Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

بعد مناشدات وصراخ لإعادة النظر في بنيته وآليات عمله.. أدباء عراقيون: يجب أن يشمل التغيير اتحادنا مثل أي كيان جامد

بعد مناشدات وصراخ لإعادة النظر في بنيته وآليات عمله.. أدباء عراقيون: يجب أن يشمل التغيير اتحادنا مثل أي كيان جامد
ادب وثقافة - صفاء ذياب - 2:55 - 01/09/2015 - عدد القراء : 1221

لم تتوقف الانتقادات الموجهة للمركز العام لاتحاد الأدباء والكتاب في بغداد، فضلاً عن اتحادات المحافظات، منذ سنوات ليست بالقليلة، وتركز الانتقادات في كون الاتحاد لم يقدم شيئاً حقيقياً للأدباء في ظل التحولات التي طرأت على المجتمع والبنى الثقافية فيه، إضافة إلى الفعاليات التي لا ترقى إلى مركز في مدينة صغيرة ليس فيه أي جمهور، فاعتلى منصة الاتحاد كل من تعلم القراءة والكتابة، حتى لو كان أمياً بالمعنى الحرفي للكلمة، فضلاً عن بقاء رئاسة الاتحاد والأمانة العامة منذ أكثر من اثني عشر عاماً، متمثلة بالناقد فاضل ثامر رئيساً، والشاعر الفريد سمعان أميناً عاماً… لكن الأمر الأخطر هو في إعطاء عضوية الاتحاد لأشخاص لا علاقة لهم بالأدب، وما قدموه من كتابات لا ترقى حتى أن تكون خواطر تنشر في صحف للهواة لا أكثر.
غير أن الملاحظ أن اتحادات الأدباء لا تختلف عن بنية الحكومة العراقية، على الرغم من أن المجلس المركزي اختير في انتخابات علنية، فمثلما يتحدث أغلب العراقيين؛ إن لم يكن جميعهم، عن الفساد الإداري والمالي في الحكومة وعدم أهليّة البرلمان والوزراء، إلا أنهم يعيدون انتخابهم في كل مرَّة.. الأمر نفسه يحدث مع كل انتخابات في اتحاد الأدباء، فتتصاعد الدعوات لتغيير المجلس المركزي واختيار دماء جديدة، غير أن الأدباء يعيدون انتخاب الأسماء نفسها أيضاً! ولا أحد يعرف ما الذي يحدث فعلاً وراء الكواليس؟ فما الذي علينا فعله لإعادة بناء الاتحاد من جديد؟ وما البدائل التي توجد لدينا لكي نعيد الاتحاد لنشاطه وهدفه الثقافي؟
هيكليات خاطئة
يشير الشاعر جبرائيل السامر إلى أن اتحاد الأدباء هو الواجهة الثقافية والنافذة التي يطل منها المبدع ملوحاً بإبداعه. لكن هذه النافذة – للأسف- لُطِّختْ بوحل الفساد والمحسوبيات، حالها كباقي مؤسسات البلد، رغم الخصوصية والحساسية البالغتين لها. إذ عادت تطل بوجهها الديكتاتوري القديم والمسيطر منذ زمن. ومن جملة الوحول التي لطخت تلك النافذة، سيطرة شخصيات تتقافز في كل انتخابات لابسةً قميص الديمقراطية، ومغطيةً لجسد تآكلَ بجذام حب السلطة والمنصب، ومستغلةً انتماءها لحزب يساري له منجزه الثقافي وتاريخه الجهادي. فأُبعِدَ المعتدلون واليمينيون قسراً من قيادة الاتحاد. وعاد الأدب أدبَ الحزب الواحد كما من قبل… ونظراً للسياسات الخاطئة في إدارة الاتحاد تعالت صيحات الإصلاح من هنا وهناك. ولعل أقواها هو البيان الصادر من واحد وسبعين أديباً جلّهم من الأسماء اللامعة في سماء الأدب العراقي، أعلنوا احتجاجهم ومقاطعتهم للانتخابات العامة للاتحاد، المزمع إجراؤها بتاريخ 30/5/2013 مضمنين بيانهم فقرات تنشد التغيير والإصلاح.ويوضح السامر أن من أبرز قضايا الفساد الإداري للاتحاد التي تناولها البيان، اعتماده صيغاً غير قانونية لضمان البقاء في إدارة الاتحاد إلى الأبد، والفشل لمدة عشر سنوات في إقرار قانون ونظام داخلي يتناسبان مع الواقع الديمقراطي الجديد، والاستئثار بمقدرات الاتحاد وإمكاناته لصالح فئة محددة من أعضاء الاتحاد، والمجانية في منح العضوية واعتماد معايير غير مهنية في القبول، من دون اعتبار للمقوِّم الأدبي، وانعدام الشفافية في العمل الإداري والتنظيمي، واعتماد صيغ وممارسات تجعل من الانتخابات مسرحية هزليةً رديئةً، تتضمن فوز الإدارة الحالية، والمحسوبين عليها إذا اقتضى الأمر تغييراً شكلياً، واعتماد صيغة المخاتلة والمواربة في تحديد موعد الانتخابات، وجعلها مفاجئةً، مع محدودية مدة التحضير والترشيح لها.. استجابةً لتلك الصرخة المدوية ومناشدةً للإصلاح الجذري، قام عدد من الأدباء ممن يحملون همَّ ثقافةٍ تؤمن بالحرية والتعددية الفكرية هدفهم إصلاح وإنقاذ واجهة العراق الثقافية من براثن الديكتاتوريات الفئوية والحزبية. وتعدى الأمر إلى قيام مجموعات أدبية نظمت عملها تحت مسميات ونظام، رغم اختلاف مشارب وتوجهات تلك المجاميع، إلا أنها اشتركت في هدف تغيير السياسة الحالية في إدارة اتحاد الأدباء والكتاب في العراق.
آيديولوجيات متناحرة
من جانبه ينظر القاص منتظر ناصر إلى اتحاد الأدباء على أنه أصبح مؤسسة هرمة وكياناً كسيحاً لا يليق بالأديب والمثقف العراقي، كما أنه لم يظهر مرة واحدة بمظهر القوة، أو يتمكن من الاهتمام بهموم شعبه وبلده، رغم الزخم الذي تمتع به إبان سقوط النظام السابق، على الرغم من تعكزه على تاريخ عريق مثلته أسماء لامعة في سماء الأدب والثقافة العراقييين كالجواهري والوردي والسياب وغائب طعمة فرمان وغيرهم، بالإضافة إلى تمتعه بدخل شهري وسنوي لا بأس به.مضيفاً أن حال اتحاد الأدباء اليوم، هو حال مجلس النواب العراقي في شلله وصمته، فحين يعاب على النواب أداؤهم السياسي، لا يلبثون أن يعودوا نوّاباً لدورة لاحقة، والسبب هو غياب البديل، «فلازلت أتذكر قبل دورتين انتخابيتين، تلك الجلبة التي دوّت داخل الاتحاد، حين كان التنافس على أشده بين ثلاث قوائم رئيسة، إحداها إسلامية، والأخرى قومية، ولم تتمكنا من إزاحة القائمة الثالثة «الحاكمة» وهي اليسارية، التي لا تعود قوّتها لشعبيتها أو جماهيريتها بين الأدباء، وإنما لسوء سمعة البديلين اللذين بث ترشحيهما الرعب في صفوف الأدباء الذين يتحلون بذاكرة سيئة لكلا الآيديولوجيتين البعيدتين عن الأدب والثقافة، ففضلوا البقاء على الاتحاد الحالي».في تلك الدورة برزت طبقة شابة كان يعول عليها كثيراً في البناء والتجديد، الا أنها وبدلاً من إحداثها دفقاً جديداً في دماء الاتحاد، ركنت إلى الدعة والجلوس في ظل الكبار والرموز.أما عن الحلول البديلة، فيرى ناصر أنه لن يكون هناك حل في الأفق، إلا ببروز جيل جديد يأخذ على عاتقه مبدأ التجديد والتحديث، والانتقال من نظرية «اشخط يومك»، إلى نظرية «الخدمة العامة»، التي تتمثل بوضع برنامج واضح المعالم يأخذ على عاتقه تقديم الخدمة للأعضاء بالدرجة الأولى، وتعضيد الموارد، وترشيد النفقات وعدم إهدار الأموال في محافل شفاهية زائلة، وإشراك عموم الأدباء في عملية انتقال ممنهجة، وتأسيس صندوق يعنى بتطوير الخدمة داخل الاتحاد، واعتماد مبدأ الاستثمار لإعادة إعمار صرحه المتهالك، وفق أحدث الطرق، بما يتلاءم وإيجاد قاعات فارهة ذات استخدامات متعددة، وإنشاء ملاذات مناسبة لضيوف الاتحاد من أدباء الخارج أو المحافظات، وإنشاء نوادٍ ومقاهٍ لائقة بهذه الطبقة المميزة من المجتمع.
تنافس شريف
الحديث عن بدائل في عمل الاتحاد؛ من وجهة نظر الشاعر علي نوير، يقودنا حتماً إلى تلمّس إمكاناتنا الحقيقية في التغيير المنشود، وليست تلك الافتراضية، إلى ضرورة أن يكون الأدباء جادّين فعلاً في طرح برامج عمل جديدة من شأنها أن ترتقي بالأدب والأدباء معاً. فـ«النيات الحسنة لا تكفي لوحدها، أقول الحسنة ولا أستبعد وجود سواها قد يُتاح لها أن تركبَ موجة الدعوة إلى التغيير وتضع الجميع أمام مرحلة مقبلة لا نتمنّاها، وقد نكون كلنا ننشد التغيير نحو الأفضل بما فينا الأصدقاء في الهيئة الإدارية الحالية، ولكن ما يجعلنا مُختلفين هو مدى إمكانية كلٍّ منّا في التخطيط السليم والقدرة على التنفيذ»، من خلال هذا الحديث يقترح نوير، خلال الحملة الانتخابية المقبلة، اعتماد برامج عمل ممكنة يُعلنُ عنها المُرشّحون، أفراداً أو مجموعات، في الفترة المُتاحة لهم، بعيداً عن النمط الشائع عند سياسييّ هذه الأيام في التسقيط الشخصي، بدوافع لا تمتُّ إلى رفعة الأدب وروحهِ السامية، وهذا لا يعني الابتعاد عن النقد البنّاء وتصويب الأخطاء أينما تكون، ولا يظنّ نوير أنّ هناك عملاً مُحصّناً من الأخطاء وفي ظروف استثنائية مثل ظروفنا، ولكنّ حضور العقل والوجدان النظيف سيقرّبنا من الفهم المُشترَك واجتراح آليات أنضج من أجل تفادي الأخطاء، وأن نكون جميعاً، اتحاداً وأدباء، في المسار الصحيح.. ويتمنى نوير في الانتخابات المقبلة أن نُقدّم أنموذجاً رائعاً في التنافس الشريف، يليق بنا وباتحادنا العريق، وأن يكون درساً بليغاً للآخرين.
الخوف من البديل
أما القاص أنمار رحمة الله فيبين أنه لم يعد خافياً أن المؤسسة العراقية عموماً، تمرُّ بأزمة البحث عن البدائل. نحن ننتقد الطرائق التي تُقاد بها مؤسساتنا المدنية وحتى الحكومية، ولكننا في الوقت ذاته نعاود انتخابهم من جديد، وذلك لأننا مجتمع متصالح مع ما هو مألوف وقديم، ونتوجس خيفة من الـ(الجديد)، الذي ينال من شجاعتنا في الاختيار والتغيير. ولكن التغيير ليس مستحيلاً، بل أنه صعب مع الضغوط كافة. أما بالنسبة إلى برامج الاتحاد فهذا عائد لطريقة التفكير التي تُقاد بها هذه المؤسسات. فالمؤسسات الثقافية ما زالت تنظر للدولة تلك النظرة الأبوية، من دون إيجاد بدائل مادية تجعل لهذه المؤسسات هيبة، وتنجو من هيمنة الدعم والتشجيع والمبادرة التي طالما شلّت حركة هذه المؤسسات. البرامج الناجحة والجديدة تأتي مع طرائق تفكير جديدة لجيل جديد، لأن بقاء بعض الشخصيات في أماكنها، لا يمنح هذه المؤسسة عملاً مختلفاً. البرامج المتغيرة تحتاج إلى أنفس فائرة يملؤها حماس الشباب، وهذا لا يعني أن الشخصيات الكبيرة سناً ومكانة غير قادرة، ولكن مثل هذا العمل المتعب، الذي يحتاج إلى حركة دؤوبة كخلية نحل، هو بحاجة إلى دماء متحركة، وعقول تفكر مع زمنها وجيلها الحالي. وهذا لا يعني أيضاً إعادة شاملة أو بناء جديدا للاتحاد، فهو مرتكز على لبنات قوية، وتاريخ عتيد. ولكن الحل في نبذ الأنانية والانحياز إلى المشروع الإبداعي فقط. مع خطوات مهمة وجريئة يأتي على رأسها إعادة النظر في عمل فروع الاتحاد في المحافظات، فهي تكاد تكون نسخ مكررة لصورة الوضع العام، من تباطؤ في الحراك، وتنازع على جزئيات، وتكاسل في طرح نموذج أصيل، مع استثناءات تُعد على أصابع اليد.
قاعات مغلقة
يعتقد الشاعر علي تاج الدين أنه منذ امرئ القيس، بل منذ انخيدوانا، أنَّ الشاعر يجب أن يقود العالم متناسين قوّة الثقافة التي تجعل من الشاعر جزءاً يسيراً منها هذه مقدّمة لا بدَّ منها. إذ حدث جزء من الخلل بسبب البنية الذهنية التي تتحكّم بالمثقّف العراقي الذي ينتخب على أساس طبيعة علاقته بالمرشّح لانتخابات الهيئة المركزية أوّلاً، وقدرة المرشّح الإبداعيّة ثانياً، لا على أساس كفاءته الإدارية التي تمكّنه من قيادة الاتحاد وبرامجه المتنوّعة التي يجب أن يكون لها دور في تغيير وتنوير الفكر العراقي أو فكر المثقّف العراقي على أقلِّ تقدير. (وهذا أيضاً يعدُّ موروثاً ثقافياً يعدُّ نسقاً ثقافيّاً سلبيّاً يتبخترُ في أروقة الاتّحاد). فيجب أن تخضعَ برامج الاتحاد للجنة صارمة بعيدة عن المجاملات والمحسوبيّات، ويتمُّ اختيار الباحث من خلال معايير دقيقة كــ( نوعية النصّ، وجماليّته، ومقدار جدّته، أي :الجديد فيه، وخطابه التنويري التقدّمي، وغيرها).ويضيف تاج الدين أن مهرجانات الاتحاد الشعريّة، عليها أن تكون متنوّعة وثريّة يقلُّ فيها عدد الشعراء وبالتالي يقلُّ عددهم في الجلسة الواحدة، والابتعاد عن القاعات المغلقة لأنّها روتينيّة ومستهلكة، وتبعد المثقّف عن الشارع، والاختيار للشاعر نفسِهِ يكون وفق المعايير السابقة نفسها وعدم تكراره في باقي المهرجانات، لأنَّ هذا يؤدي إلى اجترار الشاعر لنفسه والوقوع في النسقيّة.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
28°
27°
السبت
28°
أحد

استبيان

الافتتاحية