Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

توزيع موارد النفط.. قلب مسارات الدولة والمجتمع والاقتصاد

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:36 - 25/01/2017 - عدد القراء : 2208

سيصيب الحقيقة من يقول ان توزيع 136000 دينار/شهر/عائلة من الموارد النفطية، لا يسد رمق الكثير من العوائل الفقيرة، لكن الصحيح ايضاً ان التوزيع جزء من عملية، لتغيير معادلة الدولة الريعية لدولة راشدة ومجتمع واقتصاد منتجين.

  1. اذا طبقت الضريبة التصاعدية، فقد يتضاعف المبلغ لمصلحة العوائل المحتاجة بشرطها وشروطها، فتنتقل حصص من الميسورين للمحتاجين. يرد عن امير المؤمنين عليه السلام “ان الله سبحانه فرض في أموال الاغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير الا بما متع به غني”. وقد تقتضي المصلحة تغيير النسب، وقد يضاف المبلغ لاشكال الدعم الاخرى لتحسين الحالة، خصوصاً مع ترشيد سياسات الدعم، وابعاد التزوير والادعاء بغير الشروط. رغم ذلك فان ما يفتحه الامر من آفاق لسياسات الدعم، على اهميتها، ليست سوى جزء من آلية متكاملة. وهذا مسار واحد لما يمكن لـ136000 دينار/شهر/عائلة ان تفعله للفقراء والدولة والمجتمع والاقتصاد.
  2. جاء المبلغ اساساً من فرضية 50 ترليون دينار موارد نفطية، وعدد نفوس 38 مليون نسمة، و”ضريبة نفط” 80%، و20% للمواطنين (اي 10 ترليون/سنة). فيحصل الفرد على 263157 دينار/سنة.. فاذا كان معدل العائلة 6.2 فرداً، فسيصيب العائلة 1.631573 دينار/سنة، او 135964 دينار/شهر (136000 مدورة).. ستوزع عبر حسابات مصرفية على المواطنين. هذه المعطيات قد تسمح بتنظيم عملية واسعة النطاق لتوفر للعوائل الفقيرة الباحثة عن عمل فلا تجده لترهل الدولة وضعف الاقتصاد، وذلك عبر المساعدة على تعليم القادرين لتعلم مهنة او تأسيس مصلحة كشراء سيارة للاجرة او بقالية او نجارة او حدادة او خياطة او تربية حيوان او زراعة، الخ.. ولنفترض ان الواحد من هذه المشاريع الصغيرة سيتطلب 5-15 مليون ديناراً، يسدد مع كلفه خلال سنوات، بقيمة السهم غير القابل للبيع والتوريث (136000 دينار/شهر/عائلة)، فنكون قد وفرنا عناصر نجاح العملية، التي ترعاها وتضع شروطها سلطة عليا، عبر السيولة التي سيوفرها توزيع (10) ترليون دينار/سنة على حسابات المواطنين المصرفية. والنتيجة انه بدل منح المحتاج مالاً يستهلكه ليعود ويحتاج غيره، يمنح مالاً يؤسس به مشروعاً يعيل به نفسه وعائلته، ليتحول من مستهلك الى منتج. وهذا سيساعد في ترشيد الدعم كما ذكرنا اعلاه لمن يحتاجه فعلاً، كما سيساعد على التمييز بين المتسولين والمزورين الذين يريدون الاعتياش على الرعاية، ويتحججون بفقدان فرص العمل، وبين الاغلبية الساحقة الصادقة التي تبحث عن عمل فلا تجده. ومن اهم شروط نجاح العملية ضمان حق التقاعد ومساواة الحقوق للقطاعين العام والخاص. فيخف ترهل الدولة وطلب التوظف فيها.. وتدخل الحيوية للانتاج والاسواق والمصارف وانتشار العادة المصرفية بدل الاقتصاد النقدي الورقي، لتلعب دورها في جذب الاموال واستثمارها عبر عدد لا يحصى من المبادرات. وهذا كله من شأنه ان يزيد من سلسلة من النشاطات وبالتالي من الناتج الوطني، وارتفاع مستويات المعيشة، وازدياد الضرائب المباشرة وغير المباشرة، التي تقلل الاعتماد على الموارد النفطية.

سيقول قائل، ولماذا التعقيد؟ والدولة تستطيع القيام بالامر ما دامت الاموال متوفرة؟ والجواب، ان الاموال كانت دائماً متوفرة، لكن طبيعة العلاقات تهدرها، وتحجز الطريق وتشجع الفقر والتخلف. فالريع النفطي غول الدولة، وجعل يدها فوق يد المجتمع والشعب والاقتصاد وكل شيء.. فلابد من قلب المعادلة، لتعود الحقوق لاصحابها، اي للشعب. فهو صاحب السيادة والحق والصلاحية. وان عودة المالكية لصاحبها ابتداءاً، هي اعادة موضعة الدولة كخادمة للشعب وليس كسيدة له، لتصبح فلسفتها ومرجعيات مؤسساتها وموظفيها وقراراتها مصلحة الشعب والمواطن اولاً، وليس مصلحة المسؤول والاجهزة البيروقراطية والاقطاعات الادارية اساساً. فوضوح الحقوق، وحلية العلاقات واصولية بناءاتها هي امور اساسية لنجاح الاعمال التي تتشابه شكلاً، لكنها تختلف نوعاً. فهي كحلية التجارة، والبيع، والقتل المبرر دفاعاً، واللحم المذكى، وعلاقة الجنسين الشرعية، والربح، الخ.. لتقابلها حرمة التهريب، والاحتكار، والقتل عدواناً، والميتة، والزنا، والربا، الخ. ومن يفهم الفارق بين هذه العلاقات ومآلاتها، سيفهم الفارق بين دولة المواطن والشعب، والدولة الريعية المالكة المحتكرة كل شيء.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
21°
36°
Sat
36°
Sun
الافتتاحية