Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

“قانون الحشد”.. خطوة للسلام ام خطوة للحرب؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:03 - 30/11/2016 - عدد القراء : 1742

تلقيت ردود فعل كثيرة حول اقرار “قانون الحشد الشعبي” اغلبيتها الساحقة مؤيدة، دون ان تخلو ردود الفعل من اعتراض على القانون وتخوف منه. بعضهم يقول، هل نحن بحاجة الى قوات اخرى.. الا تكفي قوات الجيش والشرطة؟ وغيرهم يقول ان عدم تأييد قوى مهمة في مكون مهم سيقف عقبة كبيرة امام مشروع التسوية، الذي يؤسس لبناء مواطنة يحصل فيها الجميع على حقوقه؟ واخرون يقولون ان شرعنة “الحشد”، هو شرعنة للميليشيات، بل قد تؤسس لمزيد من الصراعات بما فيها الداخلية.

هناك الشكل والمضمون. لن نلتفت لمن يقول ان هذه نظريات. فكل الامور، الصغيرة والكبيرة، الجيدة والسيئة، تبدأ بكلمة ورؤية. اما من حيث الشكل، فنعتقد انه يلبي المستلزمات الدستورية والسياقات السياسية. فالموضوع مطروح للنقاش منذ فترة طويلة. كما ان السلطة التنفيذية، ورغم بعض التشويش، ادلت برأيها في النهاية، بدليل ان القانون تبني بالضبط ما ورد في الامر الديواني رقم (٩١) بتاريخ ٢٤/٢/٢٠١٦، وان االامر ترك بمجمله للقائد العام رئيس الوزراء لوضع اللواح والتعليمات النافذة. اما من حيث المضمون فالحشد اليوم قوة كبيرة اساسية غيرت من موازين القوى على ارض المعركة وانقذت البلاد من اكبر كارثة كان يمكن ان يتعرض لها. وان القوى المعنية بمشروع التسوية هي اقدر اليوم على مناقشة رؤاها، وقد عاد عدد كبير من جمهورها وقياداتها الى ارضهم، مما يمنحها وزناً ودوراً افضل، وان سن قانون الحشد يذهب بالخط الطولي لهذا كله، وليس العكس. فالامم لا تشرعن ما هو جديد فقط، بل في اغلب الاحيان تشرعن ما يتأصل ايجابياً على ارض الواقع. وان بقاء “الحشد” بدون تشريع هو الخطر الاكبر، وهو ما يجب ان يخاف منه الجميع. وهذا مطلوب سواء انتهت المعارك مع “داعش” سريعاً ام بقيت لفترة من الوقت. فان لم تنته المعارك، فماذا نعمل؟ هل نسحب “الحشد” من الميادين؟ وهل نقدم هدية ثمينة الى “داعش”؟.. اما ان انتهت، فمن الذي يضمن عدم عودتها؟ وان توقفت لفترة، فان عشرات الالاف من المقاتلين الذين ضحوا بدمائهم وتركوا عوائلهم، وعشرات التنظيمات التي تشكلت حول هذا العنوان، سيصبحون قوى لا غطاء ولا مهام لها. هنا سنواجه الفوضى الحقيقية التي يتخوف منها كثيرون. وهنا سنساعد على تشكيل ميليشيات خارج القانون.. وهنا سيتعرض السلم الاهلي لخطر اشد. فمن سيجمع السلاح؟ وهل سيدخل الجيش او الشرطة او اية قوة اخرى داخلية او خارجية في صراع مع قوى كانت احد العناصر الاساسية لدحر “داعش” وتحقيق الامن لمناطق شاسعة في البلاد. على العكس فان ما اشترطه القانون من ضرورة تقديم اي تنظيم او تشكيل من “الحشد” التزامه خلال ٣ اشهر بالخضوع الكلي للقانون والاوامر العسكرية ومنع العمل السياسي في صفوفه هو ضمانة جدية لتصريف الامور بسياقات اقرب للضبط والسلام من سياقات الفوضى والحرب. فان لم يشرعن القانون، فستتكاثر التشكيلات التي تغطي نفسها بعنوان الحشد، بما في ذلك تشكيلات غير ملتزمة تصبح هي الوبال والحجة التي يهاجم بسببها “الحشد”.

نعم لقد برهنت التجربة ان الجيش والشرطة لا يكفيان لتوفير امن البلاد في هذه الظروف. فلقد كانا هناك ولم يتمكنا بمفردهما من توفير ذلك، ليس لنواقص فيهما فقط، بل لان العنصر الشعبي في التعبئة الامنية كان مفقوداً ايضاً. وان نجاحاتنا في المعارك الاخيرة قد برهنت ان ثغرة امنية ستحصل كلما تغافلنا عن دور الشعب في الامن. فالشعب يحمي وينظم نفسه ولا يترك الميدان او يهرب منه حتى ان تخلى عنه الاخرون. ففي خضم المعارك، يبذل الغالي والنفيس لتحمل مسؤولياته، ويتجه لساحات الوغى دون سؤال عن مرتبات او مخصصات، او حتى دون سلاح كاف. وهذا صحيح سواء اكان اسمه البيشمركة او الصحوات او العشائر او الحشد. لذلك كان لابد من ان يحصل على الشرعية القانونية بعد ان حصل على الشرعية الفتاوية والواقعية.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
35°
37°
Mon
37°
Tue
الافتتاحية