Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

لبنان.. ظاهرة فيها دروس

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:07 - 02/01/2017 - عدد القراء : 2387

لا يمتلك لبنان ثروة العراق النفطية.. ولا انهاره او مساحاته او عدد سكانه. لكنه يشبه العراق بتعدديته وحروبه الداخلية والخارجية وانتشار الطائفية ومناطق النفوذ والفساد والمافيات والتدخلات الاجنبية. ففي ١٥/٧/١٩٥٨ قام الجيش الامريكي بعملية انزال لحماية الرئيس شمعون بعد ثورة تموز العراقية.. واندلعت الحرب الاهلية طوال ١٥ عاماً (١٩٧٥-١٩٩٠)، ودخلت القوات السورية (١٩٧٦)، لتبقى لعام ٢٠٠٥. وقبل ذلك وخلاله وبعده رابطت القوات الدولية (اليونيفل)  في الجنوب، واعتدت اسرائيل مرات عديدة واسست شريطاً حدودياً عميلاً (١٩٧٨-٢٠٠٠) ، واجتاحت لبنان والعاصمة بيروت في ١٩٨٢، ولم تنسحب الا بعد مقاومة شرسة (١٩٨٢-٢٠٠٠)، تلتها حروب صغيرة، اهمها تموز ٢٠٠٦، والتي انتهت بهزيمة اسرائيل على يد حزب الله.

رغم كل المصاعب والحروب والخلافات الطائفية، بل رغم المافيات والفساد والازمات السياسية التي استمرت اخرها اكثر من عامين قبل انتخاب الرئيس عون، ورغم الازمة المالية الخانقة والتراجع النسبي للاوضاع العامة، الذي يشكوا منه اهالي لبنان، لكنه ما زال بلداً مقصوداً، ويسوده عموماً النظام والقانون، وتحتل نشاطاته وشركاته ومعاهده واعلامه وحرياته ومهنه والمراكز الصحية والمناطق السياحية والاثرية مراكز متقدمة. فهل يمكننا الاستفادة من المقارنة، خصوصاً مع تشابه الصعوبات والازمات في البلدين؟ ولماذا ييقى لبنان قوة جاذبة؟

هناك، حسب رأينا -كظواهر، وليس كتفاصيل- ٤ مؤسسات، و٣ حقائق، تسمح له بذلك. اما المؤسسات:

  1. خلاف العراق واحتكار الدولة لكل شيء، ورغم ان الدولة في لبنان، ليست مثالية وتعاني من ثغرات كثيرة، والنظام طائفي حتى العظم، وكذلك الانتخابات، لكن الدولة، على الاقل، غير متغولة ومحتكرة. فهي لا تملك شبراً واحداً، وتشتري الارض لشق طريق، وجيشها لا يتعدى ٧٠ الفاً، وتعيش وتعتمد، على المجتمع والمواطنين.. وتعلم العوائل اولادها مبكراً لدخول مجالات العمل بكفاءاتهم، لا الاعتماد على التوظف وملاكات الدولة، والعكس هو المطبق لدينا.
  2. النظام التعليمي العالي المستوى بمعايير المنطقة والعالم، الالزامي للمراحل الاولى، والمتقدم للمراحل العليا (٤١ جامعة بمستوى مرموق) والذي يُعد خبرات جيدة في العمالة الماهرة والكفاءات التخصصية، فتطورت القدرات داخلياً وانتشرت خارجياً، اضافة للاعداد الكبيرة من الطلبة والمؤسسات القاصدين لبنان للاستفادة من مزايا النظام ومخرجاته.
  3. النظام المصرفي الذي لقوته وتقاليده العريقة يستجذب رؤوس اموال داخلية وخارجية كبيرة، والذي هو الممول الرئيس لكافة النشاطات.. فتزدهر المشاريع والمبادرات والمنتجات، وهو عامل ايجابي لميزان المدفوعات والميزان التجاري والناتج الوطني. فمعدل دخل اللبناني بالقدرة الشرائية ١٨.٢٧٧ دولار في ٢٠١٥ (العراق ١٥.١٨٦). فاحتكار الدولة عندنا منع انطلاق المصارف الحكومية والاهلية، والتي بدونها –ومع فشل اقتصاد الدولة- يصعب قيام نهضة حقيقية.
  4. نظام الخدمات والبلديات والمختاريات المسؤولة عن حسن تنظيم الحياة اليومية، والتي تسمح بتنظيم السياحة والنشاطات وتقديم الخدمات المحلية والعامة، حتى مع غياب رئيس للجمهورية لمدة عامين وتولي حكومة تصريف اعمال، ومجيء حوالي ٢ مليون لاجىء سوري مؤخراً، اضافة لحوالي ٣٥٠ الف لاجىء اخر، منهم حوالي ٣٠٠ الف فلسطيني.

اما الحقائق الثلاث فهي:

  1. الوطنية المتضامنة لبنانياً رغم الصراعات الطائفية والسياسية.. وكمثال تنادى اللبنانيون المغتربون (٨ مليون تقريباً) ليقضوا عطلة راس السنة الحالية في لبنان لمساعدة الاقتصاد المتدهور. فجاء مئات الالاف وامتلئت ٨٠٪ من الفنادق، ونشطت الاسواق، حسب التقارير، وتقول احدى الدعايات، “حبيبي لا تاكل كِبة نيِة بالبيت، اعزم الماما عَ المطعم”.
  2. الاعلام والحريات العامة، فازدهرت الصحافة، والطباعة والنشر والترجمة، فتكاثرت المراكز العلمية والثقافية والدينية لتجعل من لبنان ابرز مراكز المنطقة. وما التضامن الواسع مع صحيفة “السفير” التي صدر عددها الاخير بعنوان “وطن بلا سفير”، والمضطرة للتوقف لصعوبات مالية، بعد ٤٢ عاماً (١٩٧٤-٢٠١٦) سوى دليل على ذلك..
  3. القبول بالاخر داخلياً والانفتاح على الخارج. فالنزاعات السياسية والطائفية شيء، وقبول النوع والهوية والروابط شيء اخر. مما ابقى للنسيج الحد المعقول من تعايشه ومقاوماته. فلا تسقط الدولة والمؤسسات وطنية وجنسية الماروني لروابطه التاريخية والدينية بالفاتيكان، ولا الشيعي لروابطه بالعراق وايران، ولا السني لروابطه بمصر والسعودية.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
19°
28°
السبت
28°
أحد

استبيان

الافتتاحية