Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

مزاد العملة؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 1:30 - 08/01/2017 - عدد القراء : 2415

تنقسم انظمة الصرف لنظامين اساسيين، او خليط منهما.. سعر الصرف الثابت والضامنة الدولة، وسعر الصرف المتحرك حسب  العرض والطلب. تبنى العراق الاول (٠.٣٣٣ دينار/دولار) قبل ٢٠٠٣. وتبنى بعده الثاني عبر مزاد العملة.

  1. ليس المزاد سوى سوق عرض وطلب للعملة. فهناك طلب واسع، وعرض محدود بسبب تراجع الواردات النفطية بحوالي ٦٠٪ (٢٠١٥-٢٠١٦). كان ما يباع (٢٥٠-٣٠٠)، والان (١٠٠-١٥٠) مليون دولار يومياً. والنتيجة انخفاض قيمة الدينار، واضطراب الاسواق، وما يرافقها من مضاربات واعمال التفاف واسواق رمادية وسوداء.
  2. لا يمنع تحديد سعر صرف ثابت من ظهور اسواق رمادية وسوداء عندما يتراجع عرض الدولار، كما جرى نهاية السبعينات، ثم بالتحديد بعد تراجع صادرات النفط والحصار.. فوصل سعر الدولار (٢٠٠٠-٣٠٠٠) دينار، (٦٠٠٠-٩٠٠٠٪). ومع زيادة الواردات النفطية وتوفر الدولار، بعد ٢٠٠٣، ارتفعت قيمة الدينار للدولار حوالي ٢٠٪ من (١٥٠٠) دينار لحوالي (١١٨٠) دينار/دولار. ومع شحة الدولار الحالية، انخفض الدينار بمقدار ٨٪ تقريباً عما يباع في المزاد (١١٩٠). فالمسألة ليست مجرد تزوير وسعي لارباح طائلة، بل اساساً تخلف العرض عن تلبية الطلب، وتشوهات خطيرة في الاقتصاد عموماً. فظاهرة تراجع اسعار الصرف، تشهدها دول كثيرة، فيظهر لديها (٢-٣) اسعار، واسواق رمادية وسوداء. فالضغوط كبيرة على البنوك المركزية في بلدان كثيرة، مسببة تراجع اسعار الصرف عموماً بحوالي  ١٨٪ في ٢٠١٦، بل هي بلغت ٧٠٪، ١١٠٪، ١٣٦٪ في نيجيريا وازبكستان وانغولا على التوالي. فالعملة هي السلعة الاعلى طلباً عالمياً، ويتم تداول ٣ ترليون دولار يومياً تقريباً.
  3. فالمزاد واجهة لمرض عميق، وهو الاعتماد على النفط لتوفير الدولار ، وضعف الاقتصاد الوطني والاعتماد على الاستيرادات. ويبين علم الاقتصاد والتجربة، ان الفجوة عندما تتسع بين العرض والطلب، فان الاجراءات الادارية والتشددية لا تكفي بمفردها. بل ان المبالغة والتعسف يقودان للمزيد من اعمال الالتفاف والتزوير وهجرة الاموال. فالمطلوب تصحيح اوضاع الاقتصاد لزيادة الناتج الوطني، وتحسين الميزان التجاري والمدفوعات بموارد اخرى غير النفط. فالنظام النقدي لن يعالج بمفرده خلل النظام المالي والاقتصادي. انه كمعالجة الطفح الجلدي لـ”الايدز” وكأنه مرضاً سطحياً، دون فهم انه يتعلق بتحلل الدم، وضعف المناعة المكتسبة.
  4. يعتبر الدينار “عملة صعبة” عندما يتحول بسهولة لعملة صعبة اخرى بسعره في المزاد. وان هجرة الاموال وارتفاع سعر الصرف سببه ضعف الاقتصاد والبيئة الاستثمارية، وارتفاع الاستيرادات، والحاجة الماسة للدولار. فالقضية الاساسية ليست قضية مستندات صحيحة او مزورة، فهذه كلها ظواهر لخلل كبير. ففي عام ٢٠١٥ كانت الاستيرادات حسب التقارير العالمية حوالي ٣٩ مليار دولار، وحجم مبيعات المزاد حوالي ٤٤ مليار دولار. فاذا اضفنا الحاجة للدولار لغير اغراض الاستيراد السلعي، فان المزاد يعكس هذا التوازن العام. فهو في جوهره نافذة للحصول على القطع الاجنبي، ان لم يوفرها، فسيسعى المطالبون والمضاربون لتوفيرها بطرق اكثر التفافاً، وباسعار صرف اعلى. وان المعايير السبعة للبنك المركزي لـ”حسن الامتثال” وتطبيق النظم المعاصرة، وتطبيقها مع بداية ٢٠١٧، والتي يمنح بموجبها المصارف حق المشاركة ومستوياتها، هي مساع لتحسين الاداء، لكنها ليست لاصلاح الواقع الاقتصادي والمالي، والاعتماد على الدولار والاستيرادات.
  5. تراجعت احتياطات المركزي لاقل من ٥٠ مليار، مقابل ٧٧ مليار دولاراً (٢٠١٤).. وازداد الدين الداخلي والخارجي. بالمقابل، تراجعت اسهم معظم المصارف لاقل من دينار للسهم، وهو سعر الشراء عند التأسيس، براسمال حده الادنى ٢٥٠ مليار دينار. وتكشف موازنات المصارف ان هامشها (عندما تربح) لا يتعدى (١٠-١٥٪) للاعوام الماضية، وهو اوطىء من قطاع التجارة والاغذية والانشاءات والصحة والاتصالات والنقل.. وهو ما يفسر الصعوبات، والافلاس احياناً، وهجرة الاموال التي ستجد اطمئناناً وربحاً اعلى خارج البلاد. وسنشهد تداعيات اكثر باستمرار الشحة المالية والاعتماد على النفط، والبقاء عند الاجراءات الادارية والعقابية، وعجز الحكومة سداد مستحقات المقاولين والشركات، الذين بدورهم يتخلفون الايفاء بالتزاماتهم مع المصارف. والمطلوب سياسة شجاعة لاجتذاب الاموال وادخالها الدورة المصرفية، ومساواة المصارف الحكومية والاهلية، وتشجيع البيئة الاستثمارية لانطلاق القطاعات الحقيقية.. والا سيستمر الاعتماد على الاستيراد، والحاجة للدولار، وازدياد الفجوة بين سعر المزاد والسوق.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
24°
33°
Thu
35°
Fri
الافتتاحية