Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

عقود التراخيص والجهد الوطني.. السير على قدمين

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:35 - 01/11/2015 - عدد القراء : 880

من الاخطاء التي يمكن ارتكابها في القطاع النفطي هي احادية النظرة.. فيرى بعضهم ان اي تقدم لا يمكن تحقيقه الا عبر الشركات الاجنبية العملاقة.. بينما يرى اخرون ان الشركات الاجنبية هي شركات هدفها الوحيد الحصول على اعلى الارباح ولو على حساب مصالحنا الوطنية. ورؤيتنا التي نعتقد انها تحقق مصالح البلاد العليا الانية والمستقبلية، ان السياسة الصحيحة تتمثل باهمية الحرص على تكامل الجهدين. وان غياب احدهما عن الاخر قد يسبب اضرارا انية ومستقبلية وخيمة.
فالاسواق والتكنولوجيات والخبرات والقدرات المالية الكبيرة نجدها كلها اليوم على صعيد عالمي.. ولا يوجد بلد واحد يمكنه ان يدعي اليوم انه يستطيع بجهده الخاص فقط منافسة الاخرين وتحقيق التقدم المطلوب لنفسه وشعبه. والامثلة كثيرة، لكن المثال الذي يمكنه ان يحسم النقاش هو مثال الصين الشيوعية.. والتي رغم امكاناتها الوطنية الهائلة لكنها باتت اليوم شريكاً كبيراً لكبريات الشركات الرأسمالية العالمية.. فحققت قفزات هائلة في نموها الاقتصادي،وهو ما كان سيبدو مستحيلاً بدون انفتاحها على الخارج وانفتاح الخارج عليها. بالمقابل فان الاكتفاء باستدعاء الشركات الاجنبية، وعدم تطوير الجهد الوطني، والامكانات الذاتية هو خطر كبير على مصالح البلاد الانية والمستقبلية، بل على عمل الشركات الاجنبية ايضاً.. والشواهد كثيرة للاضرار التي يمكن ان تقع عندما يكون الحضور الاجنبي عائقاً امام تطور المصالح الوطنية. فلابد للتعاون مع الخارج ان يكون متكاملاً ومتلازماً مع  تطوير القدرات الوطنية.فان لم نقم بذلك فاننا سنجد انفسنا رهائن، ونجدد دورة التخلف والتبعية، بغض النظر عن الشعارات الوطنية التي نرفعها.
لقد اوضحنا مراراً ان عقود التراخيص كانت خطوة ايجابية لتطور القطاع النفطي والغازي في العراق.. وساعدت في انتشال القطاع في فترة كان يشهد فيها تراجعاً تاريخياً بسبب الاهمال والدمار الذي اصابه، بسبب السياسات الخاطئة والحروب المتواصلة الداخلية والخارجية، التي ابتلت بها البلاد بسبب المناهج الدكتاتورية الاستبدادية قبل 2003.. او تلك التي تلت التغيير والتي بقيت مرتبكة ومفككة، تفتقد الكثير من المقومات الهيكلية والمادية والتقنية واللوجستيكية التي تسمح لها بالانطلاق بالقطاع.. في ظل الاوضاع المحلية والاقليمية والعالمية الحقيقية، وليس لاي واقع متصور او متخيل بعيداً عن الحقيقة. لكن الخطأ المقابل هو ان تتحول عقود التراخيص الى حاجز امام تطوير الجهد الوطني وامكانياته المستقلة والارتقاء بقدراته وشركاته الى مستوى القدرات والشركات الاقليمية والعالمية.
عقود التراخيص ستبدو مفيدة عندما تكون الاسعار –مثلاً- اعلى من 100 دولار للبرميل وعندما ينظر اليها على المدى الطويل، وما يمكن لها ان تحققه من زيادة كبيرة في الانتاج تعوض الاستثمارات والكلف العالية المرافقة لذلك.. لكن عقود التراخيص ستبدو مكلفة وتتتحول الى عبء في المدى القصير وعندما تكون الكلف البترولية مرتفعة واسعار النفط –مثلاً- نصف الاسعار اعلاه او اقل من ذلك. عقود التراخيص ستبدو مفيدة ان ساعدت على انطلاق شركاتنا الوطنية لترتقي بنفسها الى المعايير العالمية.. لكنها –بالمقابل- ستتحول الى حالة سلبية ان وقفت حاجزاً بوجه تطور شركاتنا الوطنية وقدراتنا الذاتية.
فايلاء الاهمية وتوفير شروط التقدم للجهد الوطني وشركاتنا الوطنية ضرورة لحماية حاضرنا ومستقبلنا، بل هي ضرورة لسد الكثير من الثغرات في عقود التراخيص.. ومن هنا اهمية منحها كامل الدعم.. سواء عبر عقود التراخيص نفسها، وتكليفها شركاتنا الوطنية للكثير من الاعمال التي يمكنها القيام بها، والتي من شأنها تخفيض التكاليف مع الحفاظ على خطط الانتاج، او عبر الدعم (الحقوقي والتشريعي والمالي) الذي يجب ان نوفره –كقطاع ووزارة وحكومة- لها وللعاملين فيها لتطوير خبراتهم ومنحهم الارادة والمرونة والحوافز والامكانات الكافية ليكونوا بمستوى اقرانهم.. ولتحقق شركاتهم المعايير العالمية التي تسمح لها بنشاطات اوسع واكثر تشعباً سواء داخل البلاد او خارجها، وبما يحقق المصالح العليا لشعبنا.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
24°
26°
الجمعة
27°
السبت

استبيان

الافتتاحية