Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

في ذكرى الشهيدين الصدر والحكيم.. الحزبوية تقتل النبوغ

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:17 - 05/04/2016 - عدد القراء : 1970

تمر في هذه الايام ذكرى استشهاد الشهيدين الصدر الاول وشهيد المحراب قدس سرهما. وفي هذه الذكرى الاليمة يمكن للمرء ان يقف طويلاً عند اعمالهما الجهادية ومواقفهما الشجاعة وادوارهما المؤثرة التي لعبت دوراً اساسياً في رسم توجهات فكرية وسياسية جديدة ليس للعراق فقط، بل لمجمل التوجهات الاسلامية والوطنية على صعيد اقليمي وعالمي ايضاً.
لاشك ان للشهيد الصدر دوراً ريادياً في المرتكزات الفكرية والمفاهيمية والبناءات الاساسية لنوع جديد من الحراك الاسلامي (الشيعي) ذات الطابع المنظم، بل الحزبي.. والذي انطلق قبل اكثر من نصف قرن في ظل المرجعية العليا للامام اية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس سره. حراك اسس الجزء الاعظم من احداث ووقائع وشخصيات وقوى وتغييرات جرت خلال الخمسين سنة الماضية الى يومنا هذا. ولاشك ان في مقدمة من رفع “لواء الصدر” وابقى الجذوة متقدة، ولعب دوراً حاسماً في تطبيق النظريات هو شهيد المحراب قدس سره. كما لعب “حزب الدعوة” دوراً جهادياً كبيراً وقدم تضحيات غالية وعزيزة، اضافة لترويج افكار الشهيد ونشر اعماله.. كما لعب علماء كبار ادواراً متميزة في تطوير نظريات الصدر سواء على المستوى الفقهي والفكري والسياسي والتنظيمي.
كل هذا واضح ولا يخفى على احد.. لكن ما هو واضح ايضاً ان الحركة الفكرية والتجديد والعبقرية والشجاعة الادبية في تحريك المياه الراكدة والاجابة بدقة على اجوبة العصر، قد تباطأت، في الفترات الاخيرة، الى ان تراجعت وتوقفت، او كادت ان تتوقف. نعم برز زعماء ومجاهدون تنحني امامهم اعلى القامات.. لكن لم يبرز مفكرون ستؤدي اعمالهم الى احداث ذات الاثر الذي احدثته اعمال الشهيدين الخالدين خلال العقد او العقود القادمة.. على العكس نشهد تآكلاً حتى في المفاهيم، وترديداً معلباً للمقولات، بلا ابداع او تجديد او اضافة او سد المساحات الفارغة.. ان لم نقل ان بعض التطبيقات سارت بطريق مضاد، ونمت الحزبوية لدى معظمنا لنصبح اسرى لها، بحيث يستطيع الانسان ان يصرخ قتلتنا الحزبوية.
ما حصل يخالف مسارات السنن، فعندما تنطلق حركة لها ابعاد تاريخية فانها تستمر بانتاج الرجال والمفكرين، ما لم يأتِ عائق غير طبيعي يوقف السياقات الطبيعية.. فالخطوات الاولى هي الخطوات الاصعب، وهي التي تفتح الابواب ليصبح الواحد اثنين.. والاثنان اربعة.. والاربعة ثمانية، وهكذا.. فها هو التاريخ الاسلامي العظيم بانتاجاته الفكرية.. لم يتوقف عند الاوائل بل استمر بانتاج اعداد هائلة من المفكرين والعلماء، التي ما تزال اعمالهم نبراساً وكنزاً من المعرفة والعلوم بشتى انواعها.. سلسلة يتصل اولها باخرها، او اخرها باولها. والامر نفسه في اوروبا وغيرها من حضارات.. خط ممتد يتوسع ولا يضيق، خلافاً لما حصل ويحصل عندنا.
لابد ان لذلك سبباً.. ولاشك ان الاستبداد والقمع لا يقتل الابدان فقط، بل يقتل العقول ايضاً.. فهل هذا سبب مقنع.. اقول كلا.. فالافكار العظيمة تنطلق –مع توفر الشروط الاخرى- في فترات القمع ايضاً.. ولعل ابرز برهان هو الشهيد الصدر نفسه.. لذلك لا ارى من سبب مقنع غير امرين اساسيين: الاول وهو الحزبوية التي طغت لدينا واغلقت ابواب الاجتهاد والفكر والعطاء والتجديد.. فكل شيء يجب ان يكون مقولباً ومزكياً للحالة السائدة.. وحالما يبدأ انسان بتفكير يخالف الحزبوية، سواء من تشكيلات تسمي نفسها حزباً او تياراً او حركة، حالما يتهم بالانحراف ويسقط ويحارب.. فتنّشف المنابع قبل ان تتفجر. والثاني هو الاصرار على التجهيل العام الذي تمارسه كافة مراكزنا التربوية والتعليمية، وقوانا السياسية الغارقة تماماً في حاضرها دون استذكار ماضيها اوالتفكير بمستقبلها. فصارت حتى مفرداتنا اليومية بائسة فقيرة، تريد ان تجاري ذلك القسم من الجمهور الجاهل معتقدة انها تستطيع جلبه اليها، دون ان تعلم بانه يجذبها اليه. لذلك نحن بلد معطل، فيه زعامات وشخصيات كبيرة مضحية سيذكرها التاريخ ولاشك، لكننا بلد لا ينتج مفكرين ومصلحين حقيقيين كما كنا نفعل.. ولا ننتج من ستتذكره الاجيال القادمة كمصلحين وقادة، كما نتذكر اليوم عظماء كالشهيدين الصدر والحكيم، ضحوا بحاضرهم لتغيير مستقبل شعبهم.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
24°
30°
Sun
29°
Mon
الافتتاحية