Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

بريطانيا العظمى.. تسونامي حقيقي، ام ازمة قابلة للتطويق؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:27 - 26/06/2016 - عدد القراء : 508

في انقسام واضح وبمداليل خطيرة صوتت “انكلترا” و”ويلز” للخروج، و”اسكتلندا” و”ايرلندا الشمالية” للبقاء.. وصوت ما دون الـ 44 عاماً في غالبية كبيرة للبقاء (18-24 صوت 72% للبقاء)، وصوت الجيل القديم للخروج. وستترك “المملكة” الاتحاد بدوله الـ27 المتبقية، حالما تستكمل الترتيبات خلال عامين على الاقل، والتي يطالب الطرفان بالاسراع بها، لتقليل الاضرار والمجهول.
تأتي النتيجة بعد مناشدات “بان كي مون” والمؤسسات العالمية و”اوباما” وزعماء العالم الغربي بمخاطر الخروج. رغم ذلك اعتبرت الاغلبية ان الاتحاد بات قيداً على نموها ومستقبلها، ويكلفها سنوياً مليارات الجنيهات، ناهيك عن الكلف التي يتحملها المواطن على الصعيد الضريبي والخدمي، واثار المهاجرين والحدود المفتوحة وغيرها.
وفوراً، تراجع الاسترليني 8%، ومؤشرات الاسواق المالية، ومنها النفط خشية الركود الاقتصادي، وخفض “موديز” للتصنيف المالي، مساء الجمعة، “المملكة” من “مستقر” الى “سلبي”.. وسنشهد تداعيات اخرى غير قليلة، قد لا تكون الاخطر، امام انقلاب يشبه تراجعها كدولة عظمى بعد الحرب الثانية، والذي تمثل لاحقاً بانسحاب المملكة من مستعمراتها بعد ازمة السويس، لتتحول –واوروبا- بعد قرون من الهيمنة العالمية لدول من المرتبة الثانية.. لذلك يؤكد الرئيس الفرنسي والمستشارة الالمانية ان وحدة وقوة اوروبا على المحك. فالاتحاد –الذي دخلته “المملكة” مترددة قبل 43 عاماً- مثل الرد التاريخي لتستعيد اوروبا مكانتها بمواجهة القطبين، والتحدي المتزايد لليابان والصين وغيرهما. بل باتت وحدة “المملكة” نفسها مهددة. فاسكتلندا تنوي عرض موضوع الاستقلال مجدداً، ولايرلندا الشمالية اتجاهات مماثلة، وتطمح اسبانيا رفع علمها قريباً على جبل طارق، وانتزاعها من التاج البريطاني.
فهل نحن امام “تسونامي” حقيقي؟ فالاستفتاء هزّ اركان مؤسسة عملاقة، باتت جزءاً حساساً من هيكلية النظام العالمي، كما هز اركان الطبقة السياسية البريطانية، والغربية بمجملها. فما معنى الشروحات والارقام من الزعامات والدول والمؤسسات ان لم تقنع الجمهور بالبقاء. لذلك قد نشهد تداعيات غير مسبوقة.. فاليونان تململت وتتململ، وهناك نزعة مماثلة في معظم الدول الاوروبية.. مما سيضع القيادة الاوروبية، او التحالف الالماني الفرنسي على المحك، ففي فرنسا نفسها هناك ضغوطات يمينية ويسارية للخروج ايضاً.
تصريحات “ترامب” المرشح الجمهوري الامريكي تؤكد هذه الاتجاهات.. قائلاً ان “امريكا قادمة”، وستحصل على استقلالها ايضاً. ولكن الاستقلال عمن؟ ان لم يكن من الافكار والوسائل والاطر التي تعمل بها امريكا والغرب. وبان الناخب فقد الثقة بنخبه وطبقته السياسية القديمة وافكارهم وسياساتهم، وانه يبحث عن بدائل، ولو مغامرة ومجهولة المآلات. فاذا تأكدت هذه الاتجاهات، فنحن اذن في مقطع تاريخي، او لعله “ربيع غربي” اعظم بكثير من “الربيع العربي” وتداعياته السريعة، غير المفهومة كلها ايضاً.. ولعل ما موجود لدى نخبنا وطبقتنا السياسية من انفصام عن شعوبها، هو جزء من ظاهرة عالمية سياسية/اجتماعية جديدة في طور التكوين، لم تتضح كامل معالمها وتوجهاتها ليتسنى فهمها والتعامل معها.
ستجد دول كروسيا والصين وغيرهما، نفسها اكثر مرونة في التعامل مع العالم الغربي المنقسم داخلياً.. فالعقوبات والمواقف السياسية والحملات العسكرية الموحدة ستكون اكثر صعوبة في عالم يزداد انكفائه وانشغاله بشؤونه اليومية، من عالم توحده التطلعات الكبرى والتكتلات المتماسكة. رغم ذلك يجب عدم الاستنتاج سريعاً، فلقد برهن الغرب -لحد الان- انه الاقدر على التكيف وتطويق ازماته.. فهل نحن امام انقلاب تاريخي، ام ازمة –عميقة- سيتم تجاوزها في النهاية.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
19°
27°
Wed
29°
Thu
الافتتاحية