Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

على حدود المسرح والفنون البصرية: فن الأداء، كممارسة منفلتة

على حدود المسرح والفنون البصرية: فن الأداء، كممارسة منفلتة
ادب وثقافة - 1:57 - 12/11/2015 - عدد القراء : 846

إن إعداد مسار تاريخي حول فن الأداء لهو فرصة لإحياء التيارات الفنية الأكثر شهرة في العالم، والوقوف على أهم التكتلات الفنية التي جمعت المبدعين، مناسبة لذكر العوامل التي ساهمت في حصولهم على مكانة فنية متميزة خصوصا تلك القطيعة التي أحدثوها مع التقاليد. منذ ظهور أول بيان لحركة المستقبليين الإيطاليين سنة 1909، ومرورا بحركات أخرى كالدادائية والسريالية، والفنانون في سعي حثيث نحو توسيع حدود الفن. هذا الأمر مكنهم من تجاوز العزلة التي كانوا يتواجدون فيها ومن حيازة علاقات مع فنانين من مختلف الأقطار والتخصصات. هذه الحركات ساهمت في تفجير الممارسات الفنية وبروز أشكال جديدة، من خلال عملها على تغيير المواقف لدى المبدعين ولدى الجمهور: انفتاح، وفضول، ومخاطرة، وشغف تجاه كل الأعمال التي تتأسس على الأداء.”بقدر ما يوجد من أداء يوجد مؤدون” هذا ما قاله الفنان روبير راسين Robert Racine، وأخذه عنه عدة فنانين. في عدد حديث من مجلة إيس -فنون وآراء الكندية، نشر استطلاع للرأي أجري مع سبعة وعشرين مؤديا حول ممارستهم الفنية. فأفضى تعريفهم لفن للأداء إلى عدة أجوبة مختلفة، إنه : فن / حركة/ تمرد/ ممارسة الحاضر /حضور في العالم/ فن حي/ فن متعدد التخصصات/حركة أو تدخل/ مناورة /..وأيضا أداء. بقدر ما تحيل هذه السلسلة من العبارات إلى ممارسات متفردة فهي تحيل أيضا إلى فناني مختلفين ومؤدين كما أكد راسين. وفي نفس الاستطلاع قدم الفنانون إشارات إلى مصادر الإلهام التي تقودهم إلى إبداع أعماهم، كانت هذه بعض منها، إنها: ممارسة مستوحاة من كتابة/ من صوت/ من شيء تافه/ من ثوب/ من بذلة/ من وضعية/ من حركة/ من كلمة/ أو من اعتبارات فضائية…إلخ. مما يؤكد على مدى تنوع منطلقات الأعمال الأدائية وتشعب مساراتها التطبيقية المتنوعة.ثيري دو ديف(1981) عرف هذا الفن بالعبارة التالية: نسمي أداءً كل شكل من أشكال الفن المعاصر ليس برسم أو نحت أو مسرح أو رقص أو موسيقى أو إيماء أو حكي أو حادثة (happening) لكن مستوحى بشكل أو بآخر من هذه الأنواع المختلفة. يدخل العمل الإبداعي في علاقة حوار مع الزمن والفضاء، ومن أجل تحققه الفعلي يحتاج لتواجد كل من الفنان والجمهور في نفس الآن. لا يهدف الأداء اليوم إلى الاحتجاج ولا بالضرورة إلى القطع مع التقليد، إنه يحيي تحديدا أسئلة حول الفن والجسد والفضاء والكلمة والأصوات والصورة سواء تلك المعدة تقنيا أم لا، إلخ.(فيرال، 2000). هناك عدة وجهات نظر حول الفن وهي متداولة في مختلف الممارسات الفنية وفي فن الأداء. إن المؤدي لا يكتفي بالحاضر الذي يعيشه وإنما يعود أيضا إلى الماضي للتعقيب عليه، عاكسا بذلك مرآة للجمهور. هكذا تندرج ممارساتهم في توجه ما بعد حداثي (فيرال 2000).حاليا بكندا، يعرض فن الأداء أكثر من أي وقت مضى في المهرجانات وضمن التظاهرات الفنية. مؤدون منحدرون من الفنون البصرية، من الرقص ومن الموسيقى والمسرح. هذه الممارسة حاضرة أيضا في أوساط التكوين الجامعي حيث تم اقتراح دروس نظرية وتطبيقية في نفس الموضوع. وأكثر من ذي قبل أصبحت مدارس الفنون البصرية و في بعض الأحيان مدارس المسرح هي من يقترح هذه الدروس. عمل مرن ولا يحتاج إلا لأمكنة عرض راقية، هكذا أغوى فن الأداء الفنانين الشباب أصحاب الأذواق المتعددة المنفتحين على مختلف الفنون والراغبين في التواصل المباشر مع الجمهور.
الجدول 1:مميزات كل من المسرح وفن الأداء.
المسرح    فن الأداء
مسافة الشخصية
مسافة النص الدرامي
مسافة الإخراج
مسافة المواضعات
مسافة الزمن الدرامي    مؤدي مباشر
فعل مباشر
مكان عرض مباشر
ليس هناك مَعْلم أو مواضعات
زمن حدث حقيقي مباشر

إن فن الأداء كما يظهر الجدول أعلاه يتميز عن المسرح ببعده المباشر وغير المفارق على الخصوص. لذلك نقترح الاطلاع على بعض آراء المؤدين حول التمثيل وفنون العرض، من خلال ا قدموه من أجوبة في نفس العدد من مجلة إيس فنون وآراء:-    الإجراء هو جزء من الأداء المقدم مثله مثل الإجراء السابق على العرض. وعكس ما يذهب إليه دوبور Debord كون العرض هو استهلاك ثقافي، فإن الأداء هو استفسار اجتماعي وسياسي(كاملو).-    فنون العرض تتم في مكان خاضع لمراقبة الفنانين، في حين فن الأداء هو حدث يطرح فيه الفنان سلسلة من الأشياء المبهمة التي يجب أن تفهم خارج مواضعات الفن المسرحي.(إشيربيرغ)-    هناك شكل من التمسرح لا سبيل لتجنبه يبدأ بتركيز الجمهور على جسد الفنان.(بابن)-    بالرغم من وجود مرفأ للملابس، فإن هذه تبقى ملابس المدينة؛ وبالرغم من اقتراب اللعب مما يقدم في المسرح، إلا أن المؤدي لا يندمج في شخصية ما وإنما يحتفظ بشخصيته نفسها. (أوسلن ) –    ناتلي ديروم وجوسي ترومبلاي ينظران إلى الأداء كإجراء يعرض شكلا غير نهائي. وذلك بحذفه الركح وخلق فضاء توثر بين المؤدي وجمهور.من خلال هذه الآراء يتضح أن أغلب الفنانين يجدون فرقا واضحا بين فنون العرض أو فنون المشهد وبين فن الأداء. فهذا الأخير يبدو أكثر مرونة في التحقق ولا يحتاج لأماكن محددة للعرض. لهذا يقدم أغلب المؤدين أعمالهم بشكل مفرد، الشيء الذي لا يمنع -مع ذلك- من بعض التكتلات في مناسبات خاصة.بعد الوقوف على مميزات كل من المسرح وفنون الأداء وكذا الفرق بينهما نمر الآن للوقوف على علاقة الفنانين بعروضهم.
الجدول 2: الفنان وعلاقته بالعرض.
في المسرح    في الأداء
-هو ممثل
-يلعب شخصية ما
-يترجم نصا تم إخراجه من طرف آخرين.
-يمثل نصا دراميا (دوبون 2000)
-لديه مسافة متخيلة عن شخصيته
-يلعب في فضاء ثقافي وعلى ركح.
-يلعب داخل ديكور
-محاط بفريق عمل
-يقدم عمل منتهي
-يمثل زمنا خياليا وفي مكان درامي خيالي.
-هو مؤدي
-يبقى هو نفسه
-يقول ربما نصا قد أخرجه بنفسه.
-يقوم حدثا
-حضور فعلي للموضوع (هو نفسه) في الحدث (دوديف 1981)
-يقدم أداءه في فضاءات ثقافية أو غيرها دون خشبة إلزامية.
-يلعب ببعض أو بدون ديكور ( كارلسون 1996).
– وحيد دائما باعتباره مديرا لعمله.
-يقدم إجراء.
-يلعب في زمن حقيقي وفي مكان حقيقي.
هذا الجدول يمكن من ملاحظة الفرق بين كل من الممارستين الفنيتين (العرض والأداء). أما المتفرج فيكون في موقعين متناقضين. ففي المسرح عادة ما يكون لديه مكان مألوف ناتج عن المواضعات والتقاليد والذي يسمح له بالتواجد الفعلي، أما في الأداء فالمشاهد يعد جزء من بناء العمل الذي هو في طور التشكل أمام عينيه. وهذا قد نجده أيضا في أشكال المسرح المجازف الذي يقترب بدرجة كبيرة من خصائص فن الأداء، لكننا هنا نحيل على المسرح التقليدي شكلا ومضمونا من أجل تفسير ما نقول.
خلاصة: فن الأداء، ممارسة منفلتة.
مكننا تتبع فن الأداء من زاوية تاريخية من اكتشاف حاجة مختلف المبدعين أو بالأحرى حرصهم على التكتل داخل مجموعات فنية. المستقبليون إلى حدود الثلاثينات من القرن الماضي في أوروبا وأمريكا بحثوا عن إيجاد موقع معارضة مع الماضي من أجل الانخراط في الحاضر. ثم صدرت عدة بيانات من أجل فرض فكر مغاير/متفرد ينطبع بمقاطعته للتقليد. هذه المجموعات الفنية عملت بشكل ما على خلق أشكال فنية جديدة منفتحة اقتربت تدريجيا من فن الأداء كشكل فني بدون حدود وكممارسة منفلتة – على حد قول مارفن كارلسن) (Marvin Carlson 1996.فنون الأداء اليوم حاضرة أكثر من أي وقت مضى في المشهد الفني، إنها لا تتعارض مع الماضي من أجل تحررها، لكنها مع ذلك قلقة تجاه غياب معالم معهودة في فنون العرض. الأداء يوجد حيثما لا ننتظره. إنه يقدم فنانا بصدد إنجاز عمل فني وإخراجه للنور. هذا التوثر الذي يخلقه إبداع في طور التحقق هو الذي تقترحه فنون الأداء اليوم. ومن يمارسها يضع الجمهور في مكان مختلف عن كل أماكن العرض التقليدية. هو فن أقرب من الورشة حيث يعمل الفنان منه إلى صالات العرض، إنه “نومانس لاند” كل الاحتمالات.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

Screenshot 2024-05-16 at 00.19.17

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
36°
45°
Sun
46°
Mon
الافتتاحية