Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

ضعفنا وانقسامنا هو من صنع سايكس بيكو القديم، ومن يؤسس لاخر جديد

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:59 - 18/05/2016 - عدد القراء : 2001

لعل ما يفسر ازمات البلاد المتكررة، اننا قوى وبلدان لا تحسن استثمار قواها وطاقاتها، ولا تحسن قراءة الوقائع والمجريات ولا تعرف بالتالي تعريف مصالحها ومنافعها، التي ترتقي بها لمصاف الامم الراقية والقوية.. وهذا كلام ينطبق علينا جميعاً وان كان ذلك بدرجات.. فالخروج من ازمة والدخول في اخرى يفسر مساراتنا المغلوطة والاوهام في تحديد مقاصدنا واهدافنا.. وعندما نكتشف اننا نسير بالاتجاه المعاكس، وان اهدافنا مجرد امنيات وليس غايات حقيقية وضعنا الادوات والوسائل للوصول اليها وتحقيقها، فان اغلبنا سيعود للماضي ليتشبث بحنينه.. لذلك كثرت مقولات الاشادةبالفترة الملكية او القاسمية او حتى الصدامية، وكثر تداول مسميات كـ”ايام الخير” و”ايام زمان”.. وهذه كلها ايام سايكس بيكو والاستعمار والتقسيم والظلم والتخلف، مع فوارق نسبية، وقليل من الايجابيات وكثير من السلبيات.ومع سيطرة “داعش” على مساحات غير قليلة، وتكرر الازمات ومظاهر الغضب، وعدم الاحساس بتحقيق تقدم ملموس، وكثرة المنازعات والانقسامات السياسية والمذهبية والدينية والقومية، يكثر الكلام هذه الايام عن انهيار دول واحتمال المزيد من التقسيم ومشاريع للتقسيم، الخ. وفي هذه الايام تمر الذكرى المائة لاتفاق سايكس-بيكو الذي قسم منطقة الشرق الاوسط بين البريطانيين والفرنسيين، وكان اساس قيام العراق والدول العربية على انقاض انهيار الخلافة العثمانية. وجدت من المناسب اعادة نشر نص افتتاحية كتبتها في 20/8/2013 بعنوان “هل يواجه العراق والمنطقة سايكس بيكو جديد؟”
[“لنقل اعتباطاً ان 80% من “سايكس بيكو” كان قراراً استعمارياً لتقسيم التركة العثمانية في الشرق الاوسط، باحتفاظ بريطانيا بالعراق وفلسطين.. وفرنسا ببلاد الشام، و20% عكسته ارادات وطنية، بسبب الثورات والاحتجاجات التي دفعت للاسراع بالاستقلال وتحقيق بعض المطالب.. فالموصل  كانت من حصة فرنسا.. فابقيت للعراق البريطاني مقابل حصة نفطية.. والحقت الاسكندرون بتركيا.. وعجلت ثورة العشرين في تأسيس الحكم الوطني.. بالمقابل تراجع البريطانيون عن وعودهم للكرد بكيان سياسي (اتفاقات سيفر).. وقس على ذلك.
اما اصطفافات المنطقة اليوم، فلنقل اعتباطاً ان 80% منها صناعة وطنية و20% تأثيرات خارجية. فلقد انهار النظام الاستعماري.. وحلت هيمنة الدولتين العظميين.. وواجهت امريكا انتكاسات اهمها في فيتنام وايران.. وكذلك الاتحاد السوفياتي في جيكوسلوفاكيا وافغانستانوبولندا ، وانهار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي. وان تراجع نظامي الاستعمار والهيمنة لم يوقف طموحات “الكبار” بالتدخل كما حصل في افغانستان والعراق ولبنان وليبيا.. الخ.. وخلاف ما مضى، فان التدخل لم يعد قراراً احادياً حول الخرائط فقط، بل صار محوره الاساس استغلال تجاذبات الحراك الداخلي.. باللعب على تناقضاته او بانتظار نجاحاته، والسعي لاحتوائه.
ان خرائط المنطقة سائرة الى تغيير.. بل هي تتغير تحت انظارنا.. والفوضى والصراعات الحالية بقدر ما هي امر مؤلم وقاس وتفكيكي وتدميري.. لكنها مؤشر لاهتزاز كامل التوازن الذي اقامته مرحلتي “سايكس بيكو” والهيمنة. فهي بالمعنى التاريخي دليل تقدم دور الشعوب، وادارة شؤونها.. التي قد لا تجيدها في البداية، فتقودها لسلسلة تجارب فاشلة وصراعات داخلية ومع الجوار. فالتاريخ جميل في اغلبه عند الحنين اليه.. اما ايامه ووقائعه فنادراً ما تبنى بالورود والانصاف.. بل غالباً بالمظالم والاستغلال والحرائق والحروب والابادات الى ان تقوم توازنات جديدة.. فانتصار العدل والحياة يلد من تحديات الموت والباطل والاستبداد والعدوان.
وفي العراق والمنطقة، ما لم نستشرف هذا الواقع بعقولنا اولاً وليس باذى اجسادنا فقط.. وننزع عن عيوننا نظرات واوهام ماض يطوي صفحاته.. ونرى المستقبل ووقائعه الصارمة وافاق تطوره.. ونضع انفسنا مع القوى والمفاهيم والممارسات والتيارات الصاعدة.. ونستثمر افضل ما لدينا من تعبئة وافكار ومخزونات وامكانيات لنعزز ارادة هذا الشعب.. ليتحد مجدداً بمشروع حقيقي يدافع عنه، واهداف سامية يمكنه تحقيقها.. توفر الامن والتقدم والرقي، فاننا سنخون وعينا وضميرنا، وبالتالي شعبنا او شعوبنا.”]

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
23°
27°
Sat
30°
Sun
الافتتاحية