يذكر المستشار القانوني الاستاذ جمال الاسدي “ان عدد التشريعات القانونية زاد عن (٢٧،٥٤٣) تشريعاً، اي ما يعادل (١٩٤،٦٣٢) مادة قانونية موزعة بين جريدة الوقائع العراقية من تاريخ صدورها عام ١٩١٧ لغاية نيسان عام ٢٠١١، وهذه تعادل حوالي (٧٢،٠٠٠) صفحة، مع استبعاد التشريعات القانونية ذات الطابع الفردي والشخصي.. كتعيين الموظفين وتحديد رواتبهم وانهاء خدماتهم، مهما كان مصدرها سواء اكانت مراسيم او قرارات او بيانات”، ويقول انه باضافة التشريعات التي صدرت منذ ٢٠١١ الى ٢٠١٦، يضرب العراق رقماً قياسياً في عدد القوانين والمواد القانونية النافذة، المملوءة بالتضادات والتناقضات. فاذا اضفنا لذلك القرارات المتضادة التي تصدر من شورى الدولة والمحكمة الاتحادية او السلطات القضائية، او الاوامر الديوانية والتعليمات الصادرة من السلطة التنفيذية، ندرك باننا امام بنية تشريعية تفتقد وحدة الفلسفة والخلفيات، وتراكمت ضمنها الكثير من التناقضات التي تسمح للحكم مرة بالاستناد لهذا القانون وتلك المادة والتعليمات، ومرة بالاستناد لقانون اخر ومادة وتعليمات اخرى مناقضة تماماً. ما زلنا في جزء عظيم من شؤوننا السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والجنائية نخضع لقوانين تعكس فلسفة النظم السابقة، وتناقض تماماً الدستور والحقوق التي يمنحها، وهذا تعارض شديد يعطل الدستور من جهة، ويجدد دورة الظلم والتعسف واستلاب الحقوق من جهة اخرى.
يلقي كثيرون اللوم على مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية، ويقولون انها تمسك العصى من الوسط، وانها لا تحسم القضايا، ولا تبادر لانهاء التناقضات في التشريعات النافذة.. وهذا قد يكون صحيحاً في عدد من الامور.. ولكن قبل توجيه مثل هذه الانتقادات، لابد من التذكير بان السلطة القضائية برئيسها واعضائها تحملوا اعباء عظيمة تفوق قدراتهم، وانهم بذلوا جهوداً جبارة وصبورة، واستطاعوا استكمال الكثير من البنى والمنجزات، وقدموا في لحظات حاسمة الحلول التي انقذت البلاد، رغم ما يتعرضون له من تهديدات واختطاف واغتيال لهم ولافراد اسرهم، ورغم كل الظروف الصعبة والاعمال الارهابية والضغوطات المتباينة للسلطات والقوى المختلفة او اغراءاتها. صحيح انها الجهة التي يجب ان تقترح وتجري اصلاحات كبيرة في التشريعات، ولكن الامر ليس احادياً يعتمد عليها فقط، او بسيطاً، بل يتطلب تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية، اضافة للاعلام والراي العام وقوى المجتمع المدني والقوى السياسية. فهناك صعوبات جمة، اولاً بسبب تركيبة السلطة القضائية الموروثة نفسها، والثاني بسبب ارتباك وتناقضات وضغوطات قوى المجتمع والدولة. مما يتطلب تعاون الجميع وتفهمهم، وهذه بعض الملاحظات:
عادل عبد المهدي