد مؤلفاتي “الثوابت والمتغيرات في التاريخ الاقتصادي للبلدان الاسلامية”، وكنت بالمقابل قد كتبت مقدمة لكتابه “الخصوصية والعالمية في الفكر الاسلامي المعاصر”.
كان المرحوم فقيها وعالماً في مجال اختصاصه، لذلك احتل مراكز هامة كثيرة منها رئيس المجلس الفقهي بامريكا، وعضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة، وعضو مجمع الفقه الاسلامي الدولي في جدة.. ورئيس جامعة العلوم الاسلامية والاجتماعية في فرجينيا في الولايات المتحدة، وقام بتأسيس او المساعدة على تأسيس عدد من الجامعات العلمية في امريكا والعالم. ونشر في اخر مقال له بعنوان، “انا المسلم اهاب الموت، لكنني اؤمن بانه جسر لابد ان امشيه، لاصل الى دار البقاء من دار الفناء. وارجو حسن الخاتمة، واستعيذ بالله من سوئها. احب الجنة، وابغض النار، احب الامن وابغض القلق، واكره الكراهية ولست بفاحش ولا بسباب ولا بمهلك”.
وهكذا تغادرنا،بمشيئته تعالى، قامة عراقية واسلامية واممية كبيرة.. رحم الله المرحوم، واسكنه فسيح جنانه، والهم ذويه ومحبيه الصبر والسلون، وانا لله وانا اليه راجعون.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
20°
28°
Mon
29°
Tue
الافتتاحية