Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

مجلس الوزراء محور السلطة التنفيذية

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:12 - 09/05/2017 - عدد القراء : 1574

منح الدستور معظم الصلاحيات التنفيذية الى مجلس الوزراء.. لكن في الممارسة والتطبيق العملي انحرفت المسارات واصبحت معظم الصلاحيات لشخص رئيس مجلس الوزراء.. وبقصد وبدون قصد عاشت البلاد حالة الفردنة واللامؤسساتية والعطل وانتهاك الكثير من احكام القانون والدستور. فصرنا جميعاً كمسؤولين، وبدون استثناء، موضع انتقادات شديدة من الشعب، لتردي الخدمات وازدياد البطالة وتراجع سلوكيات الدولة واحترامها لمسؤولياتها اكثر فاكثر، سواء في مرحلة وفرة الموارد لازدياد ظاهرة هدر الاموال، او في مرحلة شحة الموارد وازدياد الصعوبات. وستتعمق هذه القطيعة ان لم يحصل تغيير جذري في المفاهيم والسياقات المتبعة. وهناك نقاشات ولقاءات كثيرة تدور عن الانتخابات ومواعيدها.. وعن المفوضية وقانون الانتخابات.. وعن الائتلافات ومرشحي رئاسة الوزراء، وشعارات الاغلبية السياسية والقائمة الوطنية، الخ. ومع رفض مبدأ حكم الحزب الواحد او الطائفة او القومية الواحدة، فاما تكرار تجارب الماضي، لنكرر العطل والمحاصصة والفردنة، او تغيير المسارات والعودة الى الحالة الدستورية والقانونية والمؤسساتية والانتقال من التجاذبات والتعطيلات الى حالة الانسجام والفاعلية والانتاجية.

  1. كان الصراع على موقع رئيس مجلس الوزراء محور الصراعات والتوافقات السابقة، ونعتقد ان هذا الامر استهلك الاشخاص والقوى السياسية على حد سواء، واوجد حالة من “الانتهازية السياسية” في اطار القوى، وبين المكونات وفي صفوف الشعب ايضاً. وان الاستئثار بهذا الموقع وجعله محور السلطة التنفيذية قاد الى شخصنة السلوك السياسي والى اختراقات مستمرة نالت من الدستور والقوانين والمؤسسات.
  2. بدون اعادة دور الوزراء والوزارات والعمل وفق قوانينها، فان الاداء الاداري سيبقى معطلاً تشوبه التأخيرات والقرارات المتناقضة، وضياع حدود المسؤوليات والصلاحيات بين السيد رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء. وهذا امر في غاية الاهمية، وهو المنظم لعمل الدولة، اية دولة. فالاساس هو استكمال قوانين الوزارات واحترامها (وتعديلها عند الضرورة)، واحترام هيكليتها وتوصيف واجباتها، وليس الاستمرار بالتعيين بالوكالة، واصدار التعليمات والاوامر الديوانية والوزارية التي تتجاوز قوانين الوزارات. فيتم منع التحول من سياقات اجرائية محددة وملزمة الى سياسات شخصية ومزاجية تنفي عن الدولة صفاتها المؤسساتية.

وانطلاقاً من ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، لان تأخرها سيعني فراغاً دستورياً خطيراً قد يعصف بالبلاد، فان اصلاحاً كبيراً سيتحقق لو بدأت القوى السياسية من الان التفاوض على برامجها القادمة، التي يجب ان تقدم رؤى جدية جديدة، تهتم بالاصلاحات الاساسية، والتي محورها الحالة الامنية وترصين البيئة السياسية بعيداً عن المحاصصة، واصلاح اداري شامل يوقف الهدر والفساد، وزيادة فعالية البلاد لتحسين الخدمات الاساسية، ولتقليل الاعتماد الكلي على الموارد النفطية، ولفتح المجالات للاستثمارات، وتشغيل اليد العاملة التي ستزداد ضغوطاتها وحِدتِها عاماً بعد عام. فاذا انهت كل قوة برنامجها، واعتمدت العناصر الكفوءة الجادة، فانها ستسعى للائتلاف مع من يتفق او يقترب مما تطرحه، لتشكيل ما تتم الدعوة له من قوائم اغلبيات لمختلف الساحات او اغلبية وطنية عابرة للمكونات.

عندها يمكن التفاوض ليس على رئيس مجلس الوزراء او المواقع الرئاسية فقط والتي هي موضع انقسامات عندما تنحصر بها، بل على الوزراء انفسهم ايضاً الذين يمكن ان يشكلوا عنصر توازنات وتوالفات.. ليعلم الناخبون لماذا يصوتون لهذه القائمة، وهذا المرشح، ويحجزون صوتهم عن اخرين. ليس المطلوب تشكيل الحكومة قبل الانتخابات، بل تقديم صورة افتراضية لما يمكن ان تكون عليه البرامج ونوعية المسؤولين، لتؤكد صناديق الاقتراع ذلك او ترفضه او تعدله.

هذا هو الاسلوب الطبيعي، الاكثر مرونة ومأسسة من الاسلوب الشخصي واللاقانوني واللادستوري.. وهو يسمح ايضاً بتخفيف اثار المحاصصة، لينحصر دور الاحزاب في مجلس النواب والقمم السياسية للوزارات والمؤسسات، ولا يتمدد الى ادنى، ليسلب حق المواطنين. ولينحصر تشكيل الحكومة، كذلك، من قوى الاغلبية المنسجمة في برامجها وليس كل من حصل على مقاعد، كما في الحكومات السابقة. وهو ما نقل الفوضى والصراعات لداخل السلطة التنفيذية، مدمراً بذلك العنصر الاساس لهذه السلطة، اي الوحدة والانسجام بين اعضائها. ولاشك ان ذلك لن يكون ممكناً ما لم نولي اهمية لحماية ودعم الاقلية البرلمانية المعارضة تماماً بنفس المقدار الذي نهتم فيه لتشكيل الاغلبية البرلمانية الحاكمة.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
36°
36°
Sat
34°
Sun
الافتتاحية