Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الواقع يتحرك للامام، ووعينا يراوح مكانه

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:07 - 08/12/2016 - عدد القراء : 1836

لم يستطع العراق، والمنطقة عموماً، مواكبة التحولات التاريخية الكبرى خلال العقود والقرون الماضية، لمواجهتها، بمعرفة الغير والتعلم منه، وبمعرفة الذات وتأصيلها.. باختصار اكتشاف ووعي الذات والاخر. فهل كان السبب انهيار اطرنا ومنظومات قيمنا وعملنا وتقدمنا، التي انعكست في النهاية بانهيار “الخلافة” كعنوان لانهيار نموذج ببناه الفوقية والتحتية. فصرنا جزءاً من البلدان التي شهدت تمزق ذاتها وجغرافياتها وشعوبها وانماط حياتها وعلاقتها بالاخر؟ ام كان السبب قيام “اسرائيل” في قلب المنطقة، كمشروع ولد من رحم الاستعمار التقليدي، لكنه تجاوزه واسس شبكة معه ومستقلة عنه، مناطقياً وعالمياً. فصرنا امام ظاهرة مركبة، لم تشهدها الامم الاخرى المستعمَرة. ففي المشروع الاستعماري المجرد، سيتشكل، على الاغلب، وعي واضح متكامل للذات وللاخر. للذات من خلال المقاومة، التي لن تنتصر دون تجديد تواصلها بامتداداتها التاريخية الحية.. وللاخر دون التعرف عليه والتعلم منه بالاحتكاك السلبي والايجابي به. ومثال ذلك الهند، او الصين كنموذج اوضح. فتلاقحت الثقافتان الكونفوشية واليونانية (وورثتها)، والعلوم والتنظيمات التقليدية والحديثة، وانماط الحياة الصينية والاوروبية، الخ.. فهل منع المشروع المركب، بسبب طبيعته المناطقية، وحضوره العالمي، عملية تجديد وترقية الذات، او التعارف على الاخر والتلاقح معه. فتشوشت الرؤية وافتقدنا المرتكزات لبناء وعي سليم؟ ام سبب ذلك انحرافات تسللت للفكر الاسلامي السائد منذ قرون، مطفئة بذلك الكثير من جذوة النص والروح، والتأصيل والاجتهاد والابداع، التي تشكل العروة التي بها ينعقد شرطي الوعي، اي معرفة الذات، ومعرفة الاخر؟.. فصرنا ندور في حلقة مفرغة، لا نؤسس، ولسنا على استعداد، افراداً وجماعات، لدفع اثمان التاسيس. فبدون الوعي سنبقى قوى متلقية، تستهلكنا الاحداث والشكوك والمخاوف، لتزداد التقطعات في داخلنا، ومع خارجنا. ولان هذا هم دائم وكبير، اعيد نص افتتاحية “الوعي المزيف والمصالح الضائعة” في ٥/١/٢٠١٢:

[“يندر ان قدمت امة من التضحيات، كما قدمنا. خضنا معارك الاستقلال والدفاع عن فلسطين والدين والوطن. وخضنا مستحقات بناء الدولة.. ومقاومة الاستبداد وبناء النظم والديمقراطية والحياة الدستورية والحقوق الخاصة والعامة والحريات ومرتكزات التقدم الروحي والمادي، فكانت الاخطر من حيث البذل في الانفس والاموال. فالهند تحصل بالمقاومة السلمية على استقلالها ومقومات نهضتها، ونُحتل نحن وتدمر بلادنا، في مطلع القرن رغم مقاومتنا المسلحة.. وتتقدم الصين ودول اسيوية وغيرها كانت لعهد قريب مثلنا.. وتنهض دول في الخليج وتركيا وايران المسلمتين.. ونتراجع نحن الى دول العالم الرابع والخامس، رغم الثروات والخبرات البشرية.

لا نجد تفسيراً، سوى الوعي المزيف وخواء برامجنا من اي منظور عملي وعلمي يحمي ويحمل مصالحنا. ما زلنا نكرر الشعارات والمناهج الفاشلة، التي قادتنا للكوارث والهزائم.. فنصر عليها، لنحولها الى اصنام وارباب نتعبد بها. فالتاجر يراجع معاملاته بضوء ارباحه وخسائره.. والعسكري بانتصاراته وهزائمه.. والطالب بنجاحه وفشله.. فهل هناك معايير لعقلنا الجمعي ووعينا الوطني.. ام سيستمر الوهم المكرر، والاعذار الجاهزة والمشاريع الفاشلة؟ قلنا –عن حق- ان الغرب يحجز طريقنا.. لكنه لا يمكنه غلق خياراتنا. فهناك دول اسلامية، وخارج المعسكر الغربي حققت التقدم. قلنا –بصواب- ان اسرائيل وحلفاءها قطعت اوصالنا وارهقتنا وعزلتنا.. لكن ذلك بدل ان يحثنا ويزيدنا عزماً لاستغلال كامل امكانياتنا، صار برهاناً لارتباك سياساتنا واولوياتنا وفشلنا، في ان نكون ثقلاً حقيقياً، لاستخدام مصادر قوتنا ولكسب الاخرين والنجاح في معاركنا لمصلحة شعوبنا واوطاننا. وقلنا –بصدق- ان الاستبداد يحجز عقولنا وحراكنا.. فتخلصنا من المستبدين، لكن الجهل والتخلف يجددان دورتهم. لن نخرج من هذه الحالة ان لم ينعقد وعي حقيقي –قيادي وشعبي- يقف بوجه الوعي المزيف الذي يزايد في الوطنية وهو يخسر المواطن والوطن.. وفي المظلومين والفقراء وهو يزيد الناس ظلماً وفقراً.. وفي تحميل الاخرين المسؤولية، وهو المسؤول عن الجهل والتخريب. آن الاوان ان نكون اكثر حزماً مع انفسنا، وادق حساباً لها من حيث الفشل والنجاح.. فنقّوم اعمالنا بمعايير حقيقية.. وليست لفظية وسطحية.. كمنح ذواتنا الالقاب والمواقع.. وان نكون الصوت الاكثر ضجيجاً.. وندعي الانجازات التي نخدع بها انفسنا، بينما البلاد تتراجع وتحترق.. فالاصلاح يتحقق بالتقدم الذي يلمسه المواطن –كماً ونوعاً- في الامور الاساسية، لكن اليومية والتفصيلية ايضاً.”]

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
36°
37°
Mon
37°
Tue
الافتتاحية