جدية العمل تكون من خلال المعطيات التي تظهر على اثر ما تحمله المناهج والأفكار والخطط ، وإذا كانت هناك نية لإجراء إصلاح حقيقي يجب أن يكون بعيداً عن التصريحات الرنانة من على وسائل الإعلام ،لان من يريد العمل الفعلي يبدأ به على ارض الواقع، فالمسألة التي يكثر الحديث عنها والمتمثلة بالتغيير الوزاري لا يمكن اختزالها بالشخوص، لأنها هرولة إلى الأمام . فهل توجد رؤية أو برنامج اخل به الأشخاص حتى يمكن اللجوء إلى استبدالهم ،وبغض النظر عن هذه المديات الأفقية فان الإصلاح الحقيقي يبدأ من التعليم، لأنه أساس بناء الأوطان والشعوب فمنه تخرج كل السلطات، ومنه ينشأ المجتمع وتنتشر الثقافة ،ولكن الذي نراه أن هناك ابتعاداً كبيراً عن هذا الملف ،بل هناك محاولات لإضعافه من خلال الإهمال والقرارات غير السديدة في مفاصله ،والتوسع الأفقي والعمودي الذي لا يستند إلى أسس عملية ومهنية ،فضلا عن زج بعض العناصر غير الكفوءة لتسنم المواقع القيادية في مفاصله الإدارية المتفرعة ،وعدم وجود خطة للنهوض به، وعدم توفر البيئة المناسبة التي من خلالها يمكن للمعلم والطالب أن يؤديا واجباتهما على أكمل وجه أو في حدودها الدنيا ،والسؤال الذي يطرح نفسه ،وهو مقدمة مهمة لمعرفة نيات الإصلاح الحقيقي، هل تمتلك الحكومة رؤية أو خطة للنهوض بقطاع التعليم بعيداً عن الانشائيات ؟وأين هي بنودها العملية والزمنية، فالمشكلة تكمن في غياب الرؤية للنهوض بالقطاعات المختلفة حتى لو جاءت أسماء غزيرة وكثيرة وتم تداولها بعملية الاستبدال والتناوب، فلا توجد حلول ما لم توجد خطة تسير عليها الوزارات التي هي المفصل التنفيذي الذي ينفذ ويطبق الخطط والبرامج، ومن يخل بذلك يتعرض للمساءلة ،ولعل اغرب ما يثير التساؤلات أن ملف التعليم يعد في آخر الاهتمامات الإصلاحية مع انه من المفترض أن يكون في مقدمتها ،لأنه المجتمع برمته عندما يلتصق بالفرد من رياض الأطفال إلى الجامعة وهي مدة البناء الإنساني والعمود الفقري للمجتمع ، فإذا تم إهمال ذلك أو التقصير فيه فإن الخلل يضرب إطنابه في صميم المجتمع ولا يمكن علاجه في وقت متأخر، لذلك لابد أن تتوزع الاهتمامات الإصلاحية بشكل متواز وبحسب الأهمية للمجتمع .