Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

النجاح او الاحساس بالنجاح قوة.. والانكسار او الاحساس بالانكسار هزيمة

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:13 - 01/06/2016 - عدد القراء : 1955

تجارب التاريخ كثيرة في هزائم الجيوش والامم عندما يستولي عليها اليأس والشعور بالانكسار، رغم انها تمتلك شروط الانتصار والنجاح. فالانتصارات ليست كلها عُدد واموال ورجال وبناءات صلبة، بل هي ايضاً، واحياناً اساساً، حالة معنوية، ومركبات واستعدادات داخلية.
لقد سقطت الموصل ثم الرمادي ليس لان الاعداد والامكانات لم تكن متوفرة.. بل لان النفوس كانت مهزومة ابتداء.. ولولا فتوى المرجعية اساساً ووقوف الاصدقاء معنا لكانت بغداد واربيل قد سقطتا ايضاً، ومنهما باقي البلاد، ليس لاختلال توازنات القوى، او لفقدان روح التضحية، او لان العدو يمتلك من الشجاعة والقدرات اكثر مما نمتلك، بل لان الرعب كان قد سيطر على النفوس، وهذا يكفي لكي تُسقط الجماهير الخائفة والمهزومة البقية الباقية. فانهيار البرجين العملاقين لمركزي التجارة الدولي في نيويورك(11 سبتمبر 2001)المتكون كل منهما من 110 طوابق لم يكن بفعل قوة الانفجار، في الطابق 96 للاول والطابق 81 للثاني والذي حصل بعد ربع ساعة تقريباً، بل كان بفعل الفراغ الذي احدثه احتراق الطابق الذي انفجرت فيه الطائرة لتقوم الطوابق العليا، بانجاز باقي المهمة.. فكان طبيعياً ان ينهار البرج الثاني قبل الاول لانه كان ينأى بحمل 29 طابقاً، مقابل 14 طابقاً للاول.. وعندما بدأ الانهيار الداخلي بفعل فعله، لم تعد من قوة على الارض قادرة على ايقاف انهيار الطوابق الادنى، فصارت تنهار بمعدل (10-11) طابقاً في الثانية ليصبح البرجان مسحاً بالارض، خلال 102 دقيقة من اصطدام الطائرة الاولى و56 دقيقة للبرج الثاني.
اننا كنظام سياسي، وكقوى سياسية، بل كشعب بكل هيئاته ومراكز قراراته ومؤسساته واعلامه نعاقب انفسنا بانفسنا، ونكاثر عوامل الانكسار والهزيمة داخلنا عبر اللغة التي نستخدمها.. والممارسات التي نقوم بها.. والشعارات التي نرفعها.. والتحزبات التي نتبناها. فبدل تجميع عوامل النجاح –وهي كثيرة- والارتكاز عليها لتطويق عوامل الفشل، نقوم بالعكس بالضبط بالتركيز على عوامل فشلنا –وهي كثيرة ايضاً- فنطوق عوامل النجاح ونفشلها. يساعد على ذلك ترويجات كاملة لا يهمها سوى نشر الاكاذيب ومنها شبكة واسعة وقوية من اعلام “داعش” وبقايا النظام القديم.بعضنا يعمل كالطابق 81 واخرون كالطابق 98، لا فرق، في توفير عوامل الانهيار الداخلي.. فبدل استخدام النقد البناء والايجابي نلجا للاتهامات الكبيرة والتسقيط والتخوين، والاسراع في الاحكام، واصدار الادانات التي غالباً ما نتراجع عنها عندما تتغير المواقف.. ونكون -نحن بشخوصنا واعلامنا- اداة لنشر الاكاذيب والتهويلات التي يروج لها اعداؤنا، لانها ضد منافسينا الذين هم اصدقاؤنا وحلفاؤنا واخواننا. وبدل استثمار اجواء الحريات والديمقراطية التي نتمتع بها صرنا نستخدمها للتهريج والتشكيك باي مشروع حتى لو كان نافعاً للبلد. فصار الاتهام والتشكيك بكل شيء هو السلعة الرائجة. فلا نشعر بالخجل او نعتبر او نعتذر عندما تكذب الوقائع الاكاذيب التي ننقلها او نفبركها. فلابد من الوقوف صفاً واحداً امام تلك الموجة من السخرية والتهكم والروايات والاتهامات وتسفيه كل الطروحات والمواقف التي ترددها اسماء مجهولة ووجوه كالحة، سرعان ما نرددها كل بطريقته، طالما الامر لا يمسنا، بحجة ناقل الكفر ليس بكافر.
لذلك تغيرت النفوس حالما وصلت اخبار انتصارات الفلوجة.. وتحولت الاجواء من احباط او احباط مفرط الى تفاؤل او تفاؤل مفرط.. فالنجاحات والاحساس بها داخلياً هي طريق النجاح والقوة والوحدة.. اما الانكسارات والهزائم خصوصاً الداخلية فهي طريق السقوط والفرقة والفشل. لقد حققنا الكثير خلال العقد الماضي.. وفشلنا في تحقيق الكثير ايضاً. فلابد من وضع كل شيء في مكانه. فهذا هو العدل والانصاف بعينه. اما التركيز على شيء واغفال الاخر، فهو الخيانة والاساءة لنا قبل الاساءة لغيرنا.. وان معالجة السلبيات لا تتم بتصفير الايجابيات، وخلط الاوراق، فهذا لن يقود سوى للياس والتشكيك بكل شيء، وهو ما سيغلق اي باب من ابواب الاصلاح ومعالجة السلبيات وتحقيق الوحدة والتعبئة الوطنية المطلوبة والنجاحات المنشودة.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
33°
36°
Fri
37°
Sat
الافتتاحية