Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

الحل اقتصادي اساساً، وليس سياسياً فقط

الافتتاحية - 1:17 - 28/04/2016 - عدد القراء : 2153

المظاهر المحزنة يوم امس في مجلس النواب لا تفسرها العوامل الشخصية فقط، ولا عوامل التصدر السياسي للاطراف المتنازعة، بل نجد دوافعها الاساسية بالصراع على الدولة نفسها. صراع داخل الكتل وبين الكتل. صراع بين من يحكم ومن لا يحكم. فالدولة هي الهدف وبيت القصيد. ليس لان بيدها الامن والقرار السياسي فقط، بل لان بيدها كامل الاقتصاد اساساً. والاقتصاد بات اليوم العامل الاهم في صراع القوى، بعدما كانت السياسية سابقاً هي العامل الاهم. اذ باتت للقوى المتصارعة مساحاتها السياسية الخاصة بها، كما ان لها امنها الخاص، اما الاقتصاد فما زالت الدولة هي مصدره الاساس وشبه الوحيد. لذلك ازدادت حدة الصراع عليها، واخذت واجهات متعددة. من يحكم؟ هل تحكم القوى السياسية؟ ام المستقلون؟ ام التكنوقراط؟ ام يحكم اناس جدد ويزاح السابقون؟ وغيرها من موضوعات للاصلاح والمحاصصة والفساد، يتبارى فيها المناظرون، والتي تعبر بمجملها –وفق قناعاتنا- عن فشل خطير في معالجة انحراف تاريخي، استمر يبني نفسه طوال نصف القرن الماضي، والذي ركز معظم مصادر الثروة ودورتها الاقتصادية بيد الدولة. فلم تعد الصراعات والانقسامات والتحالفات ذات طابع اجتماعي اساساً، كما في البلدان الاخرى، حيث معظم مصادر الثروة ودورتها الاقتصادية بيد المجتمع وقواه المختلفة، بل احتكرت الدولة، شخصاً او حزباً او طائفة او محاصصة، الجزء الاعظم للثروات، ودورتها الاقتصادية.
بعد الانتهاء من احياء الذكرى السنوية للعلامة السيد بحر العلوم في النجف الاشرف، التقينا وثلة من المفكرين وعلماء من الحوزة العلمية.قدم الاخ برهم صالح عرضاً ممتازاً لافاق العلاقة العربية الكردية. كانت لنا مساهمة محورها ان كل علاقة تحتاج الى هدف يجمعها والى قوى تحمل اعباءها. كان الهدف في فترة المعارضة تغيير النظام، وهو هدف كان اساسياً لمكونات كبيرة عانت من الدكتاتورية والطائفية والعنصرية. كان الهدف سياسياً اساساً، يسمح بالتقاء قوى تختلف ايديولوجياً، لتتجاوز سوية اعقد العقبات، وتتمكن في النهاية من انجاز مهمتها. فالجائزة كانت عظيمة، ورأى كل مكون في الهدف انجازاً تاريخياً، يستحق من اجله ان يتحالف وان يقدم التنازلات.. فانبثق تحالف متين تجاوز كل الصعوبات. اما بعد التغيير، فان استمرارية الدولة الريعية وتعميق احتكارها للثروة، لم يفكك العلاقات التي اسست بين المكونات والقوى قبل التغيير فقط، ولم يفكك العلاقات التي بنيت على اساس مذهبي او قومي فقط، بل فكك العلاقات داخل كل تشكيل وحزب ايضاً. لم يعد هناك هدف مشترك سوى الصراع على ابسط مواقع الدولة. لم يعد هناك مشترك يوحدنا بل صار الصراع هو قانوننا. ففقدنا اخلاقيات العمل وقواعده، وصارت الغاية تبرر الوسيلة. صرنا نكذب بسهولة.. ونسقط الاخرين بسهولة.. ونتحالف ونتفق بسهولة.. ونختلف وننشق بسهولة.. وكل منا يعتقد ان ما يقوم به هو خدمة للشعب وللمبادىء التي ينادي بها، بينما سقطنا جميعاً في دائرة صراع باطلة او اسرى محاصصة قاتلة.
فالحلول لم تعد سياسية اساساً.. وان الاتفاقات، اية اتفاقات، لن تصمد لان لا اساس حقيقي لها سوى الصراع على الدولة، في زمن ونظام لم يعد يقبل الاستبداد والانفراد.. لهذا سيبقى التشكيك والصراع هو الاساس وليس الثقة والاتفاق.. وسيتقدم، ويرتفع صوت، من يمتلك اكثر من غيره من ادوات الصراع والصراخ.. فاذا ما حقق “فوزاً” او “تقدماً” فان ذلك سيكون مقدمة لاتفاق الاخرين ضده وازاحته. فالدولة التي تحتكر كل شيء، ولا تقوم على اقتصاد وطني واجتماعي صحيح ستبقى نقطة صراع حادة.. والحل للخروج من ازمة تاريخية الى حل تاريخي هو نقل الكثير من الاقتصاد من الدولة الى المجتمع.. فالمجتمع اكثر سعة، واكثر قدرة، لا يقف بحدود 22 حقيبة بل فيه 35 مليون فرصة واكثر قادرة على استيعاب كافة القوى والمبادرات والافكار والنظريات.. والذي ياخذ الصراع والتدافع والتنافس فيه اشكالاً يحتويها نظام اجتماعي قادر على جمع المتضادات في وحدة اجتماعية مقبولة ومتعايشة.. خلاف الدولة التي لا تقبل القسمة وتدمرها المحاصصة، ويتطلب عملها الوحدة والاتفاق لتنفيذ برامجها المحددة.

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
24°
36°
Sat
36°
Sun
الافتتاحية