بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
العراق، والعملة الالكترونية المشفرة؟ (1)
هل العملة الالكترونية الافتراضية المشفرة “ثورة نقدية”، كما كان الانترنيت والشبكة العنكبوتية ثورة للتواصل والمعلومات؟ وهل درس البنك المركزي العراقي الامر، ليقيّم الايجابيات والسلبيات، وللاستعداد للتطورات القادمة للاستفادة منها بدل تلقي نتائجها فقط.. فاذا كانت السعودية مثلاً قد رفضت (محقة او مصيبة) التعامل بها، فان دولاً اخرى كالمانيا والمصارف السويسرية والانكليزية ودولاً عربية وخليجية قد شرعنتها او تفكر بشرعنتها؟
بلغ حجم العملة المشفرة، (الـ”كريبتوكارنسي” Cryptocurrencies) في اسواق التداول ما يعادل 60 مليار دولار (ايار 2017) وهو في تصاعد سريع ومستمر. وتمثل الـ”بيتكوين Bitcoin” نصفها، والنصف الاخر الـ”إتيريوم” و”ريبل”، وعشرات غيرهما. قيمة البيتكوين” الواحد قبل 8 سنوات 6 سنت، وتجاوز الان 6000 دولار. العملة المشفرة افتراضية، لا وجود فيزيائي لها، ولا تصدر عن سلطة نقدية مركزية كالبنوك المركزية، بل يصدرها المشتركون انفسهم، ويقومون بالمعاملات الكترونياً بين “اشخاص” الشبكة.. وقيمة العملة يحددها العرض والطلب عليها والكلف الموضوعة لطرحها.. ويمكن مبادلتها بالعملات الاخرى كالدولار عبر منصات خاصة. وهي عملة عابرة للقارات، يتم التعامل بها بسهولة عبر الحاسوب او الهاتف الذكي بمجرد تحميل “برنامج Software” مجاني يسمح بالاشتراك، ويحفظ مجهولية المشترك وعنوانه.
كتب “ساتوشي ناكاموتو” (اسم وهمي) بحثاً في 2008 عن معادلة رياضية لوغارتيمية (الكريبتوكرافيك Cryptocraphic)، طُبقت في 2009.. معادلة تسمح ببناء شبكة لعملة رقمية مشفرة، بين “شخص” و”شخص” peer to peer network لا تديرها سلطة نقدية مركزية. تقوم الشبكة بخزن سجل “سلسلة الكتل Block Chain”، الرابط لجميع المعاملات او الكتل ببعضها. ويتسنى لكل “شخص” مشارك معرفة الرصيد الذي يملكه وتاريخ كل السلسلة وصولاً الى اصلها (كتلة التكوين Genesis Block).. واي تغيير في اية كتلة يتطلب تغيير كل الكتل التي تليها بسبب اعادة حساب المعادلة الرياضية، مما يجعل تكرار نفس العملة في غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً. فيمنع الغش والتلاعب لاطرافها. ويدخل “الشخص” المشارك عبر مفتاحه السري (30 حرفاً ورقماً)، ويقوم بمعاملته مباشرة والكترونياً، مع “شخص” في الشبكة، بغرض تحويل العملة او الشراء والبيع، الخ. فتنشر المعاملة في الشبكة وترسل لكل “الاشخاص”.. وتتم الموافقة خلال دقائق، ويضاف الطلب لبقية الطلبات التي تحفظ نهائياً، ولا يمكن التراجع عنه او التلاعب به. واذا رفضت الشبكة الطلب فسيوضع بالانتظار او يهمل. وعند الموافقة ينتشر في الشبكة ويصبح جزءاً من “قاعدة المعلومات Database”. وان العملة المشفرة تحتاج لجهة تستطيع عرض العملة المشفرة داخل الشبكة، وتمنع اختلاق “شخصيات” وهمية. وهذا الشخص هو “المنقب Miner” (كالمنقب في منجم الذهب مثلاً يستثمر الاموال ليستخرج المعدن الثمين وطرحه للتداول).. ويستطيع اي شخص مقتدر ان يكون “منقباً” لعرض العملة المشفرة ولانجاز “المعادلة الرياضية”، التي هي قاعدة الشبكة باسرها وضمانتها والية عملها.. ولان تعقيدات “المعادلة الرياضية” تحتاج الى طاقات كومبيوترية عظيمة ومتزايدة ومكلفة، مما يتطلب من “المنقبين” الالكترونيين استثمارات عظيمة، مما يحدد عرض العملة.. ويلعب “المنقبون” دوراً كالمسؤول عن شبكة “الفيسبوك” او “تويتر” او “يوتوب” او “الادمن” وغيرهم في مجالاتهم.. لذلك هناك حدود للعملة المشفرة الممكن توليدها خلال وقت محدد، وهو جزء من التوافق الذي لا يمكن لـ”شخص” في الشبكة تجاوزه. فالعملة المشفرة، تتضمن التوافق بين جميع “اشخاص” الشبكة، القائم على “كريبتوكرافيك” قوي. فحمياتها ليس البشر او سلطة او بنك مركزي، وانما الرياضيات.
الموضوع ما زال معقداً بسبب حداثة التجربة والمستوى التقني المعقد لمفاهيمها، وسيتوضح بمرور الايام ويصبح امراً عادياً يتعامل به الناس كما يتعاملون اليوم مع الانترنيت، او نظام التعقب او تحديد الموقع ” Global positioning system-GPS” الذي يستخدمه الجميع ببساطة، دون ان يشغل نفسه بالمعادلات الرياضية المعقدة التي واجهت “انشتاين” والذي يقوم النظام على نظرياته. فهل نحن امام عملة المستقبل؟ خصوصاً وان الكثير من الدول والبنوك المركزية بدأت بالاستفادة من التقنيات المشفرة لتأسيس عملة سهلة وجديدة، لهذا اهمية دراسة الموضوع، وتقييمه والاستعداد له. (للبحث صلة)
عادل عبد المهدي
