Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

استهداف مسيحيي مصر والعراق وسوريا.. ضرب طبقة فينهار البناء

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 21:02 - 30/05/2017 - عدد القراء : 1303

تجد المسيحية نشأتها واصولها وتاريخها في هذه المنطقة بالذات.. فهي ليست مستورداً اجنبياً وزرعاً اصطناعياً، بل هي اصل وجذر له ما للغير وعليه ما على الغير. والمسيحيون يجب ان لا يعاملوا لا كجالية ولا كاقلية، بل بالتساوي مع غيرهم في المواطنة. اما الانحرافات فلها عوامل وهذه اهمها في راينا:

  1. تتشكل الامم قبل تطور مفهوم المواطنة من اجتماعات وليس من مجتمعات. فيقال اجتماع المسلمين واجتماع النصارى واليهود، وهكذا. لكل اجتماع تشريعاته الداخلية ومناطقه والتزاماته مع الحاكم او الدولة صاحبة اليد المبسوطة. فالتشكيلات الاجتماعية الحاكمة كانت تقوم على التمييز والقسر من اعلى عموماً، وليس التوحيد والارادة الشعبية من ادنى الا استثناءً. وان جميع هذه البناءات الاجتماعية كانت لها ظروفها ومعاييرها  داخل الامة، او بين الامم.. والتي تغيرت بنمو المجتمعات لتتغير معها بالتدريج الكثير من العلاقات والمفاهيم، بما في ذلك في الكثير من المدارس الاسلامية، مع بقاء مدارس اخرى على مفاهيمها السلفية القديمة.
  2. الصراع بين الشرق والغرب، والعالم الاسلامي والمسيحي ليس جديداً، بل له تطبيقات قديمة ومعاصرة، اقتصادية وسياسية ودينية. لذلك طبيعياً ان تتكون لدى الغرب دوافع مشروعة وغير مشروعة لادعاء حماية المسيحيين في الشرق. دون الكلام عما يقود اليه هذا الامر من تعقيدات تمس العلاقات الاسلامية المسيحية في بلداننا. وفي دراسة اعددتها في اوائل الثمانينات لمجلة “الطليعة الاسلامية”، راجعت في المكتبة الوطنية في باريس خزانة الكتب الملكية الفرنسية في القرنين السادس عشر والسابع عشر (كما اتذكر) تحت عنوان “الاسلام”.. وكان مجموع الكتب يزيد قليلاً عن 70 كتابا تتناول جميعها تقريباً موضوع الاقلية المسيحية في العالم الاسلامي، والدعوة لحمايتها.

فاستهداف المسيحيين (والاقليات)، كما حصل في مصر مؤخراً، وقبلها في العراق وسوريا وغيرهما، قد يكون عملاً محسوباً.

  1. انه ينسجم مع كامل المفاهيم التي تبناها ويتبناها الارهاب القائم على الافكار السلفية التكفيرية. بهذه الاعمال يعبىء ويستنهض تربية وعقولاً مليونية تشبعت بنصوص وممارسات جامدة لتطبيق الشريعة والخلافة بمفاهيم الماضي دون الاخذ بالاعتبار تغيرات الزمان والمكان. فيرى كل التاريخ من خلال صراع الديانات وحروب الافرنجة (الحروب الصليبية)، فيحيي قطع الرؤوس والحرق وقتل الابرياء ورجم الباغي والباغية والعودة لمفهوم اهل الذمة، مستنداً احياناً حتى لنصوص قرآنية تغيرت تطبيقاتها الشرعية مع تغير الزمان والمكان. فهو ان كان سيجني كراهية اعدائه من مسلمين وغير مسلمين، لكنه سيرضي جمهوراً واسعاً تربى على هذه المفاهيم، يشكلون تربة خصبة للتجنيد والدعم.
  2. غالباً ما تصب ردود الفعل الغربية المنفعلة الرسمية والشعبية لمصلحة الارهاب.. فالاجراءات التعسفية تشجع في المحصلة التطرف في كل مكان، والأهم انها ترمي باعداد غفيرة من “السلفيين” “الجهاديين” في احضان الارهاب. واشارت تقارير اعلامية بريطانية، بعد عملية “مانشستر” الاخيرة، ان هناك 60 الف مواطن يؤمنون بالفكر “الجهادي” و”السلفي”، في بريطانيا وحدها، منهم 3000 ناشط تحت الرقابة. والارهاب كالسرطان ان لم تجتثه كله، سيجدد نفسه، مما سيقود البعض للسقوط تحت ابتزازه، بل مفاوضته صراحة او ضمناً، والتعايش معه، ما دام يمارس ارهابه في مكان اخر.
  3. يشبه اسلوب الارهاب هذا باسقاط برجي مركز التجارة العالمي بطوابقهما الـ110 في 11/سبتمبر.. اي الضرب في الطابق 77-85 للبرج الجنوبي و94-98 للشمالي، لتقوم التداعيات الذاتية باستكمال عملية هد البناء بالكامل. فالمسيحيون (والاقليات) في بلادنا، للاسف الشديد، يعيشون اوضاعاً مكشوفة ليس بسبب الارهاب فقط، بل بسبب الجهل والتعصب الذي ما زال متحكماً بكثيرين لدينا. لذلك يسهل النيل منهم، ليطلق تداعيات داخلية وخارجية تحطم العلاقات ونظام الامن العام وتشجع التدخل، الخ. وهذه بيئة يفضلها الارهاب الذي ينتعش بها ويعبيء انصاره في الشرق والغرب مستغلاً تداعياتها. فسمعة القتل والترعيب والترهيب لا تخيف المنظمات بل هي من اهم اسلحته لتحقيق مآربه. لذلك يكفيه بث فيديو لصور قطع الرؤوس والاعدامات الجماعية، ليقوم بالباقي الاعلام ومواقف الجماعات المضادة داخل كل دولة، او بين الدول.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
36°
36°
Sat
36°
Sun
الافتتاحية