Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

المشروع الصهيوني.. أخسر العراق يهوده، وخسر اليهود العراق

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:02 - 04/12/2016 - عدد القراء : 2382

نشرت “السومرية” تقريراً بعنوان “يهود كردستان يطالبون حكومة الاقليم بالاعتراف بعمليات الابادة بحقهم”. فلقد خسر العراق يهوده، وخسر  اليهود العراق، بسبب المشروع الصهيوني، ولكن ايضاً بسبب سياسات رسمية وشعبية خاطئة.. كما يخسر اليوم مسيحييه بسبب استهداف “القاعدة” و”داعش” لهم، وايضاً بسبب سياسات رسمية وشعبية خاطئة.. وتعرضت وتتعرض معظم المكونات الى الابادة والقتل والمضايقات والهجرة، كما حصل مع الشيعة والكرد والسنة والتركمان والازديين والفيليين والصابئة والفرس والارمن. فالتاريخ والحاضر مليء بالدم والاخطاء المتبادلة. فلنفتح كل الملفات، ان كان الهدف الحقيقة، او ان نبرهن جميعاً اننا في اعمالنا الحالية، لا نكرر الظلم الذي ندعي وقوعه علينا.

رافق “فرهود” ١-٢/٦/١٩٤١، اعمال قتل ونهب واعتداء على عراقيين يهود. ادانت الحكومة الاعمال، وشكلت لجنة تحقيق في ٧/٦/١٩٤١.. وكتبت تقريراً (نشره الهلالي لاحقاً) يشير ان القتلى والجرحى (٣١٤)، وقدرها رئيس الطائفة اليهودية (٢-٣) اضعاف الرقم. وقعت الاحداث بعد انهيار حكومة الكيلاني، وعودة عبد الاله، ودخول البريطانيين بغداد، في وقت نشطت فيه التيارات النازية، والبلاد في ظروف حرب ومجاعة وفقر، والهجرة المنظمة والعفوية والتصادم مع مجاميع الحركة الصهيونية مستمرة، وما يؤججه ذلك من مشاعر. فالصراع في اساسه بين المانيا وبريطانيا ومن يؤيدهما، وجر ذيوله تحريكاً من البعض، وهيجاناً لمشاعر وحشية لها ارضيتها.

ان الاستباحة والقتل (قليله وكثيره) عمل بشع ومرفوض بكل المقاييس. وان الكثير من مشاكلنا الراهنة هي باسقاط التاريخ على الحاضر. فاليهودية واليهود شيء.. والصهيونية واحتلال فلسطين والمآسي والمذابح بحق العرب والمسلمين والمسيحيين وغيرهم، شيء آخر. فـ”للتوراة” تفاسير متطرفة ومعتدلة. وان قيام “اسرائيل” واستمرار عدوانها اعتمد على اكثرها تطرفاً، والمتعلقة بـ”الارض الموعودة” (سفر التكوين 21:15-18 Genesis) و”ارض اسرائيل الكبرى” Eretz Yisrael Hashlemah من النيل الى الفرات. وتضم فلسطين ولبنان وسوريا والاردن والعراق وكذلك الكويت والسعودية والامارات وعمان واليمن ومعظم تركيا، ومعظم شرق النيل. فهذه نصوص توراتية يستلها ويفسرها يهود متطرفون، تماماً كما يستل مسلمون ومسيحيون متطرفون نصوصاً تدعم سياساتهم. فابناء الديانات والقوميات والايديولوجيات لديهم المسالم والمتعايش ولديهم العنيف والاقصائي.. فهل هناك معيار للجميع ام هو منطق احادي فقط؟

قضى جيلنا حياته السياسية، ليس دفاعاً عن فلسطين فقط، وليس استباقاً وهجوماً، بل دفاعاً عن انفسنا ومنطقتنا ايضاً. شخصياً، شاركت في حرب اكتوبر ١٩٧٣ لتحرير الجولان المغتصب، وشاركت بمقاومة الاجتياحات الاسرائيلية للبنان خصوصاً عام ١٩٨٢.. وفيه طوق الاسرائيليون البيت الذي كنت اسكنه في “القماطية”، بعد قليل من تركي له. فنادوا بالمكبرات بالاستسلام، فلما لم يجدوا احداً، قاموا بتفجيره كعادتهم، وما زال انقاضاً. وفي باريس، حُكمت (١٩٦٨) بالسجن ٦ اشهر مع وقف التنفيذ، لتوزيعي للمارة منشورات في “السانت ميشيل” تندد باعمالهم العدوانية. فالامر يخصنا جميعاً، وهو ليس مجرد تاريخ وادعاءات، بل هو حاضر، ودفع عدوان. فلنرَ الامور بنصاباتها، فلا نتكلم عن ظلم، وننسى اخر اكبر منه بكثير.

اننا نؤمن بانبياء اليهود ورسلهم وكتبهم السماوية.. فعندنا كتب التلمود البابلي، ولعب اليهود دوراً بارزاً في تاريخنا. وفي العراق الحديث، فان نسبة الفقراء المسلمين اكثر، كما ان نسبة الاغنياء اليهود اكثر. ففيهم كبار التجار والوزراء والمثقفين والسياسيين وقادة الاحزاب والادباء والفنانين، ولديهم ارقى المؤسسات والمدارس. وحتى ثورة العشرين اعتبر السبت العطلة الاسبوعية للبلاد، كامر واقع لاغلاق اليهود للاسواق. لا نقول ان الامور كانت مثالية، لكنها كانت الافضل مقارنة باوروبا مثلاً، بشهادة اليهود انفسهم. فالفرهود وقانون اسقاط الجنسية (١٩٥٠) والاحداث الاخرى، التي قادت لان يخسر العراق يهوده ويخسرونه، سببها الاساس والرئيس المشروع الصهيوني الذي يستهدفنا ويستهدفهم.. واتذكر عن الاخ المرحوم مازن عبد اللطيف، انه عندما سقطت القدس (١٩٦٧) وكان قنصلنا فيها، احتجزه الاسرائيلون، لكنهم سمحوا له بزيارة العوائل اليهودية العراقية.. وذكر انطباعاته عن حب اليهود للعراق، وحنينهم وذكرياتهم واحتفاظهم بكامل عاداتهم.

لذلك نقول، ان رؤية التفرعات تصبح مستحيلة بدون رؤية السبب الرئيس. فاما ان نقف جميعاً ضد الظلم، اي ظلم، او تستمر الكارثة الكبرى بان نختار ما لنا ونترك ما علينا.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
35°
37°
Mon
37°
Tue
الافتتاحية