Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الازمات كالمخاضات، دليل الولادة المنتظرة، ومخاطر عسرتها

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 2:30 - 06/03/2017 - عدد القراء : 1465

انتهت معادلة 2003.. لم ينهها الارهاب، والقوى المعادية، والخارجية، بل انهت المعادلة القوى التي صعدت مع التغيير، والتي قدمت تضحيات عزيزة سواء في مرحلة المعارضة او بعدها. نجحت هذه القوى في تبني دستور دائم للمرة الاولى عبر الاستفتاء الشعبي الواسع، وتوفير حريات واسعة سياسية واعلامية ودينية واجتماعية، وانتخابات محلية ونيابية دورية، والتصدي للارهاب، وانهاء الاحتلال ورحيل قواته، وانهاء العقوبات والفصل السابع، وزيادة انتاج النفط وصادراته، والغاء 90% تقريباً من ديون خارجية بلغت 120 مليار دولار، واصدار دينار قوي جديد، وبناء ارصدة واحتياطات، وتحسين مستويات المعيشة والانفتاح الاقليمي والدولي، الخ.. لكن هذه القوى ذاتها بقيت عاجزة عن التكيف مع مهام المرحلة الجديدة، وتصرفت كقوى معارضة وليس كقوى مهيئة لبناء مجتمع ودولة جديدين.. مما اغلق طريق انجاز باقي المهام، للانتقال من دولة دكتاتورية ريعية متغولة على الشعب والمجتمع، محتكرة لكافة اصوله وحقوقه ومعظم نشاطاته الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفكرية، الخ، الى دولة ديمقراطية دستورية مؤسساتية تعددية اتحادية. فعطلت الدستور، ولم تنجز قوانينه ومستلزماته، بل شغلها تصارعها على المواقع والسلطة لاحياء المفاهيم والتشريعات السابقة لتستند اليها في تصريف شؤون البلاد.. فازداد التصارع والفساد والمحاصصة والطائفية والاثنية وهدر الاموال وتعطل المصالح ونقص الخدمات، لذلك رُفعت شعارات الاصلاح والتغيير. وباتت الازمة هي الحل. فاما ان تتمترس قوى العرقلة والتعطيل، او تقود الازمة ووعي مخاطرها لاستنهاض قوى التغيير والتجديد.

  1. تقود الازمة الامنية باخفاقاتها ونجاحاتها لولادة قوى جديدة داخل القوات المسلحة والحشد والبيشمركة والعشائر، الخ. ولهذه القوى استحقاقات وتطلعات ستضغط بالضرورة على الخارطة الجديدة وموازين القوى. التي قد تعمق الازمة وقد تساعد على حللتها.. وان السير بالاتجاه الثاني يتعلق بسلسلة من التشريعات والاجراءات والمواقف، المطلوب من المرجعيات ومراكز القرار والدول الصديقة الانتباه لها لحجز الطريق امام السلبيات وتشجيع الايجابيات.
  2. ستتقرر الازمة السياسية على ضوء قانون الانتخابات وقدرة الانتخابات على ادخال قوى وافكار جديدة تتجاوز الاوضاع السابقة وتصلحها. ان الازمة السياسية بين المكونات وداخل المكونات تشير لتوجهات لمزيد من تفكك البلاد واطروحات للاستقلال او الانكفاء داخل اقاليم جديدة، تقابلها توجهات باتت تعي وتجاهر القول ان الحلول تمر عبر بغداد. وهذا تطور مهم لتوازنات جديدة، واعادة بناء العلاقات القادرة على احتواء المنازعات والتصادمات، حيث يخسر الجميع، لتؤسس العلاقات على الواقعية والمصالح المشتركة والوحدة الوطنية حيث يربح الجميع.
  3. ان حجر الزاوية لاي اصلاح هو انتهاء هيمنة الدولة الريعية الاحتكارية. فبقدر ما تساهم الازمة النفطية والمالية في تحجيم الصرف وايقاف التعينات وتلكوء الخدمات، فانها تساهم ايضاً في مضاعفة التذمر والغضب العام. فهذه ليست ازمة اسعار نفط عابرة، بل ازمة بنيوية تتمثل بانتصار التكنولوجيا على الانتاج التقليدي. وسيدفع انخفاض الموارد، وازدياد عدد السكان للبحث عن مخارج خارج التعينات.. وهناك 3 خيارات.. فاما الهجرة، التي تزداد صعوباتها.. او اللجوء للعدوان والسرقة، وهذه لا تشكل حلاً للاغلبية الساحقة، التي ستذهب للخيار الثالث، وهو البحث عن مصادر عيش وبناء مستقبل خارج الدولة في شتى الحقول الاقتصادية والتعليمية والصحية والخدمية والاجتماعية والفكرية، الخ. من هذه الشرائح ستولد القوى المجددة والجديدة، التي يمكن التعجيل بتطورها، لتكون قلب قوى التغيير الحقيقية الجديدة.
  4. العراق جزء من عالم شرق اوسطي ومتوسطي واسيوي. وتتوقع دراسة لـ”برايس وتر هاوس” تغييرات كبيرة خلال العقود القادمة في اقتصاديات اول 32 دولة عالمياً حسب ناتجها الوطني.. فتفقد امريكا اسبقيتها لتصبح الثالثة بعد الصين والهند.. وتتراجع المانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا للمرتبة 9، 10، 12، 21 على التوالي، عام 2050.. وتتقدم تركيا والسعودية وايران ومصر للمراتب 12، 13، 16، 19 عالمياً على التوالي عام 2030.. وان الفضاءات المحيطة بالعراق ستحرك عامل التدافع تماماً كما دفع تطور اوروبا الكثير من دولها المتأخرة والمأزومة للصعود في سلم الامم.. وان العراق مرشح قوي بتاريخه وموقعه وموارده البشرية والطبيعية، ليكون بين الدول الصاعدة، اذا ادرك هذه الحقيقة وعمل لتوفير المناخات المناسبة لتحققها، او على الاقل لم يقف بوجهها.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
36°
36°
Sat
37°
Sun
الافتتاحية