Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

منظمات حقوق الانسان، والحرب ضد الارهاب

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 10:29 - 16/07/2017 - عدد القراء : 1855

باتت منظمات حقوقية كـ”العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” والمنظمات التابعة للامم المتحدة او للمنظمات الاقليمية جزءاً مهماً من الحركة العالمية والتاريخية للدفاع عن حقوق الانسان. وقدمت هذه المنظمات خدمات مهمة في دفاعها عن المضطهدين، وضد احكام الاعدام والتعذيب والاعتقال والتمييز، واتخذت في حالات ومناسبات عديدة مواقف مستقلة وفعالة حتى في مواجهة اقوى الدول، وساهمت في توليد وعي عالمي يتطور باستمرار لحماية حقوق الانسان ومنع الاعتداء عليها. رغم هذه السيرة لكن سلوكها لم يخلو احياناً من ثغرات وملاحظات، وتعليقنا اليوم يتناول تقاريرها عن الحرب ضد الارهاب في العراق، والتي تثير احياناً التشويش وسوء التقدير والفهم.

  1. الحرب ضد الارهاب في العراق، هي من اهم واقسى وانجح معركة واكثرها تعقيداً ليس على الصعيد الوطني فحسب بل على الصعيد العالمي ايضاً.. فالكل يعلم بالتضحيات الهائلة التي قدمها مواطنونا كضحايا للعمليات الارهابية، وفي الحرب لتطهير البلاد من الارهاب، وتحرير المواطنين والمناطق من قبضتهم. فشاهد العالم صور المقاتلين الذين احتضنوا انتحاريين لحماية المدنيين. او كيف يجعل المقاتلون من ظهورهم معابر للمواطنين ليعبروا من جبهة “داعش” الى جبهة الخلاص.. وكيف يتم فتح ثغرات في جدران البيوت لانقاذ العوائل، مع احتمال قوي بوجود مندسين من “داعش” مع السكان المدنيين. مقابل ذلك كله تستند بعض منظمات حقوق الانسان في تقاريرها لافعال او اقوال غير مسؤولة لبعض المقاتلين، ولتصريحات احادية غير موثقة، او لروايات غير معلوم فبركتها او دقتها يتناقلها الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وسؤالنا كيف يمكن ان تلغي الاعمال اللامسؤولة او المعلومات غير المؤكدة التضحيات والمنجزات في هذه المعركة الشرسة. وكيف تنشر منظمات حقوق الانسان تقارير تقول فيها ان قوة مفرطة قد استخدمت، وهناك جرائم من “داعش” والقوات النظامية في آن واحد، او ان هناك تمييز في التعامل وعزل بعض العوائل عن بعض، فما هو مجال المقارنة؟ وكيف سمحت هذه المنظمات للمساواة بين من يحارب الارهاب ويدفع اثمان غالية في ذلك، وبين من يمارس الارهاب ويتخذ من السكان دروعاً بشرية واغطية وحواضن لفعالياته؟
  2. لاشك ان منظمات حقوق الانسان تتبنى فلسفة الرفض المطلق لاي عنف.. نحن نفهم هذه الثقافة التي لها ما يبررها على الصعيد التثقيفي والمدى البعيد.. لكنها فلسفة ستكون قاتلة ومشوشة اذا نظم على اساسها الملف الامني او السياسي. فالحيادية والموضوعية هي ليست بالقاء اللوم بشكل متساوي على الطرفين، وكأن لا فرق بينهما. فمثل هذه المواقف ستساعد امنياً وسياسياً الارهاب الذي سيستغلها لهدر المزيد من الارواح وحقوقها. فالارهاب يروج لنفسه، وينشر الصور عن قطع الرؤوس وحرق الناس او دفنهم احياء، وعن عمليات قتل جماعية حتى بين انصاره.. بينما الطرف الاخر، اي الحكومة وقواتها المسلحة فانها تحقق في حالات حصول تجاوزات، وتدين هذه الافعال، وتحاكم وتعاقب. فالافعال الاولى اعمال عن سبق اصرار، والافعال الثانية اعمال سترافق اية عمليات عسكرية تحصل فيها اخطاء وسوء تقدير، او حتى عدم جدية، او تحصل خلالها اندفاعات هوجاء غير مسؤولة لبعض الافراد والتي يجب ان تعالج بالطرق الاجرائية والقانونية.
  3. تعلم “داعش” تعلم الطبيعة الخاصة لمنظمات حقوق الانسان المذكورة اعلاه، لذلك تستثمرها لنفسها. فتقوم بتفخيخ البيوت بالمئات والالاف وحجز المواطنين فيها لعرقلة العمليات الامنية الضرورية لانقاذ الناس، او لانفجارها عند مهاجمتها. او تقوم بارسال انتحاريات يحملن اطفالاً لهن او لغيرهن، او تتسلل عناصرها مع المدنيين المحررين. لهذا عندما تتكلم منظمات حقوق الانسان عن قوة مفرطة، او عزل مدنيين، او تخريب بيوت الناس فيجب ان تعلم عن اي عدو تتكلم. فهي لا تكتب عن معارك مع معارضين او متمردين محدودي القدرات، معزولين محاصرين، بل عن شيء مختلف نوعاً. لذلك يجب ان تختلف تقاريرها نوعاً ايضاً، ولا تساوي بين القاتل وضحاياه.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
33°
36°
Fri
37°
Sat
الافتتاحية