بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
لا يعطي كثيرون الاهتمام الكافي لنمط الحياة والعادات الفردية والجماعية.. وفي العراق فقدنا الكثير من عاداتنا الجيدة، وغزتنا الكثير من العادات السيئة. ونريد من الدولة حل كافة مشاكلنا التعليمية والصحية والخدمية، الخ.. دون ان نراجع انفسنا في الجزء الذي نتحمله نحن ازاء انفسنا ومستحقاتها علينا في الصحة والتعليم وتحسين شروط حياتنا. لاشك ان دور الدولة محوري في تحسين ذلك كله، لكن الدولة بدورها تهمل اهمية التوعية التي تربي على الوقاية والدور الفردي والعائلي لشروط حياة وصحة افضل للمواطنين، وصرف اقل من المواطنين والدولة.
لنقارن بين فرنسا واليابان كمثال، والارقام هي لعام ٢٠١٥. ورغم ان نفوس اليابان هم ضعف فرنسا (١٢٦.٣ مليون مقابل ٦٤.٤ مليون تقريباً)، ونفقات الصحة والرعاية السنوية للفرد اعلى في فرنسا، فهي ٤١٢٤ دولاراً/فرد، بينما هي ٣٧٦٨ دولار/فرد في اليابان، الا ان معدلات الحياة في اليابان هي ٨٤.٧٤ عاماً وفي فرنسا ٨١.٧٥. والسبب الرئيس لذلك –حسب تقرير فرنسي- هو نمط العيش والطعام والحركة والعادات.
معدل الحياة في العراق لعام ٢٠١٥ حسب احصاءات منظمة الصحة الدولية ٦٨.٩ عاماً (المرتبة ١٢١ عالمياً، وتقدره بعض الاحصاءات ٧٤.٨٥ لنفس العام محتلاً المرتبة ١١١ عالمياً).. وفي مصر ٧٠.٩عاماً (المرتبة ١٠٧ عالمياً) وتقدره بعض الاحصاءات ٧٣.٧ عاماً محتلة المرتبة ١٢٦). ان نفوس العراق ٣٦.٤ ونفوس مصر ٩١.٥ مليون في عام ٢٠١٦. وان معدل الصرف السنوي على الصحة عام ٢٠١٣، في العراق هو ٣٠٥ دولاراً/فرد، و١٥١ دولاراً/فرد في مصر، اي نصف ما ينفقه العراق. وتفسير هذا لا يمكن الا ان يكون برشد اكثر في الصرف، وشروط حياة افضل للمواطنين.
تزداد معاناة العراقيين من امراض السكر وضغط الدم والكولسترول والسمنة والجلطة الدماغية والذبحة الصدرية، الخ. وتنفق من اجل ذلك اموالاً طائلة من الادوية المستوردة والمصنعة، ونفقات صحية وطبية كبيرة. رغم ذلك فان هذه الامراض تتحول بسرعة لامراض مزمنة، تحتل الصدارة في مرض ووفيات العراقيين. ففي اليابان مثلاً فان النظام الغذائي التقليدي يوفر من المقومات الغذائية المفيدة ما يسمح بمفرده لزيادة معدلات الحياة لديهم، وهذا يرتبط بدوره بنظام فردي وجماعي للاكثار من الحركة والنشاط. وقادتهم تجاربهم للسعي للمشي ١٠ الاف خطوة –كهدف مثالي-في اليوم الواحد، لمن يستطيع ذلك. وفي الولايات المتحدة تقول الاحصاءات ان الموت بسبب الذبحة الصدرية سجل اعلى مستوى للوفيات.. وعلاقة ذلك كله بازدياد الضغط والسكر والكولسترول. لذلك تبنت “منظمة الصحة الامريكية” نظام الـ١٠ الاف خطوة في اليوم كهدف متقدم، وباتت تنصح المواطنين الامريكيين بالوصول الى ما يستطيعونه من معدلات تضمن استهلاك سعرات حرارية تعادل او تزيد عن السعرات التي يوفرها الطعام. فلقد احتسب “معدل الاستقلاب (عملية الايض) الاساسي” Basal metabolic rate (BMR)، اي ما يحتاجه عمل الجسم حتى في فترات النوم، او انعدام الحركة من عملية التنفس ودقات القلب والنشاط الذهني وغيرها (١٨٠٠-٢٤٠٠) سعرة في اليوم، ترتفع وتنخفض حسب الجنس والطول والعمر والوزن والتاريخ الصحي، الخ. ان ١٠٠٠٠ خطوة كهدف مثالي، ستعني مشي حوالي ٧.٥ كم/يوم، بمعدل ٧٠ سم للخطوة، واستهلاك عدة مئات من السعرات ستضاف لما يستهلكه الجسم طبيعياً. وهذا هدف قد يتعذر لكثيرين القيام به.. لذلك فان مسافة كافية لحرق سعرات تعادل او تزيد عن سعرات الطعام التي يتم تناولها ستلبي الغرض، خصوصاً ان تمت مراقبة القيمة النوعية للطعام، وتناول الماء بالكمية الكافية (٢ لتر/يوم، مثلاً) وعلاقة ذلك بوظائف الجسم الاساسية. وان المطلوب ليس الركض وممارسة الرياضة بالضرورة، وان كان يفضل ذلك عند القدرة. وينصح الاطباء كسر الجلوس المطول لاكثر من ساعة، بالمشي ٢٥٠ خطوة على الاقل في وقت ما من كل ساعة، وهذه لن تستغرق سوى دقائق قليلة. فالجلوس المطول، سبب لسلسلة من امراض القلب والسكر والسمنة والسرطان والكآبة اضافة للعضلات والمفاصل. فانماط العيش وتغيير العادات، ضرورة لمواجهة تحديات العصر وامراضه، الذي من مفارقاته، ان ملايين تمرض وتموت لقلة الطعام وشدة الارهاق والعمل، وتمرض وتموت ملايين اخرى لكثرة الطعام والملل من الجلوس والكسل!!
عادل عبد المهدي
