Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

قصائد ( ديوان البريسم ) لعبد الحسين بريسم مثالا موضوعيا

قصائد ( ديوان البريسم ) لعبد الحسين بريسم مثالا موضوعيا
ادب وثقافة - 2:47 - 17/09/2015 - عدد القراء : 1046

القرين الشعري وتوصيفه الشعري

ان العناصر الشعرية التي تتوخاها القصيدة عبر معنى مستعارا من اسطورة او تاريخ او كيان روحي غير ملموس بل محسوس بحالة من التصوف او العرفانية البعد، تكون خارج حدود التجربة التي عرف بها الشعر عادة، ولا بذات المسار الشعري المألوف، فالشاعر هنا لا يناجي احد تلك المعاني الا كقرين شعري، وهي تقريبا من أكثر الأنماط الشعرية في جودة اللغة والوضوح في المعاني والمباشرة في التعيين، حيث يتقابل الكيان الشعري والقرين في افق واحد للشعر, ويرى رومان جاكوبسن أن موضوع الشعرية، تحديدا، هي أنها تحاول الإجابة على السؤال الذي في السبب الجاعل من رسالة لفظية أثراً فنيّاً، والقرين يكون اثرا فنيا وجماليا ايضا عبر اللفظ الشعري ووحدة الدلالة التي يتحدد بها معناه ورمزيته، واوقفني عمل يستحق الاشادة لعبد الحسين بريسم، حيث هناك صور شعرية، هي ذات علائق وظائفية مع البعد الرمزي للقرين وايقاعية المعنى لديه وصوتية تبديله معنى باخر والذوقية المعاصرة له، ولا تغادر القصيدة المعنى العام عبر القرين الشعري اومغزى الشاعر المرتبط بذلك القرين، وديوان ( ديوان البريسم ) هو مادة ادبية تشبه صورة بيانية للانا الشعرية، لكن وفق معايير فنية، لاتبدو الذات تتحكم بكيان القصيدة بل النص عبر تراتب المعنى تتطور الصورة من بيانية الى أن تكون وحدة معنى تحيل الى وحدة معنى لاحق،وعبد الحسين بريسم اناه داخل نصه شفافة وحساسة وكما فراشة، وذلك يؤكد صدق اناه، ونجد ذلك الصدق في قصيدة ( حمام الكاظم) فنبدأ من وحدة العنونة حيث هناك جهتان، الاولى تتمثل في بعد التاريخ بحقيقته، والاخر بما يرسم من معنى ذلك البعد الذي يتحول من متن التاريخ الى متن النص، ويصبح التاريخ بعبق شعري، وهنا تقابل بين القرين المشار له وحس الشاعر.
لا ارى سنابل تتبعني
ولا اشم
رائحة الخبز
وأنا ايضا
لا اعرف من المعنى
الا انت
أن تقنية القصيدة في هذا المقطع، تتميز ببناء غير مكرس ، وهناك صياغة تسعى عبر ايقوانات المعانى التي اللاحق يحذف السابق، الى تأكيد البعد الوجداني، وجمل ( لا اشم الخبز- لا اعرف من المعنى ) حسية بشكل يبدو المعنى عاما، لكن هنا له عمق يؤكد الخصوصية، وهنا تقريبا نوع من التكيف داخل كيان القصيدة للتعبير عن المشاعر الذاتية، حيث هنا (الذات – الشاعر- الانا) ليس متواليات بل وحدة مندمجة بها الصفات، وصفة تدعم صفة .ينتج لنا النص الشعري الذي يكتبه عبد الحسين بريسم، صورا وجدانية غنائية الحس، بتنوع ولكن للشجن الشعري المرتبط بعاطفة الشاعر، والتي تتطورعبر كيان القصيدة الى صفة مبدئية، وهنا يكون التعبير الشعري كسؤال وجداني يتيحه الشعر ، فيما لايمكن لغيره من الاجناس، كون الشعر يملك موقع مركزي في هذا السياق الادبي، وعلى وفق اعتبار أن الشاعر يعانق الوجود الحي بحسه، وليس كما في الفعل السردي باليدين، وعبد الحسين بريسم مهارته في رسم صور غنية بالمعاني الحسية والتي يوحى عنها، وفي قصيدة ( ما لم يقله المواطن عبد الله ) هناك تقابل وجداني بين الادنى وهو الشاعر ومثاله السامي، والتقابل صوفي البعد ا وان تطور سيكون عرفانيا .
لم اقل له….
أن السماء انا وانا الماء
فتعلم أن يرسم بالماء
على السماء طريقا يوصلني
الى ما يوصل
ترسم ملامح الصور الشعرية هنا بعدا اعمق من الصوفي الاطار، حيث القرين في القصيدة هو معنى فلسفي، ان تبلغه تجد عليك السعي اليه، وأن عنصر ( الماء) يتوافق هنا مع ذلك البعد الفلسفي، فالرسم بالماء ليس اطار سيمولوجي، بل اششاري يحيل الى لفسفة الخلق اولا، ومن ثم الى فلسفة الطبيعة، ويتعدى ذلك الى بعد اسطوري، وها طبعا يميز مقدرة الشاعر عبد الحسين بريسم، وايضا يتيح للقيم الجمالية التوسع والعمق ايضا، وايضا في قصيدة ( قمر السياب ) نرى تلك الغنائية الوجدانية،لكن هنا القرين هور رمز شعري لحظته التاريخية تتجدد، ويقابله الشاعر هنا بأناه، ولو قابله بذاته لكان هنا تأثير يطرأ على كيان القصيدة، لكن التعالق لن يكون عبر النص الموازي نصيا، بل مع الذات ووعيها وعلائقها بتلك اللحظة الحية للسياب ككيان شعري، والاستهلال الشعري يؤكد ايضا حيوية لحظة القرين.
لأنه ظل يحلم بالمطر
اصبحت حياته
صحرا….
الا من …
مطر..
الشعر..
ربما سعت القصيدة تقنيا تبدي صورة بيانية للمطر، وليس ايقاعية كما عند السياب، والنقاط المتراتبة تنازليا تشير الى ذلك، وهي وحدات الرمز الايقونية، وربما استعاض الشاعر عبد الحسين بريسم عن دور اللغة بالرسم التنقيطي، وطبعا ان صياغ صورة شعرية هكذا تتمثل، هي لابد أن تنتج قيما استاطيقية بمستويات جمالية متعددة، وقوة المغزى الشعري يوجب ذلك، ويتجه عبد الحسين بريسم أن يدعم قوة مغزاه بقرين، وطبعا ذلك القرين متعدد الوجوه، فرمز يكون بتطور دلالي، او بسمة اسطورية، وايضا بطاقة روحية  تجرد شكل القرين،  والكثير من قصائد ( ديوان البريسم ) تحيل الى احد تلك الصفات او السمات، وفي قصيدة ( اخر الفلاسفة ) نجد صورا ممتعة هي ليست الا مجموعة احاسيس، ابتعدت بالوجدان الى عمق هائل، عبر المضمون الفلسفي للقصيدة، لكن ازاحت الغموض والطلسمة، وجعلت التاريخي عبر اللحظة الشعرية قرينا لكيان القصيدة هذه المرة، وفي مقطع يحتاج دعم لعمق معناه، استعان الشاعر بالقولي او الحوار الشعري .
هو دائما..
يخبىء الشمس في قميصه
وعندما يسأل
لماذا
يقول –
الظلام قادم
أن عبد الحسين بريسم تفوق في صياغة صور شعرية باهرة، وقدم نصوصا سعت الى تجاوز المألوف الشعري، وجعلت الشعر بصفة مميزة واستثنائية عبر القرين الشعري المتعدد الصفات، والذي مرة الفطرة تجعله اثرا ادبيا، وهو ربما اوسع بذلك بكثير، ومرة يكون للحس الشعري دافعا لاستعارته من متن تاريخي، ومرة يكون دور الذات في الاعتبار التأثري، والقرين هنا يتحول من الخارجي الى الداخلي، وطبعا يكون داخل كيان الشاعر

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
22°
31°
Sun
29°
Mon
الافتتاحية