بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم
الهروب نحو الذات صار العنوان الانسب للاصلاحات التي يطلق متوالية حزمها رئيس الوزراء منذ نحو عام بلا ادنى جدوى، فلكأننا بالرجل يهرب بذاته الى كرسي رئاسة الوزراء، دون ان يأبه لما سوى ذلك، وربما نسي الرجل ان الشباب العراقي يشكّل ما نسبته أكثر من 60% من عموم الشعب باقل التقديرات لتكون هدية العبادي، لشباب العراق والوسط الرياضي، اختزال وزارتهم ودمجها بوزارة أرهق منها اثراً، واقوى منها أزماتياً، فكلنا يقف على دائرة الوهن المالي الذي يؤطر وزارة ثقافتنا، فكيف سيكون الأمر برياضتنا وشبابها حين يكونان جزءاً من نسيج مريض اصلاً؟
كان الأكثر منطقاً ان تذاب وزارة الثقافة المريضة في وزارة الشباب الفاعلة ذلك لان:
1. في وزارة الشباب الحالية دائرة لثقافة الشباب، وهي اجدى عطاءً وفعلاً مما تقوم به وزارة الثقافة، وكان أحرى ان يذاب ما بقي من وزارة الثقافة في هذه الدائرة وليس إختلاق دائرة رياضية جديدة يفترض انها ستعنى بالمفصل الرياضي في وزارة الثقافة !
2. ما هو الحجم الثقافي المحلي واثره في الاوساط الشعبية بالقياس لجمهور مباراة واحدة بين الزوراء والجوية بملعب الشعب مثالا لا حصراً؟!
3. هل أنتجت الثقافة العراقية الجديدة بعد 2003 شاعراً واحداً بجحم عبدالزراق عبدالواحد او حميد سعيد او سامي مهدي او رعد بندر او سعدي يوسف، او قاصاً من قامة عبدالستار ناصر او روائياً مثل عبدالرحمن الربيعي او غالب طعمة فرمان او حسين مردان، وماهي الاسماء الثقافية الجديدة التي ترقى لأثر وشهرة وعطاء يونس محمود والعداء عدنان طعيس ونشات اكرم والقافز منتظر فالح والرباع كرار محمد ونور صبري والرامية فاطمة المشهداني وعماد محمد والشطرنجية د. ايمان الرفيعي؟
4. لقد ألغي الشطر الاعلامي في وزارة الثقافة فور التغيير في نيسان 2003، باعتبار ان الاعلام الحر خارج نطاق تغطية الحكومة، فهل يمكن ان تندرج الثقافة والابداع العامّين وصناعة الرأي في جيب الحكومة !؟
5 . واذا كنا لانريد ان نبخس ما حققه بعض الادباء والشعراء الشباب من منجز ادبي او ثقافي معاصر حقق ذاته الابداعية، ونال جائزة هنا او تكريم هناك، ولكن ما حجم ذلك مقارنة بما حققه رياضيونا برابع العالم في اولمبياد اثينا 2004 ومونديال شباب العالم في 2013 وامم اسيا 2007 واوسمة قارية وعربية بمختلف الرياضات غير الكرة، وقد التف الشعب، بعوامّه ومثقفيه، حول تلك الانجازات، ومضى الناس للقول ان الرياضة وحدها يمكن ان توحد العراقيين.
ربما كان الامر سيغدو اكثر قبولاً لو ان الوزارة دمجت في اللجنة الأولمبية، او دمجت الأخيرة في الأولى، لترابط المؤسستين مشيمياً، واقتران عملهما، وتشابكه، وتماهيه في مناسبة ما، أو تقاطعه بازمة غيرها، وسيكون الوضع اقرب للمنطق، وأسرع للتجانس وأنفع للرياضة والرياضيين، ولكن هل يمكن ان نختزل وزارة الشباب التي لها من الاملاك والبنى التحتية والملاعب والمنشآت والمسابح والقاعات المغلقة والاستثمارات ما يفوق اكثر من وزارتين، او حتى ثلاثة للثقافة التي يمكن استعارة اتحاد الادباء وشارع المتنبي ليكونا اجدى منها وانفع للناس؟ هل يمكن ان تكون عائدات ملعب الشعب مثلاً، والمسبح الاولمبي الكبير الى وزارة الثقافة ومبدعيها دون الرياضيين؟
لا يقولنّ أحدكم ان فصلاً موضوعياً، أودائرة خاصة، ووكيل رياضي جديد سيكون داخل وزارة الثقافة، وهو من سيتصدى لتنسيق ذي وتلك من الاهتمامات، فتداخل العمل، والسلطات الوظيفية لرأس الوزارة الجديدة، وتقاطع الوسطين الثقافي والرياضي، سيمنحان الوزير الجديد المسوّغات والمحفّزات لاذابة ما بقي من رياضة العراق في حاضنة ثقافية لاتنتمي لها باي مبرر، او زمن، او حتى صدفة غبية مثل هذه!
برغم ما قدمه السيد عبدالحسين عبطان من نوايا طيبة صادقة، لكنه اوقع نفسه، والشباب والرياضيين من بعده، بأخطاء جسيمة ما كان ليقع فيها لو أنه انتدب من الملاكات والكفاءات ما يمكن ان يخوض بها تجربته الوزارية الفتية، فبادر لنقل صلاحيات مركز الوزارة الى المحافظات، ظناً منه انه يقترب نحو الدستور ببلد يعمل خارج تغطية دستوره! دون ان يعلم بانه سيذيب، تدريجياً، جسد الوزارة الممتد بعيداً، كما انه منح أسماء (تلفزيونية ومزورة) مهام اعلى بكثير مما يمكنها ان تصنع لرياضة الوطن وشبابه، فانتدبها بدرجة مدير عام لايدير شيئاً، وقد حذّرنا الرجل شخصياً، وبأكثر من مرة، لئلّا توجّه الانظار الحانقة صوبه، والمتربصة نحو إنتداباته، فتستهدف وزارته عبر تلك المبررات، وتمضي بها الى الالغاء او الدمج الخاطئين!
