Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

ايديولوجيا الاحزاب، فوائد واضرار

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:19 - 30/07/2017 - عدد القراء : 555

الذين يفكرون بعقل “العواجل” و”الشريط الاخباري” والمعلومات الخادعة المفبركة، يصعب عليهم التقاط ما يقال ويكتب والتطورات المرتقبة. فقط بعد ازمات (كالازمة الحالية لتيار “شهيد المحراب”) تتكشف بعض الحقائق. طرحنا مع “شهيد المحراب” قبل سقوط النظام إشكالية قديمة/جديدة، عن الايديولوجيا والتنظيم، سألني عنها “قُدس سره” لاحقاً في النجف الاشرف، وطرحتها مراراً في مذكرات ومناقشات داخلية، ومحاضرات وكتابات علنية. افتتاحية “الايديولوجيا، تحيي وتميت” (6/3/2017) تلخص الموضوع:

[“غالباً ما يسألني سماحة السيد سامي البدري، اين وصل المشروع؟ والمشروع هو رسالة كتبتها لشهيد المحراب عام 2002، مقترحاً قيام تشكيل غير ايديولوجي. فالتغيير على الابواب، والنظام سيكون نظاماً ديمقراطياً. فكيف سنتقدم لها بتشكيل ايديولوجي، تتمايز عنه، ايديولوجياً ايضاً، الغالبية الساحقة للكرد والسنة والتيارات الوضعية، والتيارات الشيعية والاسلامية؟ وكيف ستتشكل الاغلبية والوعاء الانتخابي لمثل هذا التشكيل؟ لذلك طرحت وضع الايديولوجيا بمكانها المناسب والصحيح. ليكون للانتخابات والحياة السياسية في المجتمع والدولة تشكيل جديد يستطيع استيعاب ومخاطبة كل الشعب، يقوم على الاخلاق الفاضلة والمبادىء السامية واحترام ثوابت الامة، والمبادىء الاساسية لحقوق المواطنين والانسان، وبناءات دولة المواطن، وعلى منهاج سياسي/اقتصادي/اجتماعي وفي العلاقات الداخلية والخارجية الخ، يمكن لاي مواطن الانتماء اليه، وتبنيه والعمل في صفوفه، دون المس بالمعتقد او الايديولوجيا التي يحملها، او يحملها الاخرون. تشكيل جدي وحقيقي، وليس واجهي ووهمي، يؤمن اعضاؤه وجمهوره فعلاً بمناهجهم ورؤاهم. فبدون هذه القناعة والعمل بموجبها سنمارس الخداع او القمع، ونسقط في العزلة.

طُرح الموضوع في لقاء مع شهيد المحراب قبل التغيير، وكان حاضراً سماحة الشيخ حمودي. كان هناك قبول عام للخطوة، مع مساحات غامضة، كان المطلوب تقديم اجابات عليها عبر الوقت والجهد الفكري. فالايديولوجيا موجودة في مراحل الدكتاتورية، وفي مراحل الحريات والديمقراطية وحكم الشعب. ففي الاولى هي قوة عظيمة امام قوة استولت على الحكم والحياة باسم ايديولوجيا اخرى خارج ارادة الشعب. اما في الثانية، فالايديولوجيا قوة عظيمة، ولعلها ستكون اعظم بسبب الحريات، لذلك عليها تنظيم رؤيتها ونفسها، لتحتل مواقع التأثير الارشادي والمعنوي والايماني، بل التنظيمي في مساحاتها. فالحاكمية ستكون للشعب.. والشعب ساحات وايديولوجيات وسلوكيات مختلفة. من هنا اهمية قيام التشكيلات غير الايديولوجية الحقيقية شكلاً ومضموناً. لتبقى الايديولوجيات في المساحات التي لا يُصطدم بها ولا تصطدم بغيرها.. ولتبقى نظيفة، مبدئية، خلاقة، مؤثرة، ثابتة. وان محاولات قيام تشكيلات كـ”دولة القانون” و”المواطن” و”الاحرار” و”الاصلاح” و”التيار المدني” و “العراقية” و”الوطنية” و”التغيير” و”التحالف الكردستاني”، الخ هي ارهاصات وتململات وتحركات، جادة وغير جادة، لمواجهة هذا الإِشكال، اذ تشير اسماؤها لمحاولات غير مكتملة لموضعة كل من الايديولوجيا، والحراك السياسي الاجتماعي، كل في مكانه الصحيح.

كانت الايديولوجيا دائماً، وستبقى، من اهم محركات التاريخ.. ومصادر بناء النظم السياسية والاجتماعية المعروفة، وبناء الانسان ومنظومات الحياة. والايديولوجيا قد تكون دينية او طبقية او قومية او فلسفية، الخ. لكن عندما لا يأخذ اصحاب الايديولوجيا المكان والزمان والظروف بنظر الاعتبار.. وعندما يسعون لفرض معتقدهم على المجموع، فان الامور سترتد على اصحابها. كانت هذه هي ازمة الايديولوجيا الطبقية متمثلة بالاحزاب الشيوعية وتجاربها.. وازمة الايديولوجيا القومية متمثلة بـ”البعث” و”الناصرية”، والحركات القومية الكردية، وغيرها.. وهي ازمة الاحزاب الاسلامية ومدى نجاحها في تكييف مكانها ودورها في المجتمع والدولة. فالنقاش لا يدور عن صحة المعتقد، بل عن موضعته. فعندما لا تدور الحياة السياسية والاجتماعية حول المناهج ومن يقف معها او ضدها، ويتجاوز الايديولوجيون حدودهم ويطالبون من كل منتظم وموظف ومرشح ووزير ان يكون من ذات معتقدهم، وان تتلبس كل شؤون الدولة والحكم والمجتمع بلبوسهم، فهنا سيدخل الايديولوجي وتشكيله، في تضاد كبير مع الجمهور الواسع العريض، ومع الايديولوجيات الاخرى. مما يقوده للعزلة، او للانتهازية السياسية، والخداع ووضع الاقنعة لاخفاء ما لا يمكن اخفاؤه، وللتبشير بما لن يصدقه احد عليه، عندها سيستمر الصراع المتجدد بين اصحاب الايديولوجيات، او سيتم اللجوء للمحاصصة والتعطيلات المتبادلة والتحالفات المتضادة التي تفجرها خلافات هي في جوهر مباني كل منها.”]

عادل عبد المهدي

 

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
25°
34°
Fri
36°
Sat
الافتتاحية