Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

حكومة الاغلبية، ليست طيفاً واحداً

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:32 - 02/03/2017 - عدد القراء : 1419

حصول الازمات امر طبيعي في كل المجتمعات.. الامر الطبيعي والمحصلة الايجابية في المجتمعات والنظم الحية هما الخروج من الازمات، والمجتمع والنظام اكثر قوة واستفادة في وضع العلاجات، وتجاوز الازمات، وتحقيق ما تحتاجه البلاد من تجديد واصلاحات. ولاشك ان اولى المقاومات لعمليات الاصلاح هي الجمود على ما اعتادت عليه العقول من مفاهيم وافكار وممارسات. ولعل احدى مقومات الاصلاح في نظامنا السياسي الراهن هو قضية اصلاح شأن الحكومة، من حكومة تعطل بعضها بعضاً بسبب اجتماع الموالاة والمعارضة في مجلس الوزراء، الى حكومة يتفق جميع المشاركين فيها على منهاجها الوزاري ويمثلون كافة ساحات الوطن.. وهو ما عبر عنه البعض بحكومة الاغلبية السياسية او الوطنية او العابرة للمكونات او حكومة الاغلبيات، الخ. نعتقد ان الفكرة باتت ممكنة بسبب الانقسامات التي حصلت في كافة الساحات.. بل قد يكون سبب الانقسامات، وتعطل حكومات “الديمقراطية التوافقية” هو واحد من اهم عوامل تراكم الازمة لتصل الى ما وصلت اليه. واننا نرى اليوم امكانية قيام كتل انتخابية وطنية قوية تمثل كافة ساحات البلاد، تتفق على منهاج واحد تعرضه على الجمهور لتتنافس عليه في الانتخابات، بل تستطيع هذه الكتل تسمية الرئاسات الثلاث فيعرف الجمهور نوع العهد الجديد الذي ينتخبه، ولا تصرف البلاد اشهراً في ظل حكومة تصريف اعمال لحين قيام العهد الجديد. وهذا مهم ايضاً لعبور حواجز التخندق الطائفي والاثني والمحاصصة.. فاحزاب تعتمد الطائفية والاثنية والمحاصصة في سياقاتها ومناهجها وجمهورها، لا يمكن ان تؤسس لنظام وحكومة من غير طبيعتها. ولتوسيع النقاش وتعميقه اعيد نشر افتتاحية نُشرت في  5/9/2012 بالعنوان اعلاه والنص ادناه:

[“لا يختلف اثنان عن اهمية الوصول الى حكومة اغلبية منسجمة قوية تشكل مباشرة بعد الانتخابات او حتى قبلها، ان انتظمت الامور.. ليتطابق عدد الوزراء مع الضرورات الحكومية وليس مع متطلبات المحاصصة.. تمثل الوطن كله وليس قومية او طائفة او حزب او فرد.. مسؤولة عن تطبيق برنامجها الوزاري.. فالحكم التداولي الديمقراطي هو تفاعل وتدافع الاغلبيات والاقليات السياسية  في اطار المؤسسات، يراقبهم ويقومهم الشعب والرأي العام.

صحيح ان نظامنا يفصل بين السلطات.. فهو ليس كبريطانيا –مثلاً- حيث الوزير هو ايضاً عضو في مجلس العموم. مما يسمح بحكومة ظل بالاسماء والمواقع.. لكن دولاً كثيرة تفصل بين السلطات.. ولها انظمتها وتقاليدها لحماية معارضتها وتمتعها بحقوق ممارسة مسؤولياتها كاملة. بل لتشكيل حكومة ظل موازية. فالدولة ليست حكراً على طرف. بل هي ملك الجميع، بما في ذلك وضع قنواتها لخدمة المعارضة في اداء دورها وكبديل محتمل للاغلبية القائمة. عندها يصبح الذهاب الى المعارضة امر طبيعي، وواجب يتكامل مع واجب تكليف الحكومة.. وليس عقوبة او اقصاء، وهو ما قد يفضله كثيرون ان توفرت شروطه.

وتحقيق ذلك يتطلب استعدادات مسبقة وليست لاحقة فقط.. فقانون الاحزاب وطرق تشكيل الكتل.. وحقوق المناطق والجماعات.. والاقاليم والمحافظات.. واكتمال مؤسسات الدولة الموازنة والمكملة بعضها بعضاً.. وجعل النقد والتداول والثقة والاستجواب اموراً طبيعية وليس مؤامرة او تعطيلاً.. وغيرها، كلها مقدمات وسياقات للوصول لهذه النتيجة.

لذلك يخف قلقنا احياناً عندما نرى بعض الانقسامات.. فهي قد تنبهنا لاخطائنا.. وقد تشير بان الحياة تنظم، ما عجزنا عن تنظيمه بانفسنا. فالانقسامات -بحد ذاتها- عنصر للتجديد والحياة.. ولا تصبح سلبية الا عندما تتحول الى تناحر وافناء، ومقدمة للدمار والموت.

فاذا كانت حكومة التوافق حاجة في مرحلة ما، فان حكومة الاغلبيات الحاكمة وكتل الاقليات المعارضة –باتحادها في اطار النظام والمؤسسات واختلافها في الاجتهادات والرؤى- باتت ضرورة لمنع تحول المؤقت الى دائم والاستثناء الى قاعدة.. والانتهاء من الازمات وصناعتها، سواء لمواصلة الحكم او لمشاكسته.. والتي تعطل وتقود للحلول المرتجلة والمشاريع المضادة، والى الاستفراد والمحاصصة باضرارها. وهو ما يجب ان يراعيه قانون الاحزاب والنظم الانتخابية، والاهم ان تفهمه وتراعيه القوى السياسية التي يجب ان لا تحول تمثيلها لجمهورها الى احتكار لسلطة الشعب او تآمر عليها.”]

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
22°
36°
Sat
34°
Sun
الافتتاحية