Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

عاشوراء.. ليس جلداً للذات، بل تلبية للنداء، وكسر القيود

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:06 - 18/10/2016 - عدد القراء : 1701

عاماً بعد عام تزداد المشاركة المليونية في مراسم عاشوراء، ليس في العراق فقط، بل في كل دول العالم تقريباً. ويزداد الاهتمام بهذا الحدث الفريد. هناك اعلام يغطي هذا الحدث العظيم بموضوعية وانصاف.. وهناك اخر يشوه المناسبة، عن جهل او لؤم، مركزاً على بعض الممارسات موضع الخلاف بين اعداد قليلة مقارنة بالملايين الهادرة التي تشارك بالمراسم. علماً ان لكل ممارسة عظيمة اثارها الجانبية.. فللحريات او للتمتع ببعض الحقوق او للرياضة او لشعائر الامم الاخرى ممارسات خلافية، وتقود لاضرار وخسائر اكثر بكثير من الممارسات الخلافية للشعائر الحسينية كالتطبير مثلاً، فلماذا لا يوضع كل امر في مكانه وحجمه، ولماذا يتم اللجوء للتشويه والمبالغة في حالة الشعائر، بينما تتم الدعوة لتفهم الاثار الجانبية للممارسات الاخرى.

المؤمنون عندما يندبون ويلطمون ويتجهون الى مرقد سيد الشهداء وابي الاحرار لا يجلدون ذاتهم –كما تكرر بعض وسائل الاعلام- بل يلبون نداء الحسين عليه السلام، بعد ان قُتل جميع انصاره، وكانت اخر كلماته “اما من ناصر ينصرنا، اما من مغيث يغيثنا، اما من ذاب عن حرم رسول الله” وهو نداء اطلقه لا انقاذاً لنفسه، وهو العارف انه مودع هذه الدنيا الفانية ليلتحق بجده رسول الله (ص) وهومضرج بدمه، ليدين قاتليه، ونهج قاتليه، وتفكير قاتليه، وامثال قاتليه الى يوم الدين.. وليضع قضيته امام الدنيا في غدها ومستقبلها لاصلاح حالها من الطغيان والظلم والاستبداد. لذلك تجيبه الجموع الحاشدة “لبيك ياحسين”.. “والله لو قطعوا ارجلنا واليدين، نأتيك زحفاً سيدي ياحسين”.

لا اعظم من الشعائر الحسينية دلالة ومعنى. فهي وعي فطري وعقلي وديني راسخ في النفوس تتناقله الاجيال جيلاً بعد جيل، وينتقل بين الشعوب والبلدان شعباً بعد شعب وبلداً بعد بلد.  لا تنظمه قوى السلطة، بل تنظمه جموع المؤمنين من عموم الناس. فعند الحسين (ع) يتجذر الدين والايمان، ويتحد الشيعي والسني والمسلم وغير المسلم، فطريق الحسين يقود بالضرورة لطريق الله وجده رسول الله (ص). ونحو الحسين عليه السلام يسير جنباً الى جنب كل من يقاتل من اجل مفاهيم العطاء والحرية ومحاربة الظلم والاستبداد. الشعائر الحسينية ظاهرة فريدة في التاريخ وبين الامم.. فكيف يمكن لملايين الناس ان تجتمع هذا الاجتماع، وتنتظم بهذا الانتظام، وتبذل هذا البذل، وتتخلق بهذا الخلق، وتندفع بهذا الحماس؟ والله لو صرفوا اموال الدنيا لما استطاع احد ان يأتي بامر شبيه بالشعائر من حيث حجمها وتنظيمها ومعانيها واهدافها. فليتوقف من يريد تشويه الشعائر من داخلها بافعال لا ترقى لمستوى الحسين عليه السلام، وليتوقف من يعادي الشعائر من خارجها عن القول ان هذه الجموع جاءت لجلد ذاتها. فهذه الملايين تبكي وتتأسى وتضرب الصدور على المظلومين والاسرى والسجناء ومن تمزق اجسادهم المفخخات وتفصل رؤوسهم عن اجسادهم، او من تسبى نساءهم ويقتل اطفالهم في عراقنا وفي كل عراق، فكل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء. فعاشورا بذل في الخدمة والجهد والاموال لا لشيء الا ليقف الكل في خدمة الكل. فيوزع الطعام والشراب بدون مقابل اجراً وثواباً للحسين، وقربة لله تعالى.. فالكل يخدم الحسين لا فرق بين غني وفقير، او بين اسود وابيض، او ذكر وانثى، او شاب وشيخ. او عربي واعجمي. فلا مكان هنا للاانانية والجشع والمال.. فوالله لم يقدم لنا التاريخ ولا التجارب الانسانية شيئاً ارقى من هذه المظاهر الخالصة في معانيها لله وللانسان وللانسانية جمعاء.. والصادقة في مراميها للثأر من الطغاة، والخالية من اي شكل من اشكال الحقد والعنف، والمملوءة تضامناً ومحبة وسلاماً ومساواة بين الجميع، دون نظر لمذهب او قومية او دين او لون او جنس او عمر. فمن اراد الحسين ثالث ائمة اهل البيت إماماً معصوماً فله، ومن اراده حجة لاسلامه وقدوة ومثالاً فله، ومن اراده قائداً او ثائراً عالمياً او تاريخياً فله ايضاً. فللحسين ابواب كثيرة. وهذا كله ما يفسر كيف تنمو الشعائر عاماً بعد عام.. وكيف تزداد انتظاماً والتزاماً سنة بعد اخرى.

عادل عبد ا لمهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
22°
32°
Sat
36°
Sun
الافتتاحية