بناء الدولة يعتمد في الاساس على مؤسسات نابعة من حاجة الناس اليها ،فتكون الخريطة المؤسساتية على وفق الحاجة اليها، ولعل في مقدمة تلك المؤسسات ،الاسكان ،والصحة، والتعليم. فكل بلد في العالم في اول بنائه، ينطلق من توفير السكن الملائم للناس ،الذين يجب ان يتوفر لهم نظام صحي، تقوم عليه مؤسسات صحية تبنيها الدولة ،لكي تتوفر الرعاية الصحية للشعب. يضاف الى ذلك الحلقة الثالثة المكملة للحياة في داخل الدولة لمجموع الشعب ،وتتمثل بالتعليم ونشر الثقافة بين الناس ،لانشاء جيل متعلم يستطيع ان يبني الدولة، ويقوي مؤسساتها، ويعمل وينتج ويفكر بالمخترعات والتطور التكنولوجي للبلد، وهذا يكون عن طريق توفير البيئة التعليمية المناسبة لعموم الشعب ،فالاسكان والصحة والتعليم ركائز البناء الاصيل، فماذا تنفع قوانين من دون شعب متعلم، يتمتع بنظام صحي سليم ،ويعيش في بيت يضمه ويضم عائلته. فهذه الاسس هي التي توجد المستوى المعاشي اللائق ،اذا انطلقت من قاعدة سليمة ،فيقال :ان احدى الدول الغربية انفقت خمسة مليارات دولار لتحديث مناهج مادة الفيزياء، واخرى انفقت اربعة مليارات دولار للغرض نفسه ،في حين ان مناهجنا لازالت تعيش في عصر الضوء ،وتحويل سرعته وبعض الفرضيات، والنظريات ،والتوازي والتوالي وما شابه ذلك، بينما العالم ترك كل ذلك وانتقل الى الفضاء والثورة المعلوماتية، وكذلك العلوم الانسانية ولا سيّما تعليم اللغة الرسمية والحفاظ عليها ،فقد تم اهمال ذلك ،وعدم الاهتمام بها، مع انها لغة القرآن واللغة الرسمية للدولة ،ودول تنفق اموالاً طائلة لنشر لغتها ،في حين اننا نتركها للاهمام وعدم الرعاية بها ،وهذه مسؤولية من تقع عليه مهمة رسم السياسة التعليمية في البلاد ،فالاصلاح لابد ان يعتمد هذه الركائز المهمة، وتوفير كل السبل من اجل الارتقاء بها ،لخلق جيل يستطيع ان يكمل البنيان ويرصن دعائمه، فالطبقات الفقيرة والمحرومة، لا تنظر الى الاجراءات والقوانين بقدرما تنظر الى من يرفع مستواها ،ويوفر لها العيش الرغيد، والسكن الملائم ،والنظام الصحي، والتعليم الذي يحصن ابناءها ،ويحصن البلاد ويعمل على تطويرها.