Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

“العصبية الحزبية” قوة الاحزاب في مرحلة الثورة.. ومقتلها في مرحلة بناء الدولة والمجتمع

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:52 - 18/04/2016 - عدد القراء : 2055

كانت الازمة الاخيرة قاسية ومؤلمة وخطيرة، الا انها –بالمقابل- تجربة غنية بالدروس والعبر في تقويم الاداءات، وفي قوة وهشاشة المؤسسات، وفي العلاقة بين المكونات، ومواقف الاحزاب والتحالفات، وصولاً للمواقف الفردية. ازمة لابد من تسويتها سريعاً، والا الكوارث الكبرى.
لقد كشفت الازمة ان التجربة السياسية لن تكتسب النضج الكافي، وان الديمقراطية لن تؤسس لنفسها تقاليد عمل حقيقية، ولن تبني مؤسساتها ومنظومة قراراتها، وان الاحزاب والقوى السياسية لن ترتقي الى ممارسات الدولة والمؤسساتية والحياة الديمقراطية، وبان الرأي العام ومؤسسات الاعلام والضغط لن تلعب فعلاً دور السلطة الرابعة المسؤولة، وبانها ليس مجرد ادوات للتسقيط والمناكدة ونشر الاشاعات، نقول ان الازمة كشفت بان ذلك كله لن يتحقق بدون مخاضات والوقوف عند الحافات الحادة، والمنحدرات الخطيرة، ليكتشف كل طرف حقيقة بناءاته وشعاراته وسياساته، والممكن والمستحيل فيها. فالازمة –ان تجاوزناها- درس كبير سيحمل ولاشك  تطعيماً او حصانة لمجمل التجربة السياسية.. التي تسعى للانتقال من حكم الفرد والحزب والطائفة الى حكم مؤسساتي ديمقراطي يحترم التعدديات ويكتسب شرعيته من الارادة الحقيقية الحرة للشعب.
لقد كشفت الازمة ان العراق في عمقه ليس بلداً هشاً قابلاً للانهيار والقسمة بسهولة، كما قد تستنتج قراءة متسرعة لما يجري على السطح من فوضى واضطراب.. فللبلاد حصاناتها ودفاعاتها التي تتحرك عند الازمات.. فتحت السطح، هناك نسيج متشابك قوي يستطيع التنادي والتماسك والتلازم ليمنع الذهاب عميقاً لتمزيق كامل النسيج. بل كشفت الازمة ان الصراع الخارجي على العراق ونتائجه السلبية، تتحول عند نقطة معينة من القلق الى وساطات، ومساع لتعزيز النظام وتوحيد الجهود خوفاً من حمم البركان وتمزق النسيج.. فعوامل الصراع على العراق هي نفسها عوامل زخمه. فالعراق، حمل ويحمل زخماً هائلاً هو عامل وحدته وقوته عند استثماره، وهو عامل الصراع عليه من اجل استغلاله.. هكذا الامر تاريخياً، وهكذا هو اليوم.
لقد كشفت الازمة ان البلاد ليست بحاجة الى قوى حزبية تسعى لفرض خططها وهيمنتها وارادتها على الدولة والشعب، بل بحاجة لاحزاب تدرك مهام المرحلة، وتمتلك رؤى متكاملة وتقاليد عمل قادرة على الاحاطة بمجمل الوضع، لتتماهى عبرها مع ارادة الشعب ورغباته وحقوقه ومصالح البلاد العليا…. فالازمة درس عظيم على الجميع ان ياخذ منه العبر، ليصحح بناءاته وممارساته، بدون اي عناد او غرور.. والا ستزداد الهوة بين الجمهور والاحزاب، التي ستُتهم بانها عامل استيلاء وعرقلة ومحاصصة، لا عامل خدمة وبناء، وهو ما يفسر رواج فكرة “التكنوقراط” و”المستقلين”. وهذه التهم تشمل الجميع، ولو بدرجات، ويخطىء من لا يراجع نفسه ويلقي المسؤولية على الغير. فالبلاد بحاجة الى حركات واحزاب قوية جديدة او تجدد نفسها، متمرسة بعقلها ورؤاها وممارساتها الديمقراطية والانتخابية وانسجامها مع مرحلة بناء المجتمع والدولة.. احزاب منفتحة وشفافة تجعل اولويتها مصالح الدولة والشعب وليس مصالح الحزب. احزاب تُخضع النزعة الحزبوية للنزعة الوطنية، وليس العكس.. احزاب تختلف مضامين قياداتها ومبانيها ومنطلقاتها واهدافها واساليبها عن احزاب المعارضة والثورة. حيث الدكتاتورية حاكمة، والشعب مسلوب الارادة، والوطنية هي اسقاط النظام، ولو بالعمل المسلح واللجوء للحياة والقرارات السرية والكتمان وروح التمرد والخروج على القانون. وحيث الانضباط الحديدي، والاسماء الحركية وسرعة الشك والتخوين. مما قد يستلزم –وقتها- تغليب مصالح وسياسات الحزب “العادلة” على سياسات ومصالح الدولة “الجائرة”.. ومما قد يرتب مواقف تتعارض، ومواقف الشعب المأسور يومها، تختلف عن المواقف المطلوبة في احترام خيارات الشعب الحر القادر على التعبير عن ارادته اليوم. لقد كشفت الازمة ان الاوامر الفوقية الحزبية الخاطئة سرعان ما ستتفكك عند التطبيق، وعندما تلامس الواقع، لترتد على نفسها وتكشف بطلانها جزئياً او كلياً. لقد كشفت الازمة ان السياسات المدروسة المناسبة لمرحلة بناء المجتمع والدولة، ومناهج التشاور والاقناع والانفتاح وعدم السعي للاحتكار هي اسرع وانجع الطرق للوصول الى النتائج المرجوة.. كما كشفت الازمة كم هناك من نفوس مضطربة، وعقليات جاهلة، ومطامح فردية تريد ان تركب اية موجة للوصول الى اغراضها الانانية.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
30°
30°
Sun
29°
Mon
الافتتاحية