Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

قسوة الذكرى

قسوة الذكرى
ادب وثقافة - سلمى الجُميلي - 0:23 - 09/05/2016 - عدد القراء : 3152

شقاوة الصِبا ليس لها حد، عبثٌ وطيش، جنون بتراود الافكار، يومهم ينقضي بالجري خلف كل ما يخطر بالبال، وان كان الشيء دودة صغيرة.
فيوماً يطاردون متسولاً ويوماً سائق دراجة، ويوماً قطة أو عصفور أو فراشة.
البعض كان يستاء منهم والاخر يراهم صبيان ملأتهم الحماقة ..
في يوم خطر أمر ببال احدهم وقال لصاحبه : لنمشي ونمضي معاً
نطلق عنان خُطانا دون قلق أو وجل
لنكون كالمجانين، نجري ونسابق الريح حتى نلحق بقرص الشمس.. نُمسك بها ونأسرها فتكون لنا وحدنا !
بدأوا يتسابقون نحوها ..
يتعثرون ويسقطون.. وعلى بعظهم بأعلى صوت يقهقهون .. يصرخون عليها ويأمروها أن تقف ولا تهرب منهم ..
ساعاتٍ طوال وهم يجرون بأنفاسٍ لاهثة مُتعبة دون جدوى، حتى مضت بعيداً عنهم تاركة الفضاءات الرحبة بيدِ وقت المغيب الذي استلم عنها المهمة.
خَيم الحزن عليهم بعد فقدانهم شمساً، امضوا يومهم محاولين اصطيادها..
لكنها تنجو وتقفز في عمق الأفق هرباً منهم .. وانتصاراً عليهم .
يرمون باجسادهم المنهكة على الحشائش الخضراء ..
يرقبون لون السماء وكيف ارتدت فستانها الاسود البراق، فينسون خيبتهم مع الشمس وينجذبوا الى ما هو أجمل ..
يصمتوا لحظات، وسرعان ما يُنسيهم لون المساء التعب..
يسردون مغامراتهم ، يتحدثون ويتحدثون دون ان يتركوا حرفاً في الابجدية، الا وأحظروه معهم..
يأتون بكل الاحداث التي فعلوها من صغيرها حتى كبيرها..
يسخرون منها بصوتِ ضحكاتهم التي تملأ الارض الواسعة الخالية إلا منهم ..
يُخيم الصمت عليهم قليلاً.. ثم يبدأ يغزوهم احساس مزعج يُدعى الجوع..
يجعلهم يغيرون مسار الحديث من الذكرى الى رائحة الخبز والحلوى.. كلٌ يصفُ نوع الطعام المُفضل من يدِ أمه.ي
وفجأة، يتوقف انهمار فيضُ الذكريات،
وتفترسُ الصدر انياب العبرات
تُطفأ مصابيحُ الماضي
وتتلاشى اصوات زمن الصِبا وتُمحى
فيعتصرُ العمر انينهُ ويكتم الغصة
ليعود الصمت من جديد يعتلي عرش اللحظة ..
صمتٌ بداخله الكثير من الالم والندم الخفي الذي يقبع خلف القناع ،
ومن لا شعور تنساب دمعة من عينِ رجلٍ يعيش اواخر الخريف،
رجلٌ اعتكف بين اطلال الاركان وبات بقايا انسان
رجلٌ لا يدري أهو اضنَى الحياة، أم الحياةُ أضنته ؟
ينظر من طرف عينه التي اعتادت سكب الدموع على كل ما فقدت..
ينظر الى جانبيه..
والى ارجاء غرفته التي خلت من كل شيء عدا الخيال ..
يعتصر شيء مجهول فؤاده على من فقدهم  بحياته، ليبقى وحيداً بلا أهل أو رفاق،
يقضي سويعات العُمر مع خيالٍ يستجديه كل يوم من أروقة الماضي، ليؤنس وحدته ..
وكلما حلّ يوم جديد تسللت خيوط الفجر من بين ستائر غرفته المنهكة من اتربة السنين،
لينسابُ نحوهُ نورُ شمس تحاول الوصول لعينيه التي يخبؤها خلف ذراعه، هرباً من مغازلة اناملها الذهبية، وهو يقول لها بصوتٍ بدا خالياً من كل رغبة :
كفاكِ اغواءً لي، فما عُدت أهوى امتلاككِ كما كنتُ في الماضي .. وما عاد في العُمر جنون.. فكل جميلٌ رحل .. حين أغمض رفيق دربي الجفون .
ثم أدار وجههُ .. بعيداً عنها .

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

الطقس في بغداد

بغداد
22°
26°
الجمعة
27°
السبت

استبيان

الافتتاحية