Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

ثروة ٦٢ شخصاً تعادل ثروة نصف سكان الارض. اين العراق من ذلك؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:29 - 01/12/2016 - عدد القراء : 1757

في مطلع العام نشرت مؤسسة new Oxfam report تقريراً يقول انه في ٢٠١٥ فان ثروة ٦٢ شخصاً (تستوعبهم حافلة ركاب، حسب وصف المديرة التنفيذية للمؤسسة) تعادل مجموع مداخيل نصف البشرية الاكثر فقراً عالمياً. وتراجع رقم الاثرياء من ٣٨٨، ١٧٧، ١٥٩، ٩٢، و٨٠ شخصاً قبال نصف سكان المعمورة، خلال الاعوام ٢٠١٠، ٢٠١١، ٢٠١٢، ٢٠١٣ و٢٠١٤ على التوالي. وثروة ١٪ فقط، اكثر من مجموع ثروة ٩٩٪ من سكان الارض. وان ثروة الافقر تراجعت ٤١٪ (٢٠١٠-٢٠١٥)، بالرغم من زيادة البشرية ٤٠٠ مليون شخص خلال الفترة.. وتقول المؤسسة هناك ثلاثة اجراءات لتقليص الهوة: ١- محاربة المناطق الامنة للتهرب الضريبي.. و٢- زيادة حجم الاستثمار في الخدمات العامة.. و٣- رفع مستوى اجور الفئات الاكثر فقراً. وتشير تقديرات المؤسسة ان ٧.٦ ترليون دولار قد اودعت في حسابات “اوف شور” (خارج سيطرة الضرائب)، والذي كان سيوفر ١٩٠ مليار دولار، يمكن صرفها على الخدمات وتحسين الاجور. وان ٣٠٪ من الثروة الافريقية يحتفظ بها في حسابات “اوف شور”، وان اخضاعها للضريبة كان سيوفر الرعاية الصحية للامهات والاطفال، وانقاذ ٤ مليون طفل سنوياً، والتعليم لعموم اطفال افريقيا. وتقدر المؤسسة بان التهرب الضريبي من قبل  الشركات المتعددة الجنسيات يكلف الدول النامية ١٠٠ مليار دولار سنوياً، وان تهرب الشركات للمناطق الحرة الامنة من الضريبة، ازداد ٤ مرات، خلال الفترة ٢٠٠٠- ٢٠١٤.

والحقيقة ان الثروة التي يساهم الفقراء بصناعة الجزء الاكبر منها، يعاد توزيعها باكثر من هذا الشكل غير العادل. وقد كتبنا مراراً عن “التراكم والتبادل اللامتكافىء” الذي تدفع الدول الفقيرة ثمنه، ليس عبر اليات اقتصادية فقط بل فوق اقتصادية اساساً. وهذه حقيقة باتت بلدان الشمال نفسها تعاني منه، ليقود الى تململ واسع يظهر بشكل الصعوبات الاقتصادية وازدياد نسب البطالة والخوف من تدهور مستويات المعيشة داخل بلدان الشمال نفسها. فتحاول الدول وشرائحها تحميل الشرائح والدول الاخرى اعبائها. ففي بريطانيا مثلاً، ومنذ ٢٠١٠، ازدادت ثروة اول ١٠٠ عائلة ثرية ٥٧ مليار دولار، في وقت انخفض فيه معدل مداخيل الجمهور. وهو ما يفسر الكثير من الحراك الاجتماعي والسياسي خلال السنوات الاخيرة، وصعود واضح لزخم اليمين. لكن الاخطر هو محاولة الشمال بمجمله، بيمينه ويساره، واغنيائه وفقرائه، تحميل الجنوب، الاعباء للحفاظ على امتيازاتهم.. فمن اهم دعوات الرئيس “ترامب” مراجعة النظام الضريبي الامريكي لحماية الاثرياء الامريكان على حساب الامريكان الاقل غنى، وحماية امريكا على حساب شركائها، وحماية الدول الغنية على حساب الفقيرة.

رُحلت للعراق ومنطقتنا، وسترحل اليها، اختناقات الاخرين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. ولن نخرج من الدائرة المغلقة بما هو مطروح عندنا من سياسات وافكار مسطحة، وغاية في البؤس والتهافت. فهناك فريقان كلاهما يرتكب اخطاء تاريخية قاتلة. فريق يصرخ ويصرخ، وحصيلة مطالباته عند تحقيقها جزئياً او كلياً ستصب لمصلحة الاعتماد المتزايد على “اقتصاد الدولة” وليس انطلاق “الاقتصاد الوطني”. واخر من رجال الدولة والمسؤولين على كافة المستويات لا يمتلك اية رؤية حقيقية، وتقود قراراته وسياساته للايغال بتركيز المصالح بيد الدولة، والمزيد من الاندماج بالاقتصاد العالمي، دون ان يشخص الايجابي لمصلحة البلاد، والسلبي الضار بها. الفريقان يضغطان باتجاه تمركز الثروة بيد الدولة، والتي بدورها اسيرة الاقتصاد العالمي، بسبب ارتكازها على سلعة لا قيمة لها وطنياً اساساً وهي النفط، ولا تكتسب قيمتها الا عند طرحها في الاسواق العالمية، التي نفتقد السيطرة عليها.. فنفقد، في كل يوم المزيد من قدراتنا ومناعتنا وتنظيم مستقبلنا وامننا، وعلى كافة المستويات. صحيح هناك تقدم في مستويات المعيشة، فالبشرية كلها تقدمت عن العصور الحجرية، وتقدمت عما كانت عليه قبل قرون وعقود.. لكننا نتكلم عن مكانتنا ودورنا بين الشعوب والبلدان، والتخلص من تخلفنا وازماتنا وتبعيتنا، فنحن نعيش جميعاً، في محصلة التحليل،على فتات موائد الاخرين، بعد تعطيل قدراتنا وهدر ثرواتنا.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
38°
37°
Mon
37°
Tue
الافتتاحية