Menu
Al-adala
Al-adala

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
صدق الله العلي العظيم

مباراة الاردن والعراق.. أول الغيث قطر؟

الافتتاحية - عادل عبد المهدي - 5:01 - 02/06/2017 - عدد القراء : 1376

يتضمن الرفع الجزئي ابعاداً غير رياضية ايضاً. سنترك الجوانب الفنية والرياضية لاصحاب الاختصاص لنقف بسرعة عند الدلالات الاخرى:

  1. شكراً لجميع القوى التي ساهمت في تحقيق الامن وهذه الاجواء والانضباط الرفيع المستوى في الملعب وخارجه. فحضور حوالي 60 الف متفرج سيعطي انطباعاً داخلياً وخارجياً بان مزاجاً عاماً يتغير، وان هناك سيطرة وتحسناً امنياً ليس في الجبهات فقط، بل في حماية المواطن والحياة اليومية.. فهذه المباراة جاءت بعد يوم واحد من عمليتي “الكرادة” و”التقاعد”. ويشعر الانسان بالغبطة، انه بعد يومين اعادت مرطبات “الفقمة” المستهدفة بالعملية فتح ابوابها، ووزعت المرطبات مجاناً للمارة، مؤكدة شعار “نحيا ولا نُهزم”. فهناك مزاج شعبي متصاعد يرفض الانهزام والسماح للارهاب اختراق معنوياتنا وصفوفنا، وهناك تحسن امني تدريجي، وهو انتقالة نوعية عن التدهور الامني التدريجي الذي عاشه العراق سابقاً، او بدأت بعض البلدان بالمعاناة منه مؤخراً.
  2. كما حصل في اربيل، وكما سيحصل ان شاء الله في كربلاء، فقد مثلت المباراة صورة للوحدة ورغبة عموم الشعب لعودة الحياة الطبيعية.. ومثلت ايضاً تحسن العلاقات مع دول الجوار. وهو ما سينعكس ايجابياً على الاوضاع الداخلية والخارجية، السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية. فعودة البسمة والفرح والاحتفالات هي اهم من الفوز بالمباراة. فشعبنا لا ينتصرعلى “داعش” فحسب، بل على نفسه أيضاً.
  3. تصرف الجمهور البصري والعراقي بروح رياضية مثالية واريحية عالية، فله كل الشكر.. والشكر موصول للحكومة الاتحادية والمحلية، وللسيد وزير الشباب، وللجنة الاولمبية وللاتحاد، وكل من عمل سابقاً وحالياً للوصول لهذه النتيجة. كذلك الشكر للاردن الشقيق ولكل الدول التي ساعدت العراق للخروج من الأسر والابتزاز.
  4. كانت الصور الحية التي رأها المشاهدون في داخل العراق وخارجه مثار اعجاب واستحسان الجميع. فالعراق ليس بلد البؤس والتفجيرات كما يريد الاعداء والمنهزمون طبعه في الاذهان.. بل هو بلد الرافدين والنخيل والحياة والجمال. شامخاً لا يموت الا واقفاً كنخيله وجباله. فان قطعوه واحرقوه ومنعوا الماء عنه، سيحيا من جديد، فجذوره تمتد عميقاً في الارض. جميلة هي صور الملعب العصري بعمارته وتجهيزاته، والتراثي ببصريته وبرمزية السندباد والسعفة (جذع النخلة) والشناشيل، لهذا اعتبر في الصف الاول للملاعب الجميلة في العالم.. وجميلة صور البصرة والجسور المعلقة والاضاءة، فاذا كان هذا الجمال ممكناً ليلاً، فانه ممكن صباحاً مع بعض الجهود الاضافية. واذا كان عزم العراقيين قد استطاع رفع الحظر، واقامة مباراة دولية ناجحة بكل المعايير، فهو قادر على تجاوز بقية الصعوبات. اما الصور الاهم فهي صور المشجعين والمشجعات وهم يهتفون لفريق الاردن الشقيق، كما يهتفون لفريقهم.. ويرفعون الاعلام العراقية والاردنية، وصور المتطوعين الذين يجمعون النفايات بعد المباراة، مؤكدين رغبة وطنية عارمة للانفتاح على الحياة الكريمة والمستقبل والعالم ودحر سلوكيات العزلة، المفروضة من الاخر، او التي نفرضها على انفسنا.
  5. الشيء الاهم الانتصار على النفس. فالاجراءات والتنظيم وروح الحماس وتشجيع اللاعبين، وتصريحات الاخيرين باهمية لعبهم بين جمهورهم هي ولادات جديدة، يجب ان ترعى، بدون مزايدات. ففي مثل هذه الامور لن ينجز احد شيئاً بمفرده. ومن يدعي ذلك سيشيع ثقافة غبن الاخر التي سترتد عليه ايضاً. فالعمل الجماعي والمؤسساتي والتخطيط والسياسات الناجحة هي التي تقلب المسارات. فاذا كانت “الفيفا” قد فرضت حظراً على كرة القدم، فنحن فرضنا حظراً على انفسنا في كرة السلة واليد والطائرة والسباحة وغيرها من فعاليات رياضية وفنية وادبية واجتماعية، كان يمكن اقامتها، ولم نقمها بسبب الانقسام والاحباط والتيهان الذي اصابنا. فهذه الفعاليات في حسابات الامم الحية أهم من السياسة والحروب. فبعد الحرب العالمية الثانية اعترفت الكثير من الدول سياسياً بالمانيا الغربية وقاطعت المانيا الشرقية. لكن الاخيرة استطاعت عبر الرياضة والفعاليات والفنون وتقدم ابطالها ان ترغم العالم على رفع علمها وعزف نشيدها في معظم المحافل الدولية. فلا احد يستطيع ان يهزم امة قبل هزمها داخلياً. وهناك الكثير من المؤشرات، اننا نستعيد ثقتنا بانفسنا، مصداقاً لقوله تعالى {ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم}.

عادل عبد المهدي

blog comments powered by Disqus

مقالات مشابهة

العدالة PDF

Capture

ملحق العدالة

mulhaq-preview

استبيان

الطقس في بغداد

بغداد
30°
28°
Thu
30°
Fri
الافتتاحية