Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

في جنات الخلد ياابا زيد الاسدي

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:15 - 25/02/2016 - عدد القراء : 2947

يقف هناك بعيداً.. نلوح له ويلوح لنا.. نتقدم نحوه ببطء.. تفتح الابواب.. يصعد الجميع.. يبقي ابو زيد وحيداً.. ونحن نصرخ، اصعد، اصعد، وهو يلوح مودعاً بيد ضعيفة، وابتسامة مطمئنة، وعيون مشفقة.. تغلق الابواب.. ويبقى هو شاخصاً، متميزاً، تتمتم شفاهه، وداعاً، وداعاً.. وكلما صغرت الصورة في شبكة العينين وازدادت تشوشاً، كلما كبرت الصورة في شبكة الذاكرة والعقل، وازدادت وضوحاً. نرحل، يطوقنا الحديد، نسير بعجلات من حديد، وعلى سكة من حديد، بكل قساوة وبرودة الحديد.. فتميل بنا قاطرة الحياة يميناً وشمالاً لا نمسك دفتها.. ونفوسنا غير مستقرة كاجسادنا.. فكلنا محمولون، مأسورون، محكومون.. نتدافع وقوفاً يمنعنا زحامنا من الحركة.. ويمنع الضجيج من ايصال صوتنا او الاستماع لغيرنا.. لا شيء سوى الصراخ والجمود مكاننا كافراد.. لكننا نستمر في مسيرنا كمجموع الى مجهول.. نتسابق لاحتلال ما يشغر من مقاعد.. يتدافع صغيرنا قبل كبيرنا، وقوينا قبل ضعيفناً، وجاهلنا قبل عالمنا.. نحن الراحلون في قطار الاحياء الاموات في حلقة تدور على نفسها من عالم كثير فيه النفاق والكذب والجهل، وقليل فيه المروءة والصدق واخلاص النوايا وعزم الرجال.. اما هو، اما هم فهم، حاضرون، احياء عند رب رحيم، كريم، عادل، يعطي كل ذي حق حقه. فهنيئاً لك ايها العزيز.. ايها الصديق.. ايها الاخ الحبيب. وإنا لله وإنا اليه راجعون.
عرفت الحاج محمد هادي الاسدي، “ابا زيد” كما نناديه، وابا حسن وهي كنيته الحقيقية، في بداية الثمانينات.. مجاهداً، اعلامياً، كاتباً، باحثاً، اديباً، شاعراً، انساناً.. رجلا متواضعا، عميقا وموغلا في ابحاثه وتحقيقاته التاريخية والحاضرة، السياسية والادبية وفي سيرة الرجال وفي تحليل الاحداث.. رئيس تحرير جريدة “لواء الصدر” في سنوات المعارضة الطويلة.. مديراً لمركز “افاق”، بعد التغيير، ورئيس تحرير مجلة “الملتقى” الغنية بابحاثها وكتاباتها المتميزة.. يحب صنع الاشياء بيده، يحب الزراعة فهو متخصص فيها.. يحب حفظ الاشياء كالتمور او صناعة الطرشي او غيرها من امور صغيرة كبيرة، فهو يخدم انسانيته،حياةً وممارسة وعبادة.. رب اسرة كريمة.. وسلسيل عائلة علمية، لم يتوقف عطاؤها،علماً وخدمة وجهاداً.. قدمت الشهداء.. تتسابق لتقديم التضحيات وتحمل المخاطر.. لم تغيره دواليب الحياة ودوراتها.. فهو صامد عند المغارم يتحمل قسطه منها.. وهو في مكانه رافع الراس لا يتسابق او يساوم في كرامته وعزة نفسه، عند المغانم. قليل الكلام، لكنه عندما يتكلم فهو قوي الحجة والبرهان.. يعمل بعيداً عن الاضواء.. لا يتنازع او يتصارع على جاه او موقع، رغم موقعه البارز مع السيدين محمد باقر الحكيم واخيه السيد عبد العزيز الحكيم قدس سرهما.. ومع السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى.. فالراحل كان من اهم مهندسي وصناعة القرار في المجلس الاعلى.. واليه تعود الكثير من ادبيات المجلس وخطاباته العامة وبياناته السياسية.
فوداعاً اخي وعزيزي، ايها الحبيب الصديق.. فانتم السابقون ونحن اللاحقون.. {ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين}.. وعزائي للسيد عمار الحكيم.. ولاسرة الفقيد واخوانه ومحبيه.. وعزائي لزوجته الحاجة ام حسن واولاده.. فالله وحده يعلم كم تحملتم من عذاب وشقاء وتعب في مرحلة مجاهدة الفقيد للطاغية والمستبد واعداء الوطن والدين، وفي مرحلة مجاهدته لعذابات المرض واوجاعه.. فجزاكم الله عنا خير الجزاء.
{بسم الله الرحمن الرحيم.. ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}صدق الله العلي العظيم

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
28°
37°
Sat
34°
Sun
الافتتاحية