Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

فوضى الاوضاع من فوضى التشريعات

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 0:15 - 19/12/2016 - عدد القراء : 2356

يذكر المستشار القانوني الاستاذ جمال الاسدي “ان عدد التشريعات القانونية زاد عن (٢٧،٥٤٣) تشريعاً، اي ما يعادل (١٩٤،٦٣٢) مادة قانونية موزعة بين جريدة الوقائع العراقية من تاريخ صدورها عام ١٩١٧ لغاية نيسان عام ٢٠١١، وهذه تعادل حوالي (٧٢،٠٠٠) صفحة، مع استبعاد التشريعات القانونية ذات الطابع الفردي والشخصي.. كتعيين الموظفين وتحديد رواتبهم وانهاء خدماتهم، مهما كان مصدرها سواء اكانت مراسيم او قرارات او بيانات”، ويقول انه باضافة التشريعات التي صدرت منذ ٢٠١١ الى ٢٠١٦، يضرب العراق رقماً قياسياً في عدد القوانين والمواد القانونية النافذة، المملوءة بالتضادات والتناقضات. فاذا اضفنا لذلك القرارات المتضادة التي تصدر من شورى الدولة والمحكمة الاتحادية او السلطات القضائية، او الاوامر الديوانية والتعليمات الصادرة من السلطة التنفيذية، ندرك باننا امام بنية تشريعية تفتقد وحدة الفلسفة والخلفيات، وتراكمت ضمنها الكثير من التناقضات التي تسمح للحكم مرة بالاستناد لهذا القانون وتلك المادة والتعليمات، ومرة بالاستناد لقانون اخر ومادة وتعليمات اخرى مناقضة تماماً. ما زلنا في جزء عظيم من شؤوننا السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والجنائية نخضع لقوانين تعكس فلسفة النظم السابقة، وتناقض تماماً الدستور والحقوق التي يمنحها، وهذا تعارض شديد يعطل الدستور من جهة، ويجدد دورة الظلم والتعسف واستلاب الحقوق من جهة اخرى.

يلقي كثيرون اللوم على مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية، ويقولون انها تمسك العصى من الوسط، وانها لا تحسم القضايا، ولا تبادر لانهاء التناقضات في التشريعات النافذة.. وهذا قد يكون صحيحاً في عدد من الامور.. ولكن قبل توجيه مثل هذه الانتقادات، لابد من التذكير بان السلطة القضائية برئيسها واعضائها تحملوا اعباء عظيمة تفوق قدراتهم، وانهم بذلوا جهوداً جبارة وصبورة، واستطاعوا استكمال الكثير من البنى والمنجزات، وقدموا في لحظات حاسمة الحلول التي انقذت البلاد، رغم ما يتعرضون له من تهديدات واختطاف واغتيال لهم ولافراد اسرهم، ورغم كل الظروف الصعبة والاعمال الارهابية والضغوطات المتباينة للسلطات والقوى المختلفة او اغراءاتها. صحيح انها الجهة التي يجب ان تقترح وتجري اصلاحات كبيرة في التشريعات، ولكن الامر ليس احادياً يعتمد عليها فقط، او بسيطاً، بل يتطلب تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية، اضافة للاعلام والراي العام وقوى المجتمع المدني والقوى السياسية. فهناك صعوبات جمة، اولاً بسبب تركيبة السلطة القضائية الموروثة نفسها، والثاني بسبب ارتباك وتناقضات وضغوطات قوى المجتمع والدولة. مما يتطلب تعاون الجميع وتفهمهم، وهذه بعض الملاحظات:

  1. فيما يخص المحكمة الاتحادية كنا نتمنى ان يسود فهم دستوري اساساً وليس فهم جنائي فقط. فالقانون الدستوري يتعلق بالشعب والديمقراطية والنظم السياسي وعملها، الخ.. فهو ليس فرعاً من قانون العقوبات والقوانين الجنائية، لا من حيث الشكل ولا من حيث الموضوع. وكنا نتمنى ان نرى تفاسير للدستور تأخذ النص وروح الدستور من جهة، وتأخذ وحدة المواد الدستورية من جهة اخرى، ولا يتم الحكم من خلال مادة واحدة ومدلولاتها المجردة.. بل من خلال مجموع المواد.. تماماً كما هو الفارق عند تفسير معاني القرآن الكريم بين التفسير الموضوعي والتفسير التجزيئي.
  2. فيما يخص الكم المتراكم من القوانين السائدة والتعليمات والضوابط الصادرة بموجبها، كنا نتمنى الغاء او تجميد القوانين او المواد القانونية المناقضة للدستور.. وهو ما فعله اقليم كردستان فيما يتعلق بعدد من المواد. ولعل هذا اسلوب سريع لتحييد المواد والقوانين الضارة والمناقضة للدستور، لكي يصل الجميع الى فلسفة ومرجعية تشريعية واحدة، يتفق عليها عند تشريع القوانين الجديدة، او الغاء القديمة.
  3. البلاد بحاجة عاجلة الى جهة او هيئة مستقلة لانفاذ الدستور وفلسفته، وتكون مختصة باعادة النظر بكل ما اشرنا اليه لتجعلها موافقة للدستور بغرض توحيد البنية التشريعية للبلاد. ونرى ان تتكون من مرشحين من اصحاب الاختصاص، من السلطات الثلاث لتستطيع انجاز عملها باسرع واحسن وجه، او اي اقتراح بديل يحقق الغرض المطلوب.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
22°
36°
Sun
34°
Mon
الافتتاحية