بسم الله الرحمن الرحيم
العبادي في السعودية ومصر والاردن.. العراق القوي طريق النجاح
غالباً ما يناقش البعض ان العراق بحاجة الى مستبد عادل. وان شيوع هذه الثقافة كانت من اهم العوامل لتشجيع الاستبداد والدكتاتورية. فالمستبد (الكبير والصغير) لا يصنع نفسه فقط، بل تصنعه حاشيته ايضاً، لتنتقل الثقافة الى الشعب كذلك. لهذا اصبح مفهوم “السياسي القوي” هو صاحب الضجيج والصراخ، وردود الافعال العنيفة وسرعة الانتقام والتنكيل ومحاصرة اي راي مخالف، ولو باستخدام وسائل السلطة والكذب والتزوير، والذي يخترق ليل نهار القانون والدستور والعمل المؤسسي، لكنه يحاسب الاخرين على النقطة والفارزة. فهذه التوجهات تعطي مردودات سريعة ومباشرة،.. دون ان تقدم حلولاً لمشاكل البلاد. فكل شيء هنا سطحي يخاطب الفهم الساذج الغريزي.. فالانجازات “ميكافيلية” تدغدغ الغرائز او المخاوف، وتعطي القليل لتأخذ الكثير، ويهمها مظاهر التأييد على السطح، ولا ترى عوامل الرفض والغليان في الاعماق التي يمكن ان تنفجر في اية لحظة. عندها تنهار البناءات التي بدت يوماً خالدة، ويسقط الصنم بعد ان يخلف من الدمار والخراب ما سيتطلب اجيالاً طويلة لاصلاحه. ومما يؤسف له ان ذاكرة الجيل الواحد عموماً قصيرة. ورغم كل التجارب والدروس، يستمر البعض بالبحث عن الرجل الضرورة والمستبد العادل، وهو ما يعيد طرح الاشكالية على الفكر السياسي الفاعل لدينا. وملخصها هل البلاد بحاجة الى رجل قوي، ام بحاجة الى مؤسسات وقيادات ومعرِفة حقيقية قوية تستطيع استثمار قوة العراق الذي هو حقيقة حضارية وتاريخية واقتصادية وجيوبوليتيكية عظيمة. فان تحقق ذلك فسنرى ان السفينة ستسير نحو مقاصدها، وان الرياح ستدفعها بالاتجاه الصحيح. وان زخم العراق كفيل بتوفير بقية المتطلبات، إن عملت تلك القيادات والمؤسسات ليجد العراقيون بكافة مكوناتهم، كيمياءهم المطلوبة.. وإن وضع العراق في مكانه الصحيح ليلعب دوره المطلوب، بما يعزز وحدته.. وسنرى عندها سرعة التطور الداخلي، وكيف ستأتيه المنافع والخيرات من كل صوب وحدب. فالعراق لا يصلح ان يكون محوراً ضد محاور، بل مكانته ودوره وتقدمه داخلياً وخارجياً ان يكون هو المحور تتجه المحاور نحوه، ويتجه نحوها.
فالعراق هو من الدول التي تمتلك زخماً عظيماً بذاتها، إن احتلت مكوناته مكانها الصحيح وحصلت على حقوقها كاملة، وإن موضع نفسه اقليمياً ودولياً بما يخدم خصائصه ومكانته ووحدته ويتماهى تعددياً مع هوية مكوناته بطبائعها المختلفة، ان كانت دينية، مذهبية، قومية، وطنية، حضارية او ثقافية، الخ. فعند العراق تلتقي الخيوط، وهو الوادي الذي تصب فيه كل المياه.. وان الصراع في العراق او عليه يدمره، وان ما يبنيه ويخدم اهله والمنطقة هو اللقاء عنده بكافة الابعاد والمستويات والمتطلبات.
عادل عبد المهدي