Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

النظم تحميها شبكات المصالح والعلاقات

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:25 - 30/03/2016 - عدد القراء : 2049

عاش “نظام البعث”35 عاماً رغم قمعه المتناهي.. وقبله عاش “النظام الملكي” 37 عاماً، بينما لم يستمر “الحكم القاسمي”و”البعث الاول” و”العارفيين” سوى 5 سنوات، 9 اشهر و5 سنوات على التوالي.. فالنظم الثلاثة لم تستطع نسج شبكة علاقات مؤثرة داخلية وخارجية ترتكز عليها وتحميها.
امتلك “النظام القاسمي” قاعدة شعبية واسعة في بدايته، واجه بها الهجمات الشرسة الغربية، والقومية العربية، والشاهنشاهية. وبدل تفكيك جبهة اعدائه وتوسيع قاعدته سار بالطريق المعاكس، ففتح معركة مع الكرد والشيوعيين، وحرك قواته نحو الكويت، وتلكأت علاقاته بالسوفيات، فاسقطته المؤامرات، ولم تدافع عنه حقيقة سوى جماهير “مدينة الثورة”، التي وزع على سكانها دوراً مجانية.كما لم يصمد “بعث 63” رغم القمع الذي استخدمه انذاك، بعد ان اندلعت الحرب مجدداً في كردستان، وتفككت علاقاته بالقوى القومية، اضافة لمعركته منذ البداية بالقوى الشيوعية، ولم يتمكن من بناء علاقات جيدة مع معظم الدول العربية، وخسر السوفيات ولم يبن علاقات جدية مع الغرب.. كذلك شأن نظام “العارفيين”.
كانت قوى النظام الملكي الداخلية والخارجية واضحة وشبه ثابتة.. تقوم على النخبة العثمانية وملاك الارض وتجار المدن، وعلى محاربة الشيوعية والموجة الناصرية، والانتماء الواضح للمعسكر الغربي ومشاريعه، كـ”حلف بغداد”. اما نظام “البعث”(1968) فيبدو واضحاً انه اعطى لشبكات المصالح والعلاقات اهتماماً كبيراً، لا يقل عن تعزيز ادوات السيطرة والقمع. فخلافاً لمنهجه عام 1963، بدأ هذه المرة بعلاقات وثيقة عبر الجبهة التي اسسها مع الكرد وتعزيز ممارسة الحكم الذاتي،وعلاقات جيدة بالشيوعيين والقوميين واعطائهم مناصب وزارية.. كما سعى للانفتاح على السوفيات، وبدأ بكسب الدول العربية وجمهورها ومثقفيها واعلامييها عبر عطاءاته السخية واطروحاته القومية.. في فترة هُزم فيها عبد الناصر (1967)،ومجيء السادات، وانفتاحه على “اسرائيل”.. فصارت بغداد محوراً “لجبهة الرفض”.. وعندما عزز وضعه الداخلي والخارجي انقلب على الشيوعيين والكرد، وصولاً لاتفاق الجزائر مع شاه ايران (1975).. والذي قاد لانتكاسة الثورة الكردية. بل بدأ صدام بتطوير علاقاته بالغرب عموماً، خصوصاً فرنسا واسس صداقة شخصية مع الرئيس شيراك.. وتوسعت المصالح والعلاقات مع الصدمة النفطية في السبعينات ودخول موارد عظيمة للبلاد.. مما جعل العراق قبلة المستثمرين الغربيين والشرقيين والاسيويين واللاتينيين والعرب، وما يرافقها من مصالح محلية.. بل تحول صدام الى جبهة امامية للصراع مع ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية، واصطف معه الجميع تقريباً بما فيهم امريكا، حتى ارتكب خطأه القاتل باجتياح الكويت، وخضوعه للعقوبات والحصار، فهجرته معظم القوى العراقية، ولم يبقَ معه من مصالح جدية سوى اصحاب “كوبونات النفط” والمهربين والسماسرة، اضافة لهواجس الدول من ايران والتداعيات المستقبلية، وهو ما يفسر موقف “الجنرال شوارزكوف” الذي ساعد في قمع صدام لانتفاضة شعبان/اذار.
قاد تغيير 2003 لانهيارمعادلة كاملة داخلية وخارجية.. فوقفت ضده قوى غير قليلة، وانطلقت تحركات مسلحة واعمال ارهابية ترعاها دول كثيرة. لكنه فتح ايضاً فرصاً ذهبية، من دعم شعبي منقطع النظير، وعلاقات ومصالح مع الكثير من الدول العربية وايران وتركيا وروسيا والصين والولايات المتحدة ومعها حلفائها وغيرهم. لم نتعامل مع هذه التطورات بنضج كافٍ. واستولت علينا الخطابات وصراع المواقع دون تشخيص اهمية المصالح والعلاقات. فصار همنا رد التهمة بالشعار والانفعال بدل صناعة النجاح بالحدث والواقع. صار بعضنا يسعى للفوز بالانتخابات في الجنوب بتأجيج العواطف ضد الكرد او السنة، والعكس صحيح ايضاً.. وصار شتم ايران والسعودية وتركيا والولايات المتحدة او غيرها من قوى سبيلاً للتعبئة اللفظية حسب حاجيات كل ساحة، ومعولاً لهدم العلاقات النافعة.سيطر علينا العقل التآمري والشعبوي والجاهل، الذي يعرف ماذا يهدم وكيف يخسر الاصدقاء، ويؤلب الاعداء، ويعطل المشاريع والاصلاحات الكبرى..دون ان يتعلم كيف، وماذا يبني. وكيف ينسج ويعزز شبكة العلاقات والمصالح الداخلية والخارجية.. فضعفت علاقاتنا بجماهيرنا وحلفائنا.. وزرعنا الشك في قدراتنا ورجاحة عقولنا.. وضربنا ارقاماً قياسية في هدر الاموال والفساد وبذر الخصومة وتفويت الفرص والمصالح والعجز عن البناء وتقديم الخدمات.. لذلك طبيعياً ان تتفجر الازمات. وما لم نعِ ما نفعل ونصححه جذرياً، فالسنن وقوانين الاجتماع والسياسة ستفعل فعلها، شئنا ام ابينا.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
26°
28°
Sat
30°
Sun
الافتتاحية