Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الصدق اس العلاقة الراشدة بين الحكم والمواطن

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:31 - 03/07/2016 - عدد القراء : 604

استلمت –عبر البريد الالكتروني- من الاخ الدكتور محمد توفيق علاوي وزير الاتصالات السابق بتاريخ 16 حزيران 2016 مقالة معبرة عن العلاقة بين الحكومة والمواطنين من جهة، والمواطنين انفسهم من جهة اخرى. اعيد نشرها للمساعدة على انتشارها، ففيها درس مهم وشهادة مع الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، والتي كنت اتمنى لو وثقها الاخ الدكتور اكثر لاهميتها، وهل دونها منذاك وهي بالنص ادناه، ام يرويها اليوم بمعانيها وما اختزنته الذاكرة. يقول الاخ علاوي:
[“في صيف عام 1976 سافرت الى انكلترا، فركبت قطار الانفاق مع ابن عمي الذي كان يسكن هناك، حيث يجب دفع سعر البطاقة قبل ركوب القطار، ولكن مكتب بيع البطاقات كان مغلقاً، فركبنا القطار الذي توقف في عدة محطات قبل الوصول الى محطتنا الاخيرة، وقبل الخروج كان هناك مكتب صغير يسمى ( Access Office) حيث اخبرناه اننا لا نملك بطاقة، فسألنا عن المحطة التي انطلقنا منها، فأخبرناه عنها، فطلب منا مبلغاً من المال إستناداً على المسافة التي قطعناها بالقطار، فسالت إبن عمي لو أننا خدعناه وذكرنا محطة اخرى اقرب فهل سيأخذ مبلغاً اقل، فكان جواب إبن عمي بالإيجاب، ولكنه اضاف إن هناك ثقة متبادلة والناس عادة لا يكذبون بل يقولون الحقيقة ويدفعون ما يجب عليهم دفعه (طبعاً هذا الامر كان عام 1976 حيث تغيرت بعدها الكثير من عادات الناس هناك).
لقد اثرت بي هذه الحادثة وقررت أن اسأل السيد الشهيد محمد باقر الصدر حيث كنت اتردد عليه في النجف (والكلام ما زال للدكتور علاوي)، فقابلته وذكرت له هذه الحادثة، ثم سألته (هل حسن تصرف الكثير من الناس في الغرب وتمسكهم بالصدق والعدل ناتج عن عقيدتهم المسيحية لفترة مقاربة لألفي عام؟ وهل تصرف الكثير من المسلمين في بلادنا من التحايل والكذب ناتج عن عقائدنا؟) فأجابني السيد الشهيد رضوان الله عليه إجابة مباشرة وكأنه قد عاش معهم في الغرب، وقال (هذه التصرفات لا علاقة لها بالدين، بل هي مرتبطة إرتباطاً مباشراً بالحاكم، ففي الغرب يشعر المواطن بأن الحاكم في بلده يعمل بإخلاص من أجل بلده ومن أجل مصلحة المواطنين، فتتعمق ثقة المواطن بحكومته، وعلى اثرها يخلص المواطن لبلده ولحكومته ويتعامل مع مؤسسات الدولة كافة بثقة وبصدق واخلاص، وتنعكس اثار هذه العلاقة في تعامل المواطن مع المواطنين الاخرين، فتعم وتتعمق أجواء الثقة والصدق بين ابناء الوطن الواحد، وبمرور الوقت يكتشف أبناء الوطن الواحد أن هذه الصفات تصب لمصلحتهم جميعاً، فتترسخ هذه الصفات، ويتحول هذا السلوك بمرور الوقت الى حالة من –المراس الحضاري- وهذه اول مرة أسمع بهذا التعبير الذي استخدمه السيد الشهيد في ذلك الزمن، أما في بلداننا –والكلام للسيد الشهيد- فالحاكم هو عدو الشعب وهذه العلاقة العدائية تنعكس بشكل سلبي على العلاقة بين المواطن وبين الحاكم وبين المواطن وبين الدولة ومؤسساتها، وتنعكس اثارها السلبية على العلاقة بين المواطنين انفسهم، فالدين بشكل عام لا علاقة له بالقيم الاخلاقية العالية التي يتمتع بها الكثير من المواطنين بالغرب بل يرجع الفضل في ذلك لحكامهم، كما انه لا علاقة بالمرة بين الدين وبين سوء الخلق والافتقار للكثير من القيم الاخلاقية للكثير من المواطنين في بلداننا، بل المسؤول الأول عن هذا الافتقار للقيم الخلقية العالية في بلداننا هو الحاكم) انتهى كلام الشهيد الصدر.”]
ويختم الاخ علاوي مقالته بطرح تساؤل باستمرار اختلال العلاقة بين الحاكم والمواطنين حتى بعد سقوط الدكتاتورية وصعود قيادات وطنية واسلامية وبجذور شعبية الى دست الحكم، والتي كان من المؤمل ان تضخ في الدولة والمجتمع قيماً جديدة قائمة على الصدق والثقة والشفافية، بين الطرفين.. ويؤكد الاخ علاوي ان العكس حصل تماماً رغم ما تصر عليه الاديان (والاسلام خصوصاً) من اهمية انتشار قيم العدالة والاخلاص والصدق، وهو امر يظهر مدى تعشعش واستمرار، بل واعادة انتاج الخلفيات الفلسفية والسلوكيات البيروقراطية والمتعالية والمغالطة التي ما زالت تعمل بعيداً عن القيم الخلقية العالية.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
21°
27°
Wed
28°
Thu
الافتتاحية