كم غريبة هي السياسة!! وكم تحمل من متغيرات!! وكم هي خطيرة الرؤية “الاستاتيكية” الجامدة التي لا تؤمن بالتحولات!! فلم تمر اسابيع على حظر سفر العراقيين الى الولايات المتحدة، الا ويقوم السيد رئيس الوزراء والسيد وزير الخارجية بسفرة تذكر معظم التقارير انها كانت موفقة للولايات المتحدة. فلقد حظي الوفد باهتمام خاص من الادارة الجديدة، التي كثرت التكهنات حول سياساتها، وسعت كل الاشارات الرسمية والتشريفاتية والتصريحات المعلنة لان تتعامل مع العراق كشريك، وليس كمتهم، كما كان قرار المنع يوحي به. فمن متابعة المؤتمرات الصحفية والتقارير المختلفة والمعلومات المنقولة، يبدو ان الوفد قد عقد اجتماعات ناجحة مع الادارة الامريكية الجديدة. ومن يقرأ مقالة السيد رئيس مجلس الوزراء في “الواشنطن بوست” سيجد انها تدور حول نقاط محورية هي موضع اتفاق ومفاتيح نجاح:
فالارتكاز على النقاط اعلاه هو منهاج صحيح. فلقد جرب العراق سياسة المحاور والعداوات الداخلية والخارجية، ودفع نتيجتها ثمناً غالياً.. ليس في حروب وتصادمات الداخل فحسب، بل مع الدول كحربه مع ايران او اجتياحه للكويت ايضاً. وهو ما دمر العراق مادياً واخسره الكثير من سيادته وكبله بسلسلة من القيود والعقوبات والسياسات والتوجهات مزقت وحدته وتلاحم نسيجه الاجتماعي. وحسناً فعل السيد رئيس الوزراء، اذ لم يذهب ليؤلب الادارة على احد من جيرانه، بل ذهب ليضع العراق في مكانه المناسب كدار سلام ومحطة تلتقي عندها الشعوب والدول. وهذا هو دور العراق الحقيقي والتاريخي والذي يمكن ان ينهض به وتنهض معه المنطقة بكاملها. كذلك حسناً فعل السيد وزير الخارجية في لقائه بنظيره السعودي وتأكيد الاخير على مبادىء التعاون مع العراق وأهمية تطوير العلاقات المشتركة. ولابد هنا من الاشادة بدور سفيرنا الكفء في واشنطن في نجاح الزيارة ومتابعة نتائجها. وكما تم تطمين الجانب الامريكي والسعودي فيما يخص توجهات العراق والاطارات التي تنظم حركته بما يضمن مصالحه وسيادته، فان المطلوب ايضاً تطمين الجانب الايراني، او اي جانب مطلوب تطمينه، لتأكيد توجهات العراق والاطارات المنظمة لحركته، وبذلك يساهم بالممكن لنزع كل ما يمكن من فتيل التوتر الاقليمي والعالمي، وليلعب دوره الطبيعي والتاريخي لمصلحته ولمصلحة المنطقة والعالم.
عادل عبد المهدي